بعد استقالة وزير الخارجية اللبناني

مؤشر إضافي على قرب ثوران بركان الغضب الشعبي

مؤشر إضافي على قرب ثوران بركان الغضب الشعبي
وزير الخارجية اللبناني ناصف حتي
  • القراءات: 597
م. مرشدي م. مرشدي

أكد إقدام وزير الخارجية اللبناني، ناصف حتى، على تقديم استقالته أمس، على عمق الأزمة التي يمر بها لبنان وحقيقة الخلافات في أعلى هرم السلطة في بيروت حول آليات الخروج من الخانقة التي يمر بها هذا البلد والتي أوصلته إلى حد الإفلاس ومعه احتمال انهيار مؤسسات الدولة اللبنانية.

وهي حقيقة قائمة جعلت الوزير المستقيل يحذر في رسالة استقالته من تبعات الوصول إلى هذه الوضعية، في حال تماطلت في ورشة القيام بإصلاحات هيكلية جذرية قادرة على إقناع المجموعة الدولية بتقديم مساعداتها لتفادي انهيار الاقتصاد اللبناني الذي بلغ حدا لم يعد يطاق بسبب تبعاته على حياة اللبنانيين ومستوى معيشتهم التي لم تعد تطاق.

وقال رئيس الدبلوماسية اللبناني في رسالة استقالته التي قدمها لرئيس الحكومة، حسان دياب إن استقالته جاءت لاستحالة أداء مهامه في ظل الظروف القائمة"، وهو الذي كان "يأمل في إحداث التغيير المرجو "قبل أن يصطدم بواقع أجهض كل حلم لوضع لبنان على سكة الإقلاع والنمو واستعادة الطمأنينة المفقودة لعامة الشعب اللبناني.

ووجد وزير الخارجية اللبناني المستقيل وكل طاقم حكومة، حسان دياب أنفسهم منذ توليهم مهامهم بداية العام الجاري، أمام واقع اقتصادي واجتماعي وهيكلي متشابك  لا يمكن حل خيوطه إلا من خلال قرارات شجاعة وصادمة في بعض الأحيان، تنهي العمل بأنماط التسيير الطائفي للاقتصاد والتي أوصلت هذا البلد إلى ما وصل إليه الآن.

وبقيت الحكومة الحالية مبهوتة أمام سيل المشاكل المترسبة على مدار عدة عقود وغير قادرة على اتخاذ أي قرار من شأنه إحداث حلحلة للوضع الراكد وخاصة في ظل خزينة عمومية خاوية  من أموال تمكنها من استعادة روح المبادرة الميدانية وبعث الروح في اقتصاد بلغ المرحلة "السريرية".

وفي ظل هذا الواقع الميؤوس منه، مازال الشارع اللبناني يتململ وسط غيض متزايد ضد طبقة سياسية عاجزة، طوقت الطائفية حركتها ونطاق عملها وجعلها مرفوضة من كل شرائح شعب تناسى أصوله العرقية أو ديانته بعد أن اختصرت الأزمة في نطاق موت أو حياة وجعل حراك الشارع اللبناني لا يكل ولا يمل منذ شهر أكتوبر الماضي، مطالبا برحيل طبقة سياسية فاشلة، حمّلوها مسؤولية مباشرة في الوضعية التي بلغها لبنان.

ووجد الشعب اللبناني نفسه في ظل هذه الوضعية مكبلا بسيل من الأزمات المتلاحقة بدأت بتراجع قيمة عملته الوطنية إلى أدنى مستوياتها كنتيجة حتمية لتوقف آلة اقتصاد ريعي مما أدى إلى نسبة تضخم قياسية أدت إلى تسريح آلاف العمال الذين وجدوا أنفسهم بين عشية وضحاياها في دائرة الفقراء.

وجاء تظافر هذه العوامل مجتمعة لتضع لبنان على فوهة بركان اجتماعي، لا أحد بإمكانه التكهن بلحظة ثورانه ولا بقوة الحمم التي سيلفظها ولا ارتدادات الهزة التي سيخلفها في بلد لم يعد قادرا على تلبية أدنى مطالب مواطنيه.

وحتى استنجاد السلطات اللبنانية بصندوق النقد الدولي منذ شهر ماي الماضي لم يأت بالحل المنشود بعد أن استعصى على الجانبين التوصل إلى اتفاق لإقراض لبنان بالأموال الكافية التي ستمكنه من تلبية مطالب ملايين اللبنانيين الذين أصبحوا يعيشون تحت عتبة نسبة الفقر.

ولا يستبعد أن تكون الشروط القاسية التي عادة ما يفرضها الصندوق سببا في عدم قبول الحكومة اللبنانية بها لقناعتها أن القبول بها يعني أن البركان ثائر لا محالة خاصة وأن شروط "الأفامي" عادة ما تذهب مباشرة إلى جيوب الغلابى عبر فرض ضرائب إضافية ورفع أسعار المواد الأساسية وفواتير الماء والكهرباء والنقل ورفع كل أشكال الدعم والتي كانت في كثير من تجارب الدول سببا في اندلاع ثورات "الخبز" و«الرغيف".