من كتاب فضحية "ووترغيت" إلى كتاب "الغضب"

هل ينهي الصحفي وود وارد مسيرة الرئيس ترامب كما فعل مع نيكسون،،،؟

هل ينهي الصحفي وود وارد مسيرة الرئيس ترامب كما فعل مع نيكسون،،،؟
  • القراءات: 795
م. مرشدي م. مرشدي

هل يعيدها الصحفي الأمريكي المخضرم، بوب وود وارد هذه المرة أيضا ويكون سببا في إنهاء حلم الرئيس دونالد ترامب في البقاء رئيسا للولايات المتحدة لعهدة ثانية بالنظر إلى وقع الزلزال الذي أحدثته مقاطع مسربة من كتاب "الغضب" الذي سيصدر هذا الثلاثاء والذي فضح من خلاله سوء تعامل الرئيس ـ المرشح مع تبعات فيروس "كورونا" وتهوين خطره وعدم قول كل الحقيقة لعامة الأمريكيين؟.

ويطرح هذا السؤال كون نفس الصحفي هو صاحب كتاب فضيحة "ووتر غيت" التي أرغمت قبل 46 عاما الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون على تقديم استقالته بسبب عمليات تنصت على مكالمات في البيت الأبيض، ضمن فضيحة لم يصمد أمام ارتداداتها. 

ويبدو أن الرئيس دونالد ترامب كتب له القدر ألاّ يخرج من وقع قنبلة كتاب ضده حتى يجد نفسه أمام دوي قنبلة أشد وقعا في أقل من 51 يوما قبل موعد الانتخابات الرئاسية في الثالث من نوفمبر القادم إلى درجة أنه لم يعد يجد الوقت للرد على مضمون كتاب والتقليل من وقع صدمته حتى يجد نفسه في قلب عاصفة منشور بفضائح أكثر وقعا، والتي ساهمت في تراجع شعبيته أمام منافس ديمقراطي عرف كيف يستغل عثراته المتلاحقة في تسيير مقاليد دولة بحجم وقوة الولايات المتحدة.

وإذا كانت الكتب التي نشرت إلى حد الآن لم تؤثر فيه بالقدر الكافي وجعلته يصمد في وجه مضامينها رغم أن بعضها من تأليف أفراد عائلته المقربين وجعلته لا يكترث لما حوته من حقائق دامغة إلا أن الرئيس الأمريكي وجد نفسه هذه المرة في موقع المدافع عن النفس وفي موقف ضعف كون توقيت إصدار كتاب "الغضب" جاء في وقت حاسم ولم يترك له المدة الكافية لتبرئة نفسه بما قد يشكل رصاصة رحمة لمسيرته السياسية.

وهو ما يدفع إلى التساؤل حول سر تخصيص الرئيس ترامب للصحفي بوب وود وارد أفضلية محاورته في 18 مرة منذ ديسمبر 2019 وإلى غاية شهر جويلية الماضي فهل كان ذلك لثقة عمياء أو تجاهل لخطر المعلومات التي جاءت في إجاباته على صورته كرئيس أمريكي مسؤول والأكثر من ذلك يطمح للفوز بعهدة رئاسية ثانية؟

 ومهما يكن، فإن اختيار صاحب كتاب فضيحة "ووترغيت" لكتابه الجديد عنوان "الغضب" لم يكن اعتباطيا بدليل درجة الغضب التي انتابت الرئيس، وهو يطلع على بعض ما جاء فيه وخاصة عندما اتهمه بالكذب  حول حقيقة خطر فيروس "كورونا" على حياة الأمريكيين  وراح يؤكد لمحاوره مهونا من درجة فتكه "إنه مجرد زكام عابر ولا داعي لتخويف الناس" من تبعاته.

وقال الرئيس في أحد تصريحاته للصحفي يوم 19 مارس الماضي لقد أردت تخفيف درجة الخطر في أعين الرأي العام الأمريكي في محاولة لتبرير حصد الفيروس لحياة  آلاف الأمريكيين وهو الذي أكد في إجابة على سؤال حول الداء في السابع فيفري أن فيروس كوفيد "شيء قاتل".وتحول هذا "الفيروس" إلى شوكة في حلق الرئيس الأمريكي يشتد ألمها من يوم إلى آخر، وهو مرشح للازدياد لاحقا بعد أن فضح الكتاب تعامل الإدارة الأمريكية باستخفاف مع الحالات الأولى للوباء الذي بدا يقترب تدريجيا من حصد أرواح 200 ألف أمريكي في أكبر حصيلة لضحاياه في كل العالم.ولم يفوت منافسه، مرشح الحزب الديمقراطي، جو بايدن هذه "الهدية" غير المتوقعة التي قدمها له الصحفي الأمريكي وذهب إلى حد وصف منافسه بـ"الخطرو"الكذاب" على شعبه وهو يعلم درجة خطورة فيروس قاتل.

والكذب في عرف الممارسة السياسية الأمريكية، جرم لا يغتفر وخاصة إذا جاء من مسؤول بأهمية رئيس الولايات المتحدة وهو ما جعل صورة الرئيس تتهاوى إلى أدنى مستوياتها في أقل من 51 يوما قبل موعد الثالث نوفمبر. وتجلى ذلك بشكل واضح عبر شبكات التواصل الاجتماعي التي طرح روادها سؤالا يكاد يلقى الإجماع: لماذا كذبت على الأمريكيين؟    

ولم يجد الرئيس ترامب من جواب سوى القول إنني لم أكذب محاولا رمي الكرة في معسكر الصحفي ـ المحاور عندما اتهمه بإخفاء وطيلة عدة أشهر لمعلومات وهو يدرك خطورتها وتساءل: فلماذا لم يقم بنشرها في حينها وتجنيب سقوط ضحايا جدد".

وهو رد تبريري لم يجد من يصدقه وخاصة من أهالي وأسر 190 ألف أمريكي قضوا بسبب فيروس كورونا فجعت في قريب لها بسبب عدم إيلاء الرئيس أهمية ترقى لخطورة هذا الوباء وراح حينها ولكن بعد فوات الأوان يحمّل الصين مسؤولية هذه الكارثة على بلاده.

ولكن منتقدي الرئيس الأمريكي لم يفوتوا مضمون هذا التبرير للتساؤل لماذا واصل الرئيس الأمريكي إجراء أحاديث مع الصحفي منذ ديسمبر 2019 وإلى غاية نهاية شهر جويلية الماضي من دون أن يتفطن بأنه لم يقم بنشرها وتحين الوقت المناسب لإصدار كتابه "القنبلة"؟ وأضافوا أنه ربما حاول كسب ود بوب وودوارد وخصص له تسع ساعات كاملة في أحاديث عبر الهاتف ومقابلات صحفية مباشرة قبل أن يقتنع أنه أخطأ هذه المرة أيضا في تقديراته ضمن هفوة أخرى في مسيرته قد تكلفه كرسي البيت الأبيض.

ويكون الرئيس ترامب قد تفطن لذلك بدليل عدد التغريدات التي نشرها أمس، محاولا الدفاع عن نفسه والتي عكست درجة الخوف التي تنتابه خشية عدم تحقيق حلمه في البقاء في المكتب البيضاوي إلى غاية نهاية سنة 2024.