لغة المناورات العسكرية تستعر بين مصر وتركيا

طبول الحرب تقرع من جديد في الأجواء الليبية...

طبول الحرب تقرع من جديد في الأجواء الليبية...
طبول الحرب تقرع من جديد في الأجواء الليبية...
  • القراءات: 1063
م. مرشدي م. مرشدي

بدأت طبول الحرب تقرع قوية في الأجواء الليبية في سياق تصعيد متجدد في مواقف قوى إقليمية تريد خوض حرب بالوكالة في هذا البلد المنهك، من شأنها إفشال كل المساعي الأممية لإجلاس طرفي الحرب إلى طاولة مفاوضات واحدة علها تكون كفيلة بنزع فتيل وضع اصبح أشبه بـ "برميل بارود" على وشك الانفجار.

وضمن ردود فعل تصعيدية كشفت قيادة الجيش المصري أول أمس، عن تنظيم أضخم مناورات عسكرية على الحدود الغربية مع ليبيا تحت اسم مناورات "حسم ـ 2020" في تأكيد على الأهمية البالغة التي توليها القاهرة لتطورات الأوضاع في جارتها الغربية.

وكان يمكن أن يمر تنظيم هذه المناورات بشكل عاد ولا يثير أي اهتمام أو مخاوف لولا أنها جاءت يومين بعد إعلان وزير الدفاع التركي، أكار خلوصي، عن تنظيم اكبر مناورات بحرية قبالة السواحل الليبية في رسالة قوية ضد كل من يريد خلط أوراق تركيا في ليبيا تصر أنقرة، أنها أصبحت حليفا لها منذ توقيعهما على اتفاقية دفاع مشترك شهر نوفمبر من العام الماضي.

وكانت الزيارات المتلاحقة لوزير الخارجية التركي، ومدير جهاز المخابرات إلى العاصمة الليبية أياما فقط قبل زيارة مماثلة لوزير الدفاع وقائد هيئة أركان الجيش التركي، بمثابة إنذار قوي استشعرت القاهرة رسالته المشفرة مما جعلها تخرج هي الأخرى ورقة التهديد العسكري عبر مناورات تشارك فيها مختلف قواتها البرية والجوية وربما البحرية في تأكيد على الأهمية التي تكتسيها ليبيا في الحسابات الاستراتيجية المصرية.

ويمكن القول إن القصف الذي تعرضت له قاعدة "الوطية" الجوية أياما بعد استعادة الحكومة الليبية سيطرتها عليها، شكل بداية العد العكسي لهذا التصعيد المصري ـ التركي  وخاصة بعد استهداف أنظمة دفاع جوي وأجهزة تنصت عسكرية كانت فرق عسكرية تركية قد نصبتها مباشرة بعد زيارة وزير الدفاع أكار خلوصي إلى طرابلس.

كما أنها تطورات تأتي أسبوعين فقط بعد تهديدات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، باعتبار مدينة سيرت  الاستراتيجية "خطا أحمر" ضمن رسالة قوية أيضا باتجاه تعزيزات قوات حكومة الوفاق، التي تحاول منذ اكثر من شهر استعادة السيطرة على هذه المدينة بدعم من القوات التركية، دون أن يمنع ذلك ياسين أقطاي، نائب الرئيس التركي من رد تحذير بلاده ضد القاهرة وقال إن كل "تدخل مصري مباشر سيضع مصر في مواجهة مع تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي".

ويشتد السجال الدبلوماسي بين تركيا ومصر منذ عدة سنوات ضمن صراع زعامة بينهما في منطقة الشرق الأوسط، دون أن يتجرأ أي بلد منهما على اتهام الآخر صراحة بالعمل على تهديد مصالحه ودون أن يمنعهما ذلك من وضع خطط العسكرية تحسبا لأية تطورات باتجاه انزلاق الوضع العسكري ستكون ليبيا مسرحا لها في حال اندلاعها.

واستشعر الأمين العام الاممي، أنطونيو غوتيريس، هذه الوضعية وخطورتها على وضع شرق ـ أوسطي لا يعرف الاستقرار وهو ما جعله يدق ناقوس الخطر أمام أعضاء مجلس الأمن نهاية الأسبوع، محذّرا من تطورات غير محسوبة العواقب جعلته يطالب بإقامة منطقة منزوعة السلاح في محيط مدينة سيرت لتفادي مواجهة عسكرية مفتوحة بين قوات حكومة الوفاق وقوات اللواء خليفة حفتر، قناعة منه أن كل اشتعال لفتيل المعارك سيؤدي حتما إلى حرب بين قوى إقليمية وربما دولية اذا سلمنا بحقيقة التحالفات التي ارتسمت في المشهد الليبي خلال الأشهر الأخيرة.

وتعرف مدينة سيرت اكبر عملية تجييش في سياق يوميات الرحب في ليبيا لاقتناع الجميع أن السيطرة على هذه المدنية الاستراتيجية الواقعة على نصف المسافة بين العاصمة طرابلس ومدينة بنغازي، حيث قيادة الجيش الليبي التابع للواء خليفة حفتر، سيكون مفتاح التسوية للأزمة الليبية وأن رهان الحرب سيكون حينها في صالح الأطراف المنتصرة.

ولكن هل سيكون هناك منتصر في أية حرب محتملة في ليبيا اذا سلّمنا أن الرابح فيها سيكون خاسرا بالنظر إلى حجم الكوارث التي قد تخلّفها أية مواجهة على الأرض الليبية، ضمن حقيقة ستجعل الجميع يقتنع بحتمية العودة إلى الطاولة وترك الليبيين يحلون مشاكهم بأنفسهم.

ولكن من يأخذ بهذا الخيار ومن بلغة التعقل وتجنيب الليبيين مزيدا من المآسي في وقت طغت المصالح الأنانية لقوى إقليمية ودولية على كل الاعتبارات الأخرى؟