خبراء التغذية يحذّرون من المضافات الغذائية

ألوان خادعة ونكهات قاتلة!

ألوان خادعة ونكهات قاتلة!
  • 161
نور الهدى بوطيبة نور الهدى بوطيبة

تغلغلت المضافات الغذائية خلال السنوات الأخيرة، في تفاصيل حياتنا اليومية بشكل مثير للقلق! وبدأت تزحف بصمت نحو كل ما نأكله ونشربه حتى أصبحت حاضرة دائما في أغلب المنتجات الاستهلاكية؛ من الحلوى والمشروبات إلى الخبز ومشتقات الحليب. وبعدما كانت تُستخدم، بقدر محسوب، في حفظ الغذاء، باتت، اليوم، تُستخدم بكثافة لتحسين الشكل، أو تضخيم النكهة، وإطالة عمر المنتج.. ولو كان ذلك على حساب صحة الإنسان!.

المضافات الغذائية ليست اختراعا جديدا، لكنّها تحوّلت في العقود الأخيرة، من أدوات ضرورية لحفظ الغذاء، إلى وسيلة تسويقية، وتجارية بحتة تُستخدم في التأثير على الطعم، والمظهر، ومدّة حفظه، غالبا على حساب الصحة العامة. والأدهى من ذلك أنّ كثيرا من هذه المواد تدخل في تركيبة منتجات واسعة الاستهلاك؛ مثل الحلوى، والمشروبات الغازية، ورقائق البطاطس، والعصائر الموجّهة للأطفال، وحتى بعض مشتقات الألبان، والمخبوزات "الجاهزة".

وفي زحمة الألوان والنكهات التي تغمر أرفف المتاجر، ينساب الخطر في صمت، لا على هيئة فيروس ولا جرثومة، بل تحت أسماء مشفّرة تبدأ بحرف "E" وتنتهي بأرقام مجهولة لا يدرك المستهلك معناها. مضافات غذائية، مواد حافظة، منكهات صناعية، ومحليات اصطناعية، كلّها تُدرج في قوائم المكوّنات بعبارات خادعة، تجميلية، بينما تخفي وراءها آثارا صحية قد تكون مدمّرة، خاصة حين تستهدف الفئات الأكثر هشاشة كالأطفال!.

خبيرة التغذية آسيا مهماه دقّت، في حديثها مع "المساء" وفي تصريحات متكرّرة ضمن حملات التوعية التي تقودها عبر صفحاتها الرسمية من منصات التواصل الاجتماعي، ناقوس الخطر بقولها إنّ "الكثير من الأسر تجهل أنّ هناك موادَّ مضافة تُستخدم يوميا في طعام الأطفال، قد تؤدي إلى اضطرابات سلوكية، وفرط النشاط، وحتى مشاكل مناعية وهضمية مزمنة. المطلوب ليس، فقط، قراءة المكوّنات، بل فهم ما تعنيه فعلاً تلك الرموز، وخاصة فهم مخاطرها وتأثيرها على الصحة".

وأضافت أنّ تلك المواد المضافة عديدة. وكثير منها سموم، أخطرها E102  ؛ ما يعرف بـ"تارترازين". وهي صبغة صفراء اصطناعية مرتبطة بفرط النشاط عند الأطفال. وقد تسبّب ردود فعل تحسسية، سبق أن حذّرت منها منظمة حماية المستهلك قبل أيام بعد تسرّب خبر منع تونس استيراد تلك المنتجات التي تحوي على تلك المادة، والتي تضاف في العصائر، ورقائق البطاطس، وحتى الحلوى الموجّهة للطفل، إلى جانب E951، واسمه "الأسبارتام"، وهو محلّى اصطناعي يُستخدم في المنتجات "الدايت". وهناك جدل علمي واسع حول علاقته بالصداع النصفي واضطرابات الجهاز العصبي، تضيف الخبيرة.

وإلى جانب مضافات أخرى، تقول، مثل E621  ، وهو "غلوتامات أحادية الصوديوم" على شكل محسّن نكهة واسع الاستخدام، يُعتقد أنّه يسبّب الصداع أيضا، وخفقان القلب، وبعض المشاكل العصبية، إلى جانب النتريت والنيترات E250، E251. ويُستخدمان في حفظ اللحوم. لكن الدراسات تربطها بزيادة خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان، وهذا دليل على أنّ تلك المنتجات ليست بريئة كما يعتقد البعض، أو مضافات طبيعية، بل بعضها يدخل في تركيبتها مواد كيماوية عالية الخطورة.

وتقول مهماه إنّ المقلق في الأمر أنّ هذه المواد لا تُستخدم فقط في الأطعمة "الضارة" تقليديا، بل في منتجات يُفترض أنّها موجّهة للأطفال أو تسوَّق على أنّها "صحية" مثل عصائر الفواكه الصناعية أو الزبادي بنكهة الفاكهة، والتي تبدو أنّها تراعي معنى "الطبيعية" في تغليفها، لكنّها سامة وخطيرة على الصحة.

وحذّرت المتحدثة من خطورة التراكم اليومي لهذه المواد، خاصة في أجسام الأطفال؛ حيث تكون الأجهزة المناعية والهضمية أكثر حساسية، مشدّدة على أنّ الخطر ليس في تناول مادة مضافة مرة واحدة، بل في التعرّض اليومي والمستمر لها؛ ما يؤدي إلى تراكمها، وتأثيراتها التراكمية الخطيرة.  وشدّدت المختصة على أهمية القراءة الواعية للملصقات الغذائية، والعودة إلى التغذية الطبيعية قدر الإمكان، والابتعاد عن المنتجات المعلَّبة التي تعجّ بالمضافات. كذلك تقول: " على الجهات الصحية والتربوية تعزيز التثقيف الغذائي بدءا من المدارس »، مؤكّدة أّن الوقاية تبدأ بالمعرفة قبل كلّ شيء.