معارض وندوات في المغرب للمطالبة بكشف الحقيقة
قضية بن بركة تعود في الذكرى الخمسين لاختطافه

- 787
عادت قضية أشهر معارض سياسي مغربي، المهدي بن بركة لتطرح بقوة على الساحة الإعلامية المغربية بمناسبة الذكرى الخمسين لاختفائه في ظروف غامضة بالعاصمة الفرنسية باريس، حيث بقي مصيره مجهولا إلى يومنا هذا. ومن فرنسا إلى المغرب لا يزال طيف بن بركة حاضرا ويؤرق السلطات المغربية ومعها الفرنسية في ظل استمرار الأصوات المطالبة بكشف حقيقة اختفاء بن بركة ذات 29 أكتوبر 1965. وفي هذا السياق، احتضنت المكتبة الوطنية بالرباط ليلة الجمعة الأخير ندوة فكرية تحت عنوان "مكانة الشهيد المهدي بن بركة في التاريخ المعاصر"، بمبادرة من الوزير الأول المغربي الأسبق عبد الرحمان اليوسفي.
وتطرق اليوسفي في كلمته الافتتاحية للقاء الذي سمي بـ "لقاء الوفاء"، والذي كان ضيف الشرف فيه وزير الخارجية الجزائري الأسبق والدبلوماسي الأممي، الأخضر الإبراهيمي، إلى خصال الفقيد ونضالاته. وطالب الدولة المغربية بالعمل على "كشف حقيقة اختفاء" المناضل اليساري حتى تتمكن عائلته الصغيرة والكبيرة من إقامة الجنازة بعد نصف قرن من الاختطاف.
أما الأخضر الإبراهيمي، فقد أكد قوة روابط الكفاح والصداقة التي كانت قائمة بينهما، مشيرا إلى أنه كان آخر من التقى بن بركة في القاهرة قبل أن يتوجه إلى جنيف ثم باريس حيث اختطف في الـ 29 أكتوبر 1965. وبعد أن رسم لوحة حول الأوضاع السياسية الدولية التي كانت سائدة آنذاك والنشاط غير المتناهي الذي كان يميز بن بركة خاصة في ما يتعلق بحركة التضامن الإفريقية-الآسيوية، أشار الإبراهيمي إلى دور الفقيد في التحضير لاجتماع هافانا العالمي المناهض للاستعمار والإمبريالية والذي غيّب عنه فعلا.
وأضاف أنه بعد شهرين من تاريخ اختطاف بن بركة "كان يراودنا الأمل في ظهور الرجل" قبل أن يعبر عن الأمل في أن تكشف الحقيقة في هذه القضية لـ«نتمكن من إقامة جنازة حقيقية لأخينا" المهدي بن بركة. وتناولت مداخلات المشاركين حياة المعارض المغربي من نشأته وطفولته وأفكاره... منها 30 سنة من "النضال والمواجهات"، مذكرين بأن بن بركة قد درس بالجزائر خلال أربعينيات القرن الماضي.
وكان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية الذي أسسه بن بركة نظم وسط العاصمة المغربية، الرباط معرضا لصور الزعيم المختطف غير أن سلطات مدينة الرباط تحركت باستعمال القوة العمومية لمنع المعرض المستخرج أساسا من أرشيف جريدة "الحزب". وكانت الذكرى التي أحياها الاتحاد الاشتراكي مناسبة لعدد من النشطاء الحقوقيين ليجددوا مطالبهم بالكشف عن الحقيقة الكامنة وراء اختفاء المهدي بن بركة ومحاسبة المسؤولين عن ذلك. وأجمع المتدخلون الممثلون للجمعيات الحقوقية بالمغرب على الدور الناقص لـ«هيئة الإنصاف والمصالحة" إذ لازالت حالات أخرى للاختفاء القسري لم يتم بعد كشف الحقيقة عنها أبرزها قضية المهدي بن بركة.
وكان مصدر مسؤول من المجلس الوطني لحقوق الإنسان المغربي قد أشار إلى أن تقريرا مفصلا سينشر في غضون شهر نوفمبر الحالي وديسمبر المقبل، يتعلق "بالحالات السبع التي بقيت عالقة من تقرير هيئة الإنصاف والمصالحة". وعما تحمله معطيات التقرير من مستجدات بخصوص ملف بن بركة، قال المصدر إن التقرير "يتضمن خلاصات عمل المجلس بصفته وريثا لهيئة الإنصاف والمصالحة وعلى الجميع ألا ينسى أن الملف مفتوح لدى القضاء الفرنسي".
كما دخلت قضية القيادي الاتحادي، المهدي بن بركة مجلس النواب من خلال السؤال الشفوي الذي طرحه حزب الأصالة والمعاصرة على وزير العدل والحريات، مصطفى الرميد حول مصير بن بركة. هذا الأخير الذي رد أنه "على حد علمي القضاء لا يتوفر على ملف مفتوح بهذا الموضوع"، مشيرا إلى أن "هيئة الإنصاف والمصالحة هي التي خول لها فتح هذا الملف" وهي بدورها خولت للمجلس الوطني لحقوق الإنسان "مهمة البحث والتحري والوصول إلى الحقيقة".