في ظل خروقاته وانتهاكاته التي تهدّد بتقويضه
"حماس" تطالب الوسطاء بإلزام الاحتلال باحترام وقف إطلاق النار

- 153

طالبت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، أمس، الوسطاء والضامنين بضرورة إلزام الاحتلال الصهيوني باحترام وتنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار المعلن في قطاع غزة نصا وروحا ووقف جميع الخروقات والانتهاكات التي تهدد بتقويضه.
وبينما أكدت تمسكها باتفاق وقف إطلاق النار وتنفيذه بكل دقة ومسؤولية، أوضحت "حماس" في بيان لها بأنها التزمت التزاما كاملا ودقيقا وأمينا بكل بنود الاتفاق وملحقاته وآلياته التنفيذية انطلاقا من حرصها على تحقيق الاستقرار ورفع المعاناة عن أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، في حين يواصل الاحتلال تهديداته وخروقاته اليومية المتكررة في انتهاك صارخ لما تمّ التوقيع عليه.
وهي تحمل سلطات الاحتلال المسؤولية الكاملة عن أي تدهور أو انهيار للاتفاق، دعت الحركة الوسطاء والمجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لوقف الممارسات العدوانية الصهيونية وضمان تنفيذ الاتفاق بما يحقق الأمن والاستقرار للشعب الفلسطيني. وقالت إن "الاحتلال الصهيوني هو من يواصل خرق الاتفاق واختلاق الذرائع الواهية لتبرير جرائمه"، مضيفة بأن "محاولات رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، التنصل والتنكر من التزاماته تأتي تحت ضغط ائتلافه الإرهابي المتطرف في محاولة للهروب من مسؤولياته أمام الوسطاء والضامنين".
ووقعت حركة المقاومة الإسلامية على الاتفاق المبرم في شرم الشيخ بتاريخ التاسع أكتوبر 2025، الذي دخل حيز التنفيذ في اليوم الموالي وينص على التزام الطرفين بجميع البنود والملحقات والآليات الواردة فيه برعاية وضمانة كل من مصر وقطر وتركيا والولايات المتحدة. وقد التزمت التزاما كاملا ودقيقا وأمينا بتنفيذ الاتفاق بدليل أن وإلى غاية الآن لم يقدم الوسطاء أو الضامنون أي أدلة أو برهان على قيام الحركة بخرقه أو عرقلة تنفيذه، بل عملت بكل جهد وإخلاص على تطبيق الاتفاق نصا وروحا من أجل تحقيق الاستقرار ورفع المعاناة عن سكان غزة.
غير أن الاحتلال وكعادته خرق الاتفاق منذ اليوم الأول لسريانه وارتكبت عديد الجرائم والانتهاكات الجسيمة بحق المدنيين، والتي تم توثيقها، حسب ما أكدته "حماس" وتقديمها للوسطاء مرفقة بالصور والكشوفات والأدلة الدامغة. وتضمن بيان "حماس" توثيقا لمختلف الانتهاكات والخروقات التي ارتكبها الاحتلال بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار، والتي تجاوز عدد 47 خرق منها قتل واستهداف المدنيين بحيث بلغت حصيلة الشهداء إلى غاية أمس 46 شهيدا و132 جريح نصفهم من الأطفال والنساء وكبار السن ضمن عمليات إجرامية متعمدة تمثل استمرارا لسياسة العدوان والإرهاب ومحاولة لتقويض الاتفاق وإفشاله.
كما أشار البيان إلى تجاوز نشاط قوات الاحتلال حدود "الخط الأصفر" المنصوص عليه في الاتفاق، حيث تواصل فرض سيطرتها النارية على مسافات تتراوح بين 600 إلى 1500 متر جنوبا وشرقا وشمالا من قطاع غزة، مانعةً المواطنين من العودة إلى أماكن سكناهم. ويتم ذلك عبر إطلاق القذائف المدفعية، واستخدام طائرات "الكوادكابتر" وإطلاق النار من الآليات العسكرية والرافعات المخصّصة للرصد، بحيث تبلغ مساحة المنطقة المستهدفة 45 كيلومترا مربعا، ما يشكل خرقا فاضحا لخط الانسحاب المؤقت، مع استمرار توغل الآليات العسكرية داخل هذا الشريط. ولم يلتزم الاحتلال أيضا بالبروتوكول الإنساني ومنع دخول عديد الأصناف الغذائية، بل واتخذت إجراءات مخالفة من أهمها تقليص كميات المساعدات المتفق بإدخالها إلى أدنى المستويات. كما يمنع إدخال المستلزمات الضرورية لإعادة ترميم وتأهيل البنية التحتية.
وعلى مستوى تطبيق صفقة تبادل الأسرى، خرق الاحتلال بنودها من خلال مواصلة تعنته وتأخره في الإفراج عن النساء والأطفال الذين ما زالوا رهن الاعتقال. ولم يلتزم حتى بتزويد الحركة بكشف دقيق وشامل بأسماء وبيانات المعتقلين في سجونه ولا بأسماء مئات الشهداء الذين لا يزال يحتجز جثامينهم، ولم يلتزم بالسماح لذوي المعتقلين المفرج عنهم والمبعدين خارج فلسطين في صفقتي 19 جانفي و9 أكتوبر بمغادرة الضفة الغربية للقاء ذويهم. كما تعرض المعتقلون للضرب والإهانة والتعذيب الممنهج، وحتى من تم الإفراج عنهم استمر الاحتلال في إهانتهم وتجويعهم وضربهم حتى لحظة تسليمهم للصليب الأحمر.
