قدمتها ناشطة نجت من الاختفاء القسري
شهادة حيّة أمام مجلس حقوق الإنسان عن اضطهاد الشعب الصحراوي

- 174

قدمت النّاشطة الصحراوية، الغالية دجيمي، الناجية من الاختفاء القسري شهادة مدوّية أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، حول الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة في الأراضي المحتلة من قبل المغرب ضد شعب سلبت أرضه ولايزال يضطهد.
ألقت الغالية دجيمي، كلمة بمقر المجلس بمدينة جنيف السويسرية، نقلت من خلالها إلى الجلسة العامة للمجلس التي تعقد دورتها الستين، صوت شعب مضطهد منذ خمسين عاما. وشكلت شهادتها التي أدلت بها في إطار البند الثاني من جدول الأعمال المتعلق بتقرير المفوض السامي لحقوق الإنسان، إدانة شديدة "لاستمرار الاحتلال المغربي للصحراء الغربية ورفضه المستمر لاحترام قرارات الأمم المتحدة والقانون الدولي".
وبعد أن لفتت الغالية دجيمي، التي تجسد المقاومة الصحراوية في أبعادها الشخصية والمأساوية، إلى أنها "واحدة من الناجيات من الاختفاء القسري"، روت قصتها الشخصية التي تفصّل في القمع الممنهج الذي مارسته السلطات المغربية ضد النشطاء الصحراويين.
وتعد دجيمي، ضحية للاختفاء القسري ثلاث مرات أبرزها بين عامي 1987 و1991 بعد مشاركتها في مبادرات ضد الاحتلال المغربي. وعلى مدى ما يقارب أربع سنوات من اختفائها عانت من أشكال مختلفة من التعذيب على يد سلطات الاحتلال المغربي، مما جعل تجربتها الشخصية لعنف الدولة تضفي على شهادتها بعدا خاصا، فهي لا تتحدث باسم قضية سياسية فحسب، بل كشاهد مباشر على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المرتكبة في الأراضي المحتلة.
وتعد شهادة الغالية دجيمي، أمام الأمم المتحدة جزء من سعيها لتحقيق العدالة، فهي تعمل منذ عام 1998 على توثيق انتهاكات حقوق الإنسان التي يعاني منها الشعب الصحراوي في الأراضي المحتلّة من الصحراء الغربية. وهي التي أكدت في عرضها على أنها تهدف إلى إنهاء "الإفلات من العقاب الذي لا يزال يتمتع به المسؤولون المغاربة حتى يومنا هذا".
ومن الجوانب المهمة التي أثارتها الناشطة الصحراوية "رفض المغرب المستمر الاستجابة لطلب المفوض السامي لزيارة إقليم الصحراء الغربية". وأضافت أن هذه العرقلة تكشف عن "رفض المغرب السماح بمراقبة مستقلة لحالة حقوق الإنسان في الإقليم, وتزيد من المخاوف بشأن وضع حقوق الإنسان للشعب الصحراوي"، معتبرة أن هذه الاستراتيجية المعرقلة "تعد جزءا من نمط أوسع من الإغلاق الإقليمي".
وفي نفس السياق، أكد عضو اللجنة الإدارية لتجمع المدافعين الصحراوين عن حقوق الانسان في الصحراء الغربية "كوديسا"، إبراهيم محمد علي موسايح، أن الاحتلال المغربي يواصل ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في الأراضي الصحراوية المحتلة في تحد صارخ للمواثيق الدولية وفي محاولة لحرمان شعب بلاده من حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير.
وخلال ندوة دولية احتضنتها أول أمس، مدينة جنيف السويسرية تحت عنوان "الحرمان من الحق في الدفاع.. جريمة كونك صحراويا"، ركز إبراهيم محمد، في مداخلة له على الانتهاكات الجسيمة والممنهجة التي يتعرض لها الشعب الصحراوي، خاصة المدافعين عن حقوق الإنسان والطلبة، مؤكدا أن هذه الممارسات تمثل خرقا صارخا للقانون الدولي الإنساني وللآليات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
وقال إن الصحراء الغربية تشهد قمعا ممنهجا من قبل قوة الاحتلال المغربي. وهو ما أكدت عليه معظم التقارير المتخصصة في حقوق الإنسان بالمنطقة، مشيرا إلى أن الشباب الصحراوي يقف في مقدمة هذا القمع، حيث يشارك العديد منهم من المدافعين عن حقوق الإنسان والطلاب داخل الجامعات المغربية في مواجهة هذه السياسات القمعية.
وأكد أن الاحتلال المغربي يستهدف بشكل مباشر الجيل الجديد من المدافعين عن حقوق الإنسان باعتبار أن مستقبل القضية الصحراوية مرتبط باستمرار الدفاع عن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره والسيادة على ثرواته.
كما أوضح بأن القمع القانوني يأخذ شكلا من أشد وسائل الانتقام باستخدام الاحتلال آلياته القانونية كأداة لتضييق الحريات على النشطاء الحقوقيين، مشيرا إلى أنه من أبرز مظاهره الاعتقالات التعسّفية، حيث سجل عام 2024 توقيف واعتقال أكثر من 120 ناشط سياسي بدون مبررات قانونية حقيقية وبناء على تهم ملفقة.
وقال إن المتابعات القضائية غير العادلة هي الأخرى يستغلها الاحتلال، حيث يخضع النشطاء لمحاكمات تفتقر لشروط العدالة مثل غياب الحق في الدفاع أو الاعتماد على محاضر موقّعة بالإكراه، كما تجلت سياسة القمع المغربية في حرمان أكثر من 327 ناشط حقوقي وصحفي أجنبي من دخول الصحراء الغربية منذ عام 2014، ومنع المقررين الأمميين من زيارة الإقليم، حيث رفضت المغرب طلباتهم أو فرضت شروطا تمنعهم من زيارة الإقليم.
الحزب الشيوعي البرازيلي يجدّد دعمه لحقّ الصحراويين في تقرير المصير
في سياق تنامي الدعم الدولي لعدالة القضية الصحراوية، جدد رئيس الحزب الشيوعي البرازيلي "جواو في غولارت" دعمه لنضال الشعب الصحراوي وحقه المشروع في تقرير المصير. وأكد رئيس الحزب، في كلمة ألقاها خلال الجلسة العامة الإقليمية للحزب، التزام الحزب الكامل بالقضية الصحراوية وحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره بحرية وكرامة.
من جانبه أطلع ممثل جبهة البوليساريو، أحمد مولاي عالي، المشاركين في الجلسة العامة على آخر المستجدات بشأن نضال الشعب الصحراوي وحقوقه الوطنية المشروعة، مؤكدا على أهمية دعم القوى الدولية لقضيته العادلة. يذكر أن المؤتمر الإقليمي الـ23 للحزب الشيوعي البرازيلي عقد في الفترة من 12 إلى 14 سبتمبر الجاري، بمشاركة 150 عضو يمثلون الحزب.