زيارة فلورانس بيرلي إلى دول الساحل

مخاوف فرنسية من استفحال التهديدات الإرهابية

مخاوف فرنسية من استفحال التهديدات الإرهابية
  • القراءات: 488
م. م م. م

اعترفت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بيرلي، بالعاصمة التشادية أن مهمة قوات بلادها في محاربة الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي تستدعي التحلي بالصبر، في تلميح واضح بأنها باقية في المنطقة لأطول مدة ممكنة.

ولم تنتظر وزيرة الدفاع الفرنسية، طويلا للشروع في جولة الى دول هذه المنطقة الساخنة مباشرة بعد مقتل احد جنود قوة ”بارخان” في تفجير لغم ارضي في شمال مالي، للوقوف على حقيقة الأوضاع العسكرية في سياق التصعيد الإرهابي الذي تعرفه دول مالي والنيجر وبوركينا فاسو منذ بداية العام الجاري.

وحاولت الوزيرة الفرنسية، التقليل من فشل هذه القوة المشكلة من 4500 رجل في تأمين مناطق شمال مالي، وقالت إنها لم تتورط في مستنقع الساحل ولكنها تتكيف مع معطيات الواقع الميداني القائم بما يستدعي وقتا أطول حتى تتمكن من المساهمة في دعم قوات دول المنطقة في محاربة التنظيمات المسلحة.

وأضافت لدى تفقدها لمقر قيادة قوة ”بارخان” بالعاصمة التشادية قبل لقاء عقدته مع الرئيس إدريس ديبي، أن التزام بلادها في منطقة الساحل سيبقى من أولوياتها الملحة، في تأكيد على عدم تضييع باريس مستعمراتها السابقة لصالح قوى منافسة.

واعترفت وزيرة الدفاع الفرنسية، على متن الطائرة التي أقلتها الى العاصمة التشادية ضمن أول محطة لها ضمن جولتها التي تقودها الى بوركينا فاسو ثم مالي، أن زيارتها تأتي في سياق أمني جد صعب ومعقد بالنظر الى تعقيدات الأوضاع الأمنية في هذه المنطقة الشاسعة من الصحراء الإفريقية.

والتقت بيرلي، بقائد قوة ”بارخان” الجنرال باسكال فاكون، المعين مؤخرا في هذا المنصب ضمن مهمة يتأكد يوما بعد يوم أنها معقّدة، ولن تكون سهلة وخاصة في ظل التفريخ الخطير للتنظيمات الإرهابية، وتعاظم قوتها الميدانية بعد استباحة خزائن السلاح في ليبيا المجاورة.

وهو ما يفسر اختيار الوزيرة الفرنسية للعاصمة التشادية كأول محطة في جولتها لتحضير نفسها لمحطات العاصمة البوركينابية والمالية الأكثر سخونة بالنظر الى تواتر العمليات الإرهابية، والعمليات الانتقامية التي تستهدف القوات النظامية والسكان المدنيين في القرى النائية في هذين البلدين.

وهو اعتراف ضمني أيضا من المسؤولة العسكرية الفرنسية، بأن قوات عمليتي ”بارخان” وقبلها ”سيرفال” فشلتا في تحييد عناصر  مختلف التنظيمات المسلحة ست سنوات كاملة منذ تدخلها في مالي، بل أن هذه الجماعات الإرهابية تمكنت رغم كل هذه التعزيزات من توسيع نطاق تواجدها الى دول تشاد وبوركينا فاسو والنيجر ونيجيريا وحتى الكاميرون، التي تعد بمثابة الحلقات الأضعف في إستراتيجية محاربة الإرهاب في كل منطقة الساحل.

ويتأكد وفق هذه المعطيات أن مواجهة التنظيمات الإرهابية بوحدات جيوش نظامية وفق أساليب الحرب التقليدية أكدت فشلها بالنظر الى تمرس العناصر الإرهابية على حرب العصابات في مناطق صحراوية عرفوا تضاريسها، وتكيّفوا معها وحتى مع سكانها وهو ما أكسبهم ثقة في النفس وفي التخطيط لعملياتهم ضد معسكرات قوات قوة 5 ساحل، التي تضم أكثر من 5 آلاف رجل من جيوش دول الساحل الخمسة أو القوات الأممية التي يقدر تعدادها بحوالي 15 ألف رجل دون حساب القوات النظامية في كل بلد على حدة.

يذكر أن مقتل 52 جنديا ماليا ليلة الجمعة الى السبت، في هجوم ضد معسكر لهم على الحدود مع دولة النيجر، شكل هزة قوية في أعلى هرم السلطة المالية التي أعلنت الحداد على أرواح هؤلاء، وأرغم السلطات الفرنسية على إيفاد وزيرتها للدفاع الى عواصم دول المنطقة لمعرفة حقيقة وضع أمني ما انفك يزداد تدهورا من يوم لآخر، وسط مؤشرات لانزلاق أمني قادم ستكون تبعاته كارثية على المنطقة وحتى على فرنسا نفسها.