28 شهيدا بينهم 9 أطفال في أعنف عدوان إسرائيلي على قطاع غزة

صمود المقدسيين يخلط حسابات حكومة الاحتلال

صمود المقدسيين يخلط حسابات حكومة الاحتلال
  • القراءات: 740
 م. م م. م

ارتفعت حصيلة عمليات القصف الجوي الإسرائيلي ضد سكان قطاع غزة ليلة الاثنين إلى الثلاثاء إلى 28 شهيدا  من بينهم تسعة أطفال ومئات المصابين ضمن تصعيد مرشح لأن يفتح الوضع في فلسطين المحتلة على عدوان أوسع مع كل التبعات الكارثية له.

ولم يجد الاحتلال من وسيلة لتخفيف الضغط الذي فرضه المقدسيون على قواته  بسبب احتجاجات آلاف الفلسطينيين في المسجد الاقصى، سوى تحويل الانظار إلى قطاع غزة من خلال عدوان عسكري جديد اطلق عليه اسم عملية "خلف الأسوار". وانزلق الوضع الامني في المدينة المقدسة بشكل متسارع ليلة الاثنين إلى الثلاثاء في باحات الحرم الابراهيمي وحتى داخل المسجد الاقصى الذي تحوّل إلى ساحة معركة مفتوحة بين المعتكفين الفلسطينيين وتعزيزات قوات الاحتلال التي أجبرت في النهاية على الانسحاب من باب العمود أهم المداخل المؤدية إلى باحة المسجد الأقصى.

وأعطى مجلس الأمن الاسرائيلي المصغر، موازاة مع ذلك الضوء الأخضر لطيرانه الحربي بشن عمليات قصف مكثفة على مدن قطاع غزة، زعم أنها استهدفت مواقع لعناصر كتائب عز الدين القسام وسرايا القدس ولكن ضحاياها كانوا في غالبيتهم العظمى، من المدنيين والأطفال . وارتفعت حصيلة هذه الغارات تباعا من تسعة شهداء إلى 28 من بينهم تسعة أطفال، ومخلفة دمارا في البنى التحتية في هذا الجزء المحاصر من الأراضي الفلسطينية. 

ولم تتمكن كتائب المقاومة في قطاع غزة، البقاء في موقع المتفجر على الانتهاكات الاسرائيلية المتواصلة في المسجد الاقصى منذ بداية شهر رمضان  تنفيذا لمخطط دبره مستوطنون يمينيون لطرد سكان حي الشيخ جراح ضمن أكبر عملية تهجير قسري وتطهير عرقي تعرفه مدينة القدس الشريف، تفنيدا لخطة موضوعة منذ عدة عقود لاكتمال مراحل تهويدها وتفريغها من عنصرها العربي الاسلامي وحتى المسيحي.

صمود أخلط كل الحسابات

وأكدت تطوّرات الساعات الأخيرة أن حكومة الاحتلال لم تكن تنتظر درجة صمود الفلسطينيين في وجه الآلة العسكرية مما أخلط عليها خطتها الداعمة للمستوطنين ومساندتهم في مبتغاهم بطرد آخر العائلات الصامدة في حي الشيخ جراح في نفس الوقت الذي كان المصلون الفلسطينيون يصرون من جهتهم على حقهم في أداء الصلوات في مسجد مهبط الأنبياء.

وسرّعت هذه التطورات، الأوضاع باتجاه انتفاضة جديدة في كل الأراضي الفلسطينية بعد أن اقتنع الفلسطينيون أن استعادة حقوقهم لن يضمنها لهم أي دولة أو هيئة دولية مهما كانت قوتها وقرّروا الصمود في مواقعهم والرد على الرصاص الحي والمطاطي الاسرائيلي بالحجارة. وتيقن الفلسطينيون في ظل التطورات الأخيرة وبعد أن استباح الرئيس الامريكي المغادر، دونالد ترامب أدنى حقوقهم أن مصيرهم، بين أيديهم  واقتنعوا أن المراهنة على مجموعة دولية مواقفها إلى جانب المحتل الاسرائيلي ودول عربية انقسمت بين دولة مطبعة وعاجزة عن التصرف إرضاء للمحتل وأخرى ضحية حروب اهلية مستمرة منذ أكثر من عقد يحتم عليهم الاتكال على شجاعتهم وصيرهم لإسماع صوتهم.

