سيطرة الجيش على حلب شكلت منعرجا حاسما في الحرب السورية

نتائج الغارات الروسية تخلط الحسابات الأمريكية

نتائج الغارات الروسية تخلط الحسابات الأمريكية
  • 869
م. مرشدي م. مرشدي

طغى الحديث منذ أيام حول احتمال تدخل عسكري تركي ـ سعودي في سوريا على تطورات الأوضاع في هذا البلد بما فيها فشل جولة مفاوضات جنيف التي كانت الأمم المتحدة تأمل أن تجعل منها أول انطلاقة عملية لإنهاء حرب أهلية حصدت أرواح 260 ألف سوري. وترددت بإلحاح أخبار بوجد استعدادات تركية ـ سعودية لإرسال قوات عنهما إلى داخل العمق السوري لدعم الفصائل وتنظيمات المعارضة الموالية لهما لصد زحف وحدات الجيش النظامي المدعومة بقوات جوية روسية. وبين تأكيد روسيا على وجود هذه الاستعدادات ونفي تركيا لها، سارعت السلطات السورية من جهتها إلى التحذير من كل مغامرة للقيام بتدخل عسكري في أراضيها "دون ترخيص مسبق" وتوعدت بأن كل جندي يعبر حدودها سيعود من حيث أتى في نعش مسجى سواء كان تركيا أو سعوديا.     

وقال وزير الخارجية السوري، وليد المعلم، إنه يخطئ كل من يعتقد أنه بإمكانه شن عدوان على سوريا أو انتهاك سيادتها. وجاءت هذه التطورات بعد تصريحات جنرال سعودي أكد أن الرياض على استعداد تام للانضمام إلى كل عملية عسكرية برية تقررها قوات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأمريكية. وكانت مصادر سياسية وعسكرية روسية أكدت وجود حشود عسكرية برية تركية على الحدود الدولية مع سوريا وهي على أهبة الاستعداد للقيام بتدخل عسكري في داخل العمق السوري. ولكن السلطات التركية سارعت الى نفي مثل هذه الأخبار وأكدت أنها مجرد أكاذيب لا أساس لها من الصحة وتدفع الى السخرية ووصف الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الاتهامات الروسية بأنها مضحكة وجاءت لتغطي على التدخل العسكري الذي تنفذه في سوريا.

وبين التأكيدات الروسية والنفي التركي أكد البنتاغون الامريكي أنه يرحب بمقترحات سعودية أكدت استعداد الرياض إرسال قوات برية عنها إلى سوريا لدعم عمليات القصف الجوي التي يقوم بها طيران التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في العراق وسوريا. وقال العقيد باتريك ريدر، الناطق بأمس قيادة القوات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط، أن فكرة إرسال قوات سعودية إلى سوريا محل دراسة وهو ما أعطى الاعتقاد أن الفكرة مطروحة بجدية وأنها فعلا قد تدرس وخاصة وأن مسؤولا عسكريا أمريكيا لم يشأ الكشف عن هويته أن إرسال العربية السعودية قوات عنها إلى سوريا سيكون محفزا لدول أخرى في المنطقة لإرسال قوات إلى سوريا.   وجاء المقترح السعودي في سياق النداءات الأمريكية الملحة باتجاه الدول الأعضاء في التحالف الدولي بإرسال قوات برية إلى سوريا من أجل إنجاح عمليات القصف الجوي.

ومهما كانت حقيقة النوايا التركية والسعودية فان مثل هذه المستجدات لا يمكن إخراجها عن سياق المفاوضات التي بادرت بها الأمم المتحدة بداية الأسبوع الماضي بمدينة جنيف السويسرية ولكنها اضطرت إلى تعليقها إلى غاية 25 فيفري الجاري على خلفية تطورات الوضع الميداني الذي عرف في المدة الأخيرة استعادة القوات النظامية لكثير من المواقع الإستراتيجية في عدة محافظات سورية.  وقد استشعر أعضاء وفد المعارضة السورية في مفاوضات جنيف التي ولدت ميتة  ثقل تلك المكاسب الميدانية على المنحى الذي ستأخذه هذه المفاوضات وتيقنوا أن الوفد الحكومي السوري قدم إلى جنيف وفي حقيبته " الانتصارات العسكرية" التي حققها الجيش السوري في حلب وادلب والتي رفعها كورقة ضغط في وجههم.

وبنظر العديد من المتتبعين فان تسريب مثل هذه الأخبار جاء على خلفية تمكن القوات السورية من استعادة سيطرتها على مواقع استراتيجية في هاتين المدينتين التي كانت المعارضة السورية تسعى لتجعل منهما عاصمة "سوريا الحرة" قبل أن تتبخر أحلامها في تحقيق هذا الانجاز الميداني وهو ما شكل منعرج الحرب في سوريا.    وهي الحقيقة التي وقف عليها مفاوضو المعارضة الذين لم يجدوا من وسيلة للتقليل من تأثيرات المكاسب العسكرية للجيش السوري سوى  المطالبة بوقف موسكو لغاراتها الجوية مقابل مواصلة مفاوضاتهم وهو الطلب الذي رفضته هذه الأخيرة وأكدت أن ذلك يجب أن يتم ضمن مفاوضات مع الولايات المتحدة الأمريكية.

ولم يكن لمثل هذه الأخبار أن تمر هكذا دون أن تثير ردود فعل السلطات الإيرانية الحليف الاستراتيجي الآخر للنظام السوري وأكدت أن العربية السعودية لن تتجرأ على القيام بمثل هذا التدخل.  وأكد الجنرال محمد علي الجعفري القائد الأعلى لقوات الحرس الثوري الإيراني أن الجيش السعودي جيش كلاسيكي لا يقدر على خوض حرب الكمائن والعصابات والتفجيرات الانتحارية التي تشهدها سوريا في الوقت الراهن. وذهب الجنرال محسن رضائي القائد السابق لقوات النخبة الإيرانية الى ابعد من ذلك عندما حذر من حرب إقليمية ستشتعل في المنطقة في حال أقدمت العربية السعودية على إرسال قوات برية عنها إلى سوريا.