«الشدة» التلمسانية رمز الأصالة للزيانيين

- 6178

تعتبر «الشدة» التلمسانية من التقاليد العريقة لسكان مدينة الزيانيين، فهي لباس تتزين به العروس يوم زفافها وتعتبره العائلات رمز الأصالة والانتماء، تطلق عليه المرأة لباس «الهمة والشان»، ويصل وزن هذا اللباس إلى 15 كلغ، لأن أساسه الذهب أو الفضة الخالصة أو أحيانا النحاس، ومرصع بالأحجار الكريمة واللؤلؤ والجوهر، ومطرز بخيوط ذهبية.
تعتبر الشدة أرقى لباس تقليدي في حضارة الزيانيين، ويعود تاريخه إلى القرن الحادي عشر. يتكون من فستان حريري واسع الأكمام مصنوع من قماش رقيق وشفاف يسمى القطيفة، يكون ذلك اللباس السفلي المعروف بـ«القفطان»، أما الجزء العلوي فتغطيه حبات اللؤلؤ الأبيض، ومغطى بالدانتيل المعروف بـ«الفتلة»، وهو محاك بخيط ذهبي يختص البعض في خياطته لأهميته في هذا اللباس التقليدي.
العروس التلمسانية أو تلك التي يتزوجها الرجل التلمساني، لابد أن يكون لباسها الأول «الشدة»، وهي عبارة عن لباس تقليدي محاك من خامة المخمل الخالص، ويطرز بخيوط ذهبية أو أخرى فضية، على حسب ذوق العروس، ليغطى الجزء العلوي كله بالمجوهرات التي تغطي جزءا كبيرا من جسم المرأة، أياديه من الدنتيل الذهبي يغطي تقريبا كافة اليد، ليبقى جزء صغير منه يزين بأساور من ذهب.
أما الأذنان فتزينان بأقراط مخرزة كبيرة الحجم تسمى بالقرص، ويوضع حول الخصر منديل يسمى «المثقلة»، يتميز بخيوط ذهبية عريضة، وفي منطقة الصدر يلبس قفطان قصير يطلق عليه الجوهر، وهو مرصع بنحو 50 صنفاً من المجوهرات التلمسانية التقليدية الذهبية، ويوضع فوق الرأس تاج مخروطي الشكل هو الآخر مصنوع من المخمل المطرز، يوضع بشكل محكم لتلف عليه كل من «الجبين»، «الزروف» بعدد يختلف من عائلة لأخرى، يكون عادة «جبين» واحد و7 «زراريف». لباس يوحي للناظر إليه أنه ملكي، تتزين به العروس وكذا النسوة المتزوجات عند حضورهن لزفاف، إذ لا يجوز للفتاة «العاتق» غير المتزوجة لبسه، إلا عندما تكون فتاة صغيرة وتصوم لأول مرة يمكن أن تلبسها الأم إياه، وتتجول بها في الحي لتذهب بعدها عند «المصور» لأخذ صور تذكارية كنوع من الاحتفال بهدف تشجيعها على الصيام والصبر.
فلباس الشدة يتألف من 12 قطعة متناسقة فيما بينها ومحكمة، أبرزها «الشاشية» و«القفطان»، تساعد العروس في لباسه امرأة تسمى بـ«الشادة»، لها مساعدتها تكون عادة ابنتها، أو أحد قريباتها تستغرق في ارتدائه حوالي ساعة من الزمن إلى ساعة ونصف الساعة، حسب خبرتها، ودور مساعدتها هو حمل القلادات وتثبيتها حتى تتمكن «الشادّة» من تعليق المجوهرات بطريقة دقيقة ومتناسقة.
وقد تم تصنيف الشدة التلمسانية كلباس تقليدي عالمي من طرف منظمة «اليونسكو» عام 2012، لقيمته التاريخية والجمالية والحضارية، ولأنه لباس ملكي كان يرتديه قديما الملوك الزيانيون في المدينة العريقة، ومن ميزات هذا اللباس أنه يجمع بين حضارات عديدة تعاقبت على مدينة تلمسان وشكلت في نهايتها الشدة التلمسانية، تمثل اليوم فخر واعتزاز التلمسانيين لا يمكن أن تستغني عنه الفتاة يوم زفافها.