مكافحة كوفيد-19 بقسنطينة

أخصائيون يواجهون الفيروس ويحذرون

أخصائيون يواجهون الفيروس ويحذرون
  • القراءات: 712

يبدو أن الوضعية الوبائية بقسنطينة مستقرة ومتحكم فيها، لكنها مقلقة بعض الشيء إلى درجة أن الأخصائيين بالرغم من كفاحهم المستمر وقدرتهم على الصمود أمام كل اختبار، يشعرون بالحيرة في وجه هذه العاصفة الصحية المستمدة من فيروس كورونا ذي الهندسة المتغيرة، ولكن أيضا من عوامل انتشاره المتسببة في ظهور بؤر وبائية جديدة.

هي بؤر وبائية ظهرت وبقوة بعد رفع الحجر الصحي عن بعض الولايات وتعديل مواقيت الحجر الجزئي عن مناطق أخرى من الوطن؛ ما تسبب في ارتفاع حالات العدوى بكوفيد-19، وهو ما يرجع أساسا إلى عدم التزام العديد من المواطنين بإجراءات التباعد الاجتماعي في الأماكن العمومية، وبالمرافق التي تعرف إقبالا كبيرا من المواطنين.

ومن هذا المنظور تكون عاصمة شرق البلاد وعلى غرار المدن الكبرى للبلاد، قدّمت جدولا وبائيا "مقلقا" منذ أسبوع، حسب مدير الصحة والسكان عديل دعاس، الذي أكد أن هناك ارتفاعا في عدد حالات الكشف والاستشفاء عبر المؤسسات الصحية الثلاث المخصصة للتكفل بمرضى كوفيد-19، التي توفر ما مجموعه 264 سريرا، ويتعلق الأمر بـ "تفادي ظهور بؤر وبائية جديدة؛ من خلال تعقب الأشخاص المصابين بهذا الفيروس من أجل عزل وكسر سلسلة العدوى"، حسبما أوضح ذات المسؤول، الذي أكد أن "4 آلاف شخص تم تعقّبهم ومتابعتهم منذ بداية الجائحة بولاية قسنطينة، التي بقيت لأسابيع عديدة ضمن الولايات الخمس الأولى الأكثر تضررا بهذا الفيروس. فالمهمة كبيرة التي تقوم بها الفرق التابعة لستّ مصالح وبائية وللطب الوقائي بالولاية، مدعمة بأطباء وحدات الكشف والمتابعة في الوسط المدرسي، وكذا طب العمل على الخصوص، الذين ينسقون جهودهم يوميا للقيام بتحقيقات وبائية معمقة على مستوى العائلة، وداخل محيط عمل المرضى المصابين بالعدوى، وحث المواطنين على التقيد الصارم بالإجراءات الوقائية؛ كإجبارية ارتداء القناع الواقي في الأماكن العمومية. كما وُضع بداية الأسبوع مخطط اتصال محلي من طرف الدكتور جمال فورار الناطق الرسمي للجنة العلمية المكلفة برصد ومتابعة فيروس كورونا بالجزائر؛ قصد تحسيس المواطنين بضرورة الالتزام بالسلوكات الاحترازية من أجل " كسر سلسلة العدوى".

تحديد الحالات "فائقة الانتشار"

يرى، في نفس السياق، البروفيسور جمال زوغيلش، طبيب مختص في علم الأوبئة والطب الوقائي بالمركز الاستشفائي الجامعي بقسنطينة، أن "عملية تعقب المصاب تُعد واحدة من التدخلات الأساسية الواجب القيام بها من أجل كسر سلسلة العدوى، وهي المهمة التي تتعلق أساسا بنشاط المصالح الوبائية للطب الوقائي على النحو المنصوص عليه في المخطط الوطني لمواجهة تهديدات كوفيد-19". وأضاف البروفيسور زوغيلش أن "تعقب المصاب ليس بالمهمة السهلة، والبحث عن جميع الأشخاص الذين ربما كانوا في اتصال بالمريض الذي تأكدت إصابته، يجب أن يكون مرافَقا بإجراءات التكفل وحماية هؤلاء الأشخاص ومحيطهم؛ من خلال حجرهم سواء في بيوتهم أو من الأفضل في الأماكن المخصصة لذلك، ومن خلال تأطير طبي إلى غاية تأكيد عدم نقل كل شخص العدوى".

وحسب نفس المختص، فإن فرق المصالح الوبائية للطب الوقائي يجب أن تحدد "الحالات فائقة الانتشار للعدوى، المسؤولة عن تفشي حالات الإصابة على غرار التجمعات المناسباتية بالأماكن العمومية، ووسائل النقل الجماعي والمؤسسات العلاجية؛ من أجل كسر سلسلة العدوى بالفيروس مع مراقبة هذه الحالات خلال الأشهر المقبلة، لتفادي ظهور موجة ثانية محتملة بدون الحاجة إلى اللجوء للحجر الصحي الشامل"؛ فقد سجلت ولاية قسنطينة منذ بداية الأسبوع الجاري، ذروة في حالات العدوى بكوفيد-19؛ من خلال أكثر من 600 إصابة و25 حالة وفاة، تتوزع 50 بالمائة منها على مختلف القطاعات الحضرية بعاصمة الولاية. وفي رأي بعض الناشطين بقطاع الصحة ممن تقربت منهم وأج، فإن "الوضعية بهذه الولاية كان من الممكن أن تكون أقل قلقا لو أن جميع المواطنين امتثلوا للقواعد الوقائية الصحية؛ من خلال احترام ارتداء القناع الواقي بالأماكن العمومية، وتفادي الاختلاط والتجمعات العائلية".

أحلام الطبيبة والعضو الناشط ضمن مجموعة عبر منصة التواصل الاجتماعي "فايسبوك" المخصصة للتحسيس بمخاطر كوفيد-19، تأسفت لرؤية في الأيام الأخيرة مواكب الزفاف والمتفرجين عليها بدون أقنعة واقية، يتجولون دون وجهة محددة، رافضين التصديق بوجود فيروس كورونا الذي تسبب في هلاك آلاف الأشخاص عبر العالم. وأضافت: "يجب أن يفهم الناس تماما أن هذا الفيروس موجود، وأنه خطير للغاية، ولا يمكننا حاليا القيام بأي شيء من أجل القضاء عليه بدون احترام السلوكات الاحترازية

وتكييف أسلوب حياتنا مع هذا الوضع الاستثنائي". ونشرت أحلام في الساعات الأخيرة لفائدة متصفحي مجموعتها تقول: "يجب أن نتعلم العيش مع كوفيد-19".

يُذكر أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أشار، الأحد الفارط خلال مجلس الوزراء، إلى "تصرفات بعض المواطنين، الذين يريدون إيهام غيرهم بأن الوباء مجرد خرافة مختلَقة لأغراض سياسية، "مستغربا" عدم مسؤولية هؤلاء، بينما الموتى من جراء هذه الجائحة يُعدون بالآلاف يوميا عبر العالم، بدءا بالدول الأكثر تقدما".