الظاهرة تتفاقم وتثير مخاوف التجار والمختصين
"أنا ولية... ما تفضحنيش".. سرقات نسائية تحت أعين الكاميرات

- 385

أعرب العديد من أصحاب المحلات التجارية، عن أسفهم الشديد لتفاقم ظاهرة السرقة في أوساط النساء أكثر من الرجال، حيث ترصد كاميرات المراقبة يوميا، مشاهد متكررة لهن، وهن يخفين المسروقات في ملابسهن بكل جرأة ودون خوف. والمثير للاستغراب، حسب التجار، أنه بمجرد القبض عليهن، يتوسلن لعدم نشر صورهن أو التبليغ عنهن، مستخدمات عبارة: "أنا ولية… ما تفضحنيش". غير أن استفحال هذه الظاهرة، دفع المختصين في علم الاجتماع، إلى محاولة دراسة خلفياتها ودوافعها.
لم يعد وجود كاميرات المراقبة مقتصراً على محلات الذهب فقط، كما كان في السابق، بحكم قيمة السلع، بل أصبحت اليوم ضرورة حتى في المحلات الصغيرة والأسواق الشعبية. ويؤكد التجار، أن السبب يعود إلى تفاقم ظاهرة السرقة بشكل لافت للانتباه، حيث لم تعد مقتصرة على فئة الشباب، بل امتدت إلى الكهول وحتى الأطفال، والأدهى أنها شملت شريحة واسعة من النساء.
كاميرات المراقبة… من محلات الذهب إلى الأسواق الشعبية
والمؤسف. حسبهم، أن النساء اللواتي يسرقن لا يظهر عليهن الاحتياج، بل يبدين بمظهر ميسور الحال أو حتى على درجة من الرفاهية. وتكشف الكاميرات، أن بعضهن لا يترددن في التوجه مباشرة إلى أماكن حفظ الأموال لسرقتها. لهذا أصبحت الكاميرات وسيلة ردع أساسية، خاصة وأن من تسرق مرة، غالباً ما تعيد الكرة وفي نفس المحل، وعندما تُضبط، تتحجج بالاحتياج وتطلب التسامح. وفي كثير من الأحيان، يهددن بفضحهن عبر مواقع التواصل الاجتماعي على إعادة ما سرقنه، غير أن بعضهن يعدن للسرقة مرة أخرى، وهو ما يدفع التجار إلى تقديم شكاوى رسمية لقطع الطريق عليهن.
وفي تحليله لهذه الظاهرة، أوضح الأستاذ مراد سالي، المختص في علم اجتماع الجريمة، أن السرقة في مفهومها الكلاسيكي، هي الاستيلاء على ملك الغير، وهي سلوك موجود لدى المرأة منذ القدم، غير أنها عرفت في السنوات الأخيرة، تصاعداً لافتاً بفعل التحولات التي يشهدها المجتمع. ويرى سالي أن خروج المرأة إلى العمل، وتحررها النسبي، ورغبتها في تلبية احتياجات اجتماعية متزايدة، كلها عوامل ساهمت في تغذية هذه الظاهرة.
وأضاف أن بعض النساء يسعين إلى الظهور بمظهر اجتماعي لائق، وامتلاك المال واللباس الجيد، وتلبية مختلف الرغبات، وهو ما يدفع بعضهن، في حال العجز عن تحقيق ذلك بطرق شرعية، إلى اللجوء إلى السرقة، باعتبارها وسيلة سهلة وسريعة، رغم أن كاميرات المراقبة تكشفهن.
هشاشة القيم الأسرية
المختص الاجتماعي، أشار كذلك إلى أن تنامي سرقات النساء يعكس هشاشة المنظومة القيمية في المجتمع، حيث تم التخلي عن الدور الأساسي للأسرة في تربية الأبناء على الأخلاق. والدليل، حسبه، أن بعض النساء يقمن بالسرقة رفقة أبنائهن، وهو ما وثقته الكاميرات، وعُرض في مواقع التواصل الاجتماعي، ما يعني إشراك الجيل الجديد في هذا السلوك السلبي.
ويرى المتحدث أن المجتمع بات أكثر مادية ونفعية، وأن الفوارق الاجتماعية المتزايدة، دفعت بعض النساء إلى محاولة تقليصها، باللجوء إلى السرقة، لتلبية احتياجاتهم وتحقيق نوع من التوازن الاجتماعي.
وختم الأستاذ مراد سالي، بالتأكيد على أن تفشي هذه الظاهرة، يعكس وجود خلل بنيوي في المجتمع، الأمر الذي يستدعي إعادة النظر في التحولات الحاصلة، ووضع سياسة جنائية جديدة، تراعي المستجدات، وتعمل على معالجة ظواهر الإجرام التي أصبحت ترتكب علناً، وفي وضح النهار، دون خوف أو حرج.