عشية اتخاذ حكومة الاحتلال قرارها بضم أراضي الضفة الغربية

حيرة الفلسطينيين من تبخر حلم إقامة دولتهم المستقلة

حيرة الفلسطينيين من تبخر حلم إقامة دولتهم المستقلة
  • القراءات: 759
م. م م. م

يترقب الفلسطينيون وكل الرافضين للخطة الإسرائيلية لضم مزيد من أراضي الضفة الغربية يوم غد لمعرفة قرار حكومة الاحتلال بخصوص الاستيلاء على اكثر من مائة مستوطنة في قلب الضفة الغربية وأراضي فلاحية شاسعة في هضبة نهر الأردن والقدس الشرقية.

وإذا سلمنا بتصريحات الوزير الأول الإسرائيلي يوم 28 جانفي الماضي مباشرة بعد كشف الرئيس الأمريكي عن مضمون

"صفقة القرن" والتي وصفها بأنها "فرصة تاريخية" لا يجب تفويتها لتمرير أضخم مشروع استيطاني، فإن  نتانياهو لن يتأخر في المسارعة إلى تجسيد هذه الخطة التوسعية التي تعكس رغبة تاريخية لدى واضعي النظرية الصهيونية في الأرض الفلسطينية.

ويبقى مثل هذا الاحتمال هو الطاغي إلا اذا كانت الحكومة الائتلافية في إسرائيل كيفت بعضا من مواقفها بخصوص هذه الخطوة على ضوء تعالي أصوات دولية رافضة للمقاربة الأمريكية لإنهاء النزاع في المنطقة العربية بمثل هذه الكيفية المجحفة.

وشكل الموقف الذي أبدته الأمم المتحدة وكذا دول الاتحاد الأوروبي أكبر موقفين معارضين لخطة الضم الإسرائيلية المدعومة أمريكيا، كونها ستعمق الصراع بدلا من إيجاد مخرج له  بسبب تجاهلها لأدنى الحقوق الفلسطينية وأيضا لعدم واقعيتها  مما جعلهما يؤكدان على تمكسهما بخيار "حل الدولتين" على حدود جوان 1967. 

وأدانت ميشال باشلي، المحافظة السامية لحقوق الإنسان الأممية، أمس، مساعي حكومة الاحتلال الإسرائيلي تنفيذ مشروعها الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية وحذرت من تبعات صدمة ستتواصل على مدى عدة عقود لاحقة.

وأبدت المسؤولة الحقوقية الأممية موقفا متشددا من هذه القضية وقالت أن الضم يبقى غير شرعي سواء تعلق الأمر بـ30 بالمئة من الضفة الغربية أو بـ5 بالمئة فقط  فالأمر سيان.

ونصحت باشلي حكومة الاحتلال، الأخذ بنصائح المسؤولين الإسرائيليين السابقين وجنرالات الجيش والى عدة أصوات في كل العالم الذين حذروا من تبعات انتهاج هذا الطريق المحفوف بالمخاطر، وقالت إن الوقت مازال كافيا للتراجع وعدم الإقدام على هذه الخطوة.

وجاء الموقف الأممي عشية حلول الموعد الذي حددته حكومة الاحتلال بنهار يوم غد الأربعاء لاتخاذ القرار النهائي بخصوص الشروع في خطة واسعة لضم أقدس الأراضي الفلسطينية في القدس الشريف وأخصبها في هضبة نهر الأردن بالإضافة إلى أكثر من مائة مستوطنة مما سيفقد الدولة الفلسطينية ماهيتها السياسية والدينية وحتى مقوماتها الاقتصادية والأمنية.

ويأتي هذا الموعد ستة اشهر كاملة منذ كشف الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب رفقة الوزير الأول الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو عن الخطوط العريضة لخطة "صفقة القرن" التي حددت الاطار العام لأكبر عملية سطو  لم تعرفها الأراضي الفلسطينية ولم يسبق لأية إدارة أمريكية أن واقفت عليها.

ورغم إدراكه المسبق بخطورة الوضع العام في الأراضي الفلسطينية إلا أن الرئيس الأمريكي واصل اللعب بالنار ضمن خطة اعتمدها لإرضاء اللوبي اليهودي في دواليب الإدارة الأمريكية اعتمد فيها المرحلية في تمرير تصوره بدأه باعترافه بالقدس عاصمة موحدة للكيان المحتل قبل أن يقدم على نقل سفارة بلاده إليها ضمن تصرف رفض كل الرؤوساء الأمريكيين  الإقدام عليه ثم إعلانه عن "صفقة القرن" التي كانت بمثابة رصاصة الرحمة في جسد عملية السلام الدولية المنهارة  واضعا حدا لمبدأ حل الدولتين ومنتهكا كل القرارات التي تبنتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.

وتضمنت الخطة إقامة دولة فلسطينية من عدة كانتونات متناثرة هنا وهناك وغير متواصلة جغرافيا وبدون قوة عسكرية وبدون عاصمتها القدس وتحت رحمة الأمن الإسرائيلي.

وهي الصورة التقريبية لنتيجة عملية الضم، وجعلت، ميشال باشلي تحذر من التبعات الكارثية لمثل هذه الخطة على الفلسطينيين والإسرائيليين على السواء وأيضا على كل المنطقة بالنظر إلى عدم منطقيتها وإجحافها في حق الشعب الفلسطيني، كونها ستقوض كل فرصة  لتكريس "حل الدولتين" وتضع حدا لاستئناف المفاوضات وتكرس في مقابل ذلك الانتهاكات ضد الفلسطينيين على اعتبار أن المستوطنات في حد ذاتها تبقى انتهاكا صارخا للقانون الدولي.

ولكن هل يكفي التنديد الأممي وتلويح الاتحاد الأوروبي بفرض عقوبات على إسرائيل  لثنيها عن خطوتها في ظل انقسام الموقف الأوروبي بين داع إلى فرض هذه العقوبات والاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة وبين رافض لمثل هذه الخطوة ومجموعة دولية  رضخت للأمر الواقع الأمريكي؟