التعليم في ظل التطور المعرفي السريع
أخصائيون يلحون على الاهتمام بالتكنولوجيا

- 851

ناقش أخصائيون في علم الاجتماع والتربية والنفس من 23 جامعة، بمناسبة مشاركتهم في أشغال الملتقى الوطني حول ”قضايا التعليم في ظل التطور المعرفي السريع”، مختلف الإشكاليات التي يعاني منها التعليم في ظل التطور المعرفي السريع، واقترحوا بالمناسبة، جملة من الحلول التي ينتظر أن ترفع للجهات الوصية من أجل إعادة صياغة الإستراتيجيات المعمول بها في قطاع التعليم، للحد من صعوبات التعلم والانتقال من مبدأ التعليم للجميع إلى التعليم النوعي للجميع.
افتتح الملتقى بمداخلة لرئيسة الملتقى، الدكتورة مليكة شعباني، التي أوضحت في كلمتها، أن الهدف من تنظيم الملتقى؛ الوصول إلى معرفة إلى أي مدى مست التطورات التكنولوجية الحديثة مختلف الأطوار التعليمية، من خلال الوقوف على الآليات المعتمدة لمواجهة صعوبات التعلم، خاصة ما تعلق منها بذوي الإعاقة.
من جهة أخرى، أشارت رئيسة الملتقى إلى أن التطورات التكنولوجية مست كل قطاعات التعليم، من خلال إدراج تقنيات التعلم عن بعد، والصيغ السمعية البصرية، خاصة بالنسبة للفئات المعاقة والتعامل مع البرامج الإلكترونية باللوحات الذكية، غير أن هذا يظل غير كاف بالنظر إلى بعض الصعوبات التي ينتظر أن يجد لها المتدخلون حلولا لبلوغ التعليم النوعي وجعله يواكب التطورات.
من جهتها، أوضحت رئيسة الجامعة فتيحة زرداري في كلمتها ”أن ما تعتقد أنه يعاني منه قطاع التعليم اليوم، يتمثل في ضعف النوعية والجودة، رغم أنه متاح للجميع من منطلق أنه بالمجان، بالتالي المنظومة التربوية اليوم بحاجة إلى رؤية واضحة، خاصة أن الأبناء يعانون في المدارس من ضعف التحصيل، بالنظر إلى أن التعليم لا يزال يعتمد على طريقة التلقين التي قتلت روح الإبداع، ومن هنا تؤكد ”تظهر الحاجة إلى إعادة تجهيز الأطوار التعليمية بالوسائل المساعدة على مواكبة التطورات العلمية والمعرفية”.
أشارت المتدخلة في السياق، إلى أن أهم إشكالية لابد أن يعالجها الملتقى، تتمثل في البحث عن الأسباب التي عززت عزوف التلاميذ وحتى الطلبة عن التعلم، ولعل مقاطعة المتمدرسين للتعليم، خاصة في الفصل الثالث، تحولت إلى ظاهرة بحاجة إلى بحث أسبابها وعلاجها، مضيفة في السياق، أن ما يعاب اليوم، غياب ممثلي الهيئات التربوية عن حضور مثل هذه الملتقيات التي تخرج في الكثير من الأحيان بنتائج تساهم في الإجابة عن الأسئلة للوصول إلى تعليم نوعي.
من جهته، أوضح عبد الكريم سايج، رئيس رابطة القلم لدى تدخله، أن تعليم الكبار لا يزال تعليما تقليديا، ومن الصعب إدراج التكنولوجيا بالنظر إلى الصعوبات الكثيرة التي تعانيها هذه الفئة في التعلم، ومن ثمة، فإن كبار السن عادة ما يفضلون التعلم بالورقة والقلم والسبورة، ويتطلب تغيير منهجية التعليم لهذه الفئة، إمكانيات كبيرة قد تفتح باب الخوصصة في قطاع محو الأمية.
من جهة أخرى، أشار المحاضر إلى أن أغلبية المقبلين على فصول محو الأمية يودون محو أميتهم، فقط من خلال تعلم بعض الأبجديات التي تمكنهم من القراءة والكتابة، ونسبة 2 بالمائة فقط تواصل التعلم.
قدم الأستاذ زهير بوخيار، أخصائي في اللسانيات، مداخلة بعنوان ”المنهاج الدراسي لمحو الأمية في الجزائر”، أوضح من خلالها أن الغاية من تعليم الكبار ومحو أميتهم، هو تمكينهم من التواصل والتعامل مع النصوص الوظيفية، غير أن الملاحظ هو التركيز على المنهاج الأدبي، مما يجعل الأمي غير قادر على الاستفادة مما تعلمه، فمثلا يصعب عليه تعبئة استمارة أو كتابة طعن، الأمر الذي يدعونا إلى إعادة النظر في المقاربة التعليمية الموجهة لكبار السن.
من جملة الاقتراحات التي يرى المحاضر ضرورة إدراجها في منهجية تعليم الكبار، ضرورة معرفة الأهداف التي يتطلع إليها المقبلون على فصول محو الأمية، ومن ثمة يجري الفصل بينهم، فمن يرغب في التعلم فقط ليعرف القراءة والكتابة، يدرج في أقسام خاصة، أما من يرغبون في محو أميتهم لتحقيق بعض الأغراض المرتبطة مثلا بالتكنولوجيا أو بلوغ مستويات تعليمية متفوقة، تعد لهم برامج وأقسام خاصة، مشيرا إلى أن تحقيق هذه المقترحات ممكن، إذا ما تم الاهتمام أكثر بهذا القطاع الذي أصبح يستقبل عددا كبيرا من الراغبين في محو أميتهم.
استعرضت المحاضرة أسماء لشهب من جامعة الوادي، محاضرة بعنوان ”استخدام التعليم الإلكتروني في تدريس مادة الفيزياء”، حيث أوضحت من الدراسة الميدانية التي قامت بها، أن الضعف المحصل في مادة الفيزياء، خاصة في المرحلة الثانوية، مرجعه عدم الدافعية لتعلم المادة بالطريقة التقليدية التي تحول هذه المادة التجريبية إلى نشاط نظري، واقترحت بالمناسبة، العمل على تزويد المؤسسات التربوية بالوسائل التكنولوجية التي تستقطب اهتمام التلاميذ وتخلق لديهم المحفز للتعلم، وهو ما كشفت عنه تتائج الدراسة التي أثبتت ”أن التعليم الإلكتروني يثير الدافعية ويكسر الروتين التقليدي في العملية التعليمية، ”مقترحة” أن يتم إدراج التعليم الإلكتروني في جميع المواد العلمية التطبيقية، لتقريب المفاهيم وخلق الدافعية لدى المتعلم للتعلم”.
للإشارة، تم على هامش الملتقى، تكريم عدد من طلبة صفوف محو الأمية نظير الجهود التي بذلوها في سبيل محو أميتهم، كما تم بالمناسبة، تكريم تلاميذ التريزوميا من جمعية” أنيت”.