وشن الطيران الحربي الإسرائيلي أكثر من 130 غارة جوية، مستهدفا منازل ومساكن وممتلكات في مختلف مدن ومخيمات قطاع غزة المحاصر في نفس الوقت الذي أغلق فيه معبر كرم أبو سالم التجاري الوحيد في القطاع، ومعبر بيت حانون في شمال القطاع. وتمكنت كتائب المقاومة لأول مرة من إيصال قذائفها الصاروخية إلى غاية مدينة القدس ضمن تطور جعل قيادة جيش الاحتلال تستنفر وحداتها واضطرها إلى عقد اجتماعات أمنية طارئة أعلى مستوى من أجل بحث سبل  الرد على قذائف المقاومة، ضمن استنفار فرضه عدم تمكن الحزام الصاروخي الدفاعي في اعتراض تلك القذائف التي خلفت، ستة مصابين في صفوف المستوطنين وخسائر مادية كبيرة.

وهو التطوّر الذي جعل الوزير الاول الاسرائيلي،  يعترف بأن وصول صواريخ المقاومة إلى مدينة القدس بمثابة خط أحمر وشكل ذلك فضيحة له وهو الذي كان يتغنى بعدم قدرة المقاومة من ضرب مدن الكيان المحتل باستثناء تلك الواقعة على حدود قطاع غزة. ورفض الوزير الأول الاسرائيلي، بنيامين نتانياهو  الإذعان لمختلف النداءات الداعية إلى تهدئة الوضع وراح يتوعد بدلا عن ذلك بتكثيف الضربات الجوية  ضد قطاع غزة بمبرر مقتل المستوطنتين اليهوديتين في مدينة عسقلان. وأضاف نتانياهو الساعي إلى تلميع صورته أمام الرأي العام في الكيان المحتل أن حركة حماس تدفع الثمن غاليا. 

وقال الوزير الاول الاسرائيلي إن عمليات القصف ستستهدف قيادات الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة من كتائب "عز الدين القسام"،  الجناح العسكري لحركة المقاومة وكتائب "سرايا القدس" التابعة لحركة الجهاد الاسلامي وضرب كل المواقع الهامة في قطاع غزة والرفع من وتيرة عمليات القصف الجوي

الصمت المحير لمجلس الأمن

وفي ظل هذه التطوّرات التي تنذر بتطورات أخطر من حيث درجة التصعيد ومدته، بقي مجلس الأمن الدولي في موقع المتفجر  على انتهاكات اعترفت مختلف دول العالم بأنها عنصرية مرفوضة تمارسها إسرائيل في حق السكان الفلسطينيين.

ولم يتمكن أعضاء المجلس في اجتماعهم الطارئ، أول أمس، من اتخاذ أي قرار بعد التردد الأمريكي المطبوع بميل واضح إلى جانب الكيان المحتل عندما راحت إدارة الرئيس، جو بايدن تندد برد فعل حركة "حماس" ضد العدوان الاسرائيلي  بعد أن جعلت من إسرائيل ضحية هذا التصعيد وتناست أن التضييق المفروض على سكان القدس كان سببا في انفجار الوضع العام في الأراضي المحتلة. وبقي أعضاء مجلس الأمن رهائن الموقف الامريكي ما حال دون تبني مشروع لائحة تقدمت بها تونس وعدة دول أعضاء في مجلس الأمن تم من خلاله دعوة إسرائيل إلى وقف عدوانها وعمليات الهدم التي تطال مساكن الفلسطينيين وحملة الاستيطان الممنهجة وطرد المقدسيين من منازلهم.