تأثر بتاريخ المقاومة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي

نيلسون مانديلا والجزائر..علاقة وثيقة ومميزة

نيلسون مانديلا والجزائر..علاقة وثيقة ومميزة
  • 3375
ك . ي ك . ي

كانت لنيلسون مانديلا علاقة "وثيقة ومميزة" مع الجزائر، وطنه الثاني، باعتبار أن رئيس جنوب إفريقيا السابق تأثر بشكل كبير بتاريخ المقاومة الجزائرية ضد الاستعمار الفرنسي، واستلهم منها في مقاومته لنظام التمييز العنصري (الأبرتايد) الذي كان سائدا في بلده. ما فتئ نيلسون مانديلا، الشخصية البارزة في الكفاح ضد نظام الأبارتايد وأول رئيس من أصل إفريقي لجنوب إفريقيا، يؤكد أن "الثورة الجزائرية صنعت مني رجلا" تعبيرا عن الامتنان الأبدي تجاه البلد الذي استقبله خلال الفترة الممتدة بين 1961 و 1962، وبالتالي فإن العلاقة التي كانت تربط مانديلا، المعروف كذلك باسم "ماديبا" (1918-2013)، بالجزائر كانت حميمية ووثيقة، حسب راي عديد المحللين.

ليس من الغريب أن تكون اول زيارة للخارج، لنيلسون مانديلا, بعد إطلاق سراحه من السجن فيفري 1990، بعد أن قضى 27 سنة في زنزانات نظام التمييز العنصري, الى الجزائر، وعليه فإن إقدام نيلسون مانديلا قد وطئت أرض الجزائر لثاني مرة في شهر ماي 1990، ليجد في استقباله رئيس الدبلوماسية الجزائرية حينها سيد أحمد غزالي. وقد بقيت هذه الزيارة التاريخية راسخة في ذاكرة سفير الجزائر السابق بجنوب إفريقيا، نور الدين جودي، الذي كان ترجمانا لمانديلا في سنة 1962.

وحظي نيلسون مانديلا بمناسبة أول زيارة له الى الجزائر، باستقبال الابطال بالقاعة البيضاوية، محمد بوضياف، من قبل الأمين العام لجبهة التحرير الوطنين الراحل عبد الحميد مهري، حيث ألقى الرئيس المستقبلي لجنوب افريقيا لحقبة ما بعد الابارتايد، كلمات تنم عن الامتنان الابدي للجزائر، حيث قال "إنني اول جنوب إفريقي تدرب على حمل السلاح بالجزائر ولما رجعت الى بلدي لمواجهة نظام الابارتايد، شعرت انني اكثر قوة".

كما أضاف "أن الجزائر هي التي صنعت مني رجلا"، وهو الإحساس الذي خلده ماديبا" في مقام الشهيد بالجزائر العاصمة، حيث قام بنصب القبضة الموجهة نحو السماء، التي ترمز للنصر في كفاح الشعبين لافتكاك حريتهما من الاستعمار، وضد نظام التمييز العنصري، حيث يعود هذا الكفاح المشترك إلى ما قبل استقلال الجزائر، اي في سنة 1961 تحديدا. في هذا التاريخ ارسل المؤتمر الوطني الافريقي، نيلسون مانديلا، إلى مختلف بلدان القارة السمراء، بحثا عن الدعم والمساندة للكفاح ضد النظام العنصري للابرتايد، وبعد استقلال الجزائر قام المؤتمر الوطني الافريقي بفتح مكتب بالجزائر حيث كان هذا المكتب ممثلا بشخصيات بارزة في النضال والكفاح ضد الابارتايد، على غرار روبار ريشا وجوني ماكاتيني، الذي كان مسؤولا عن العلاقات الخارجية للمؤتمر، وفي غضون ذلك تعرض نيلسون مانديلا للاعتقال وحوكم في نهاية 1962، على يد نظام التمييز العنصري ببريتوريا.

وحكم عليه بالسجن المؤبد, ولم تطأ قدماه الاراضي الجزائرية مجددا الا سنة 1990 أي بعد ثلاثة أشهر من إطلاق سراحه، وتم خلالها قبول مناضلين في المؤتمر الوطني الافريقي في الاكاديمية العسكرية بشرشال وتابعوا تدريبات جد متقدمة. كما أكد الراحل مانديلا في مذكراته بعنوان "الدرب الطويل نحو الحرية"، أن الثورة الجزائرية كانت بمثابة "مصدر الهام خاص" له، حيث انها شكلت "النموذج الاكثر شبها لنا، لأن المجاهدين الجزائريين كانوا يواجهون مجموعات كبيرة من المعمرين البيض الذين كانوا يهيمنون على غالبية السكان الأهالي".