وفي جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، كشفت "حماس" أيضا عن تسلم المقاومة جثامين 150 شهيد، كان بعضهم مقيد اليدين ومعصوب العينين وآخرون ظهرت على جثامينهم آثار الشنق أو السحق تحت جنازير الاحتلال، وقالت إن ذلك "يؤكد أن الاحتلال قد أعدمهم وهم أسرى، كما أن معظم الجثامين لم تُعرف هويات أصحابها بعد". وعلى إثر ذلك طالبت الحركة بالإسراع في إدخال جهاز فحص الحمض النووي للتعرف على هويات الشهداء، إضافة إلى إدخال المعدات الثقيلة لإزالة الركام التي مازال آلاف الشهداء تحتها، مشيرة أن ما جرى "يعد جريمة حرب متكاملة الأركان وجريمة ضد الإنسانية تستوجب المساءلة والمحاسبة الدولية".
من أجل حماية مستقبل الأطفال وإعطائهم الأولوية
"اليونسيف" تطالب بالالتزام بوقف إطلاق النار في غزة
أكدت منظمة الأمم المتحدة لحماية الطفولة "اليونيسيف" على ضرورة التزام الاحتلال الصهيوني بوقف إطلاق النار والسماح بالوصول الإنساني إلى قطاع غزة لحماية الأطفال ومستقبلهم وإعطائهم الأولوية. وفي منشور عبر حسابها الرسمي على منصات التواصل الاجتماعي، مساء أول أمس، أشارت منظمة اليونيسف إلى أنه "بعد سنتين من القصف شبه المتواصل والدمار والخوف، يأتي وقف إطلاق النار حاملا الأمل الذي طال انتظاره للأطفال والأسر في قطاع غزة".
وشددت في هذا السياق، أنه ولمواصلة حماية حياة الأطفال ومستقبلهم وإعطائهم الأولية، يجب الالتزام "بوقف إطلاق النار وتوفير جميع السلع والمواد اللازمة للقطاع، إضافة إلى ضمان الوصول الآمن للمدنيين للتنقل وللعاملين في المجال الإنساني من أجل الوصول إلى الأشخاص المحتاجين أينما كانوا". وحتى بعد وقف إطلاق النار لا يزال هذا الاحتلال الجائر يواصل اعتداءاته وخروقاته في حق العزل من أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، بما دفع باستمرار المظاهرات المنددة بعدوانه الجائر.
وفي هذا السياق شهدت العاصمة الألمانية برلين، نهاية الأسبوع، مظاهرة تضامنية مع فلسطين ضد الإبادة الجماعية في قطاع غزة، مطالبة الحكومة الألمانية بعدم تزويد الكيان الصهيوني بالأسلحة. وتجمع عدد كبير من الأشخاص وسط ميدان بحي ميته في العاصمة برلين تعبيرا عن دعمهم لفلسطين. وطالبوا بإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة وإنهاء الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية ومحاكمة رئيس الوزراء الكيان صهيوني ووقف دعم ألمانيا للاحتلال.
وحمل المشاركون أعلام فلسطين ولافتات كتب عليها عبارات من قبيل "الحرية لفلسطين" و"كرامة الإنسان مصونة" و"أوقفوا الحرب والاحتلال" و"لا لتزويد إسرائيل بالأسلحة"، كما رفعوا صورا لصحفيين وأطفال قتلوا على يد قوات الاحتلال الصهيوني في قطاع غزة مرددين هتافات مثل "إسرائيل تقتل الأطفال" و"نتنياهو إلى المحكمة" و"إسرائيل إرهابية" و"ألمانيا تمول.. وإسرائيل تقصف". واتخذت الشرطة إجراءات أمنية مشددة حول المنطقة التي أقيمت فيها المظاهرة، التي تأتي ضمن موجة احتجاجات أوروبية متصاعدة تشهدها عدة عواصم خلال الأسابيع الأخيرة رفضا للعدوان في غزة والمطالبة بوقف تصدير الأسلحة ومحاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم.
وعلى مدار سنتين، ارتكب الاحتلال الصهيوني إبادة جماعية في غزة شملت قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا متجاهلا النداءات الدولية وأوامر محكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة أكثر من 238 ألف شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات الآلاف من النازحين ومجاعة أزهقت أرواحا كثيرة علاوة عن دمار هائل.
البرلمان العربي يؤكد بخصوص الدولة الفلسطينية
ترجمة الاعتراف المتزايد إلى واقع ملموس
شدّد رئيس البرلمان العربي، محمد بن أحمد اليماحي، على ضرورة استثمار الزخم السياسي الدولي حاليا للدفع قدما نحو ترجمة الاعتراف الدولي المتزايد بالدولة الفلسطينية إلى واقع ملموس بما يضمن إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها مدينة القدس.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها رئيس البرلمان العربي أمام الاجتماع التشاوري للمجموعة العربية بالاتحاد البرلماني الدولي بمدينة جنيف السويسرية قبيل اجتماعات الجمعية العامة 151 للاتحاد البرلماني الدولي، حيث ترأس الاجتماع رئيس مجلس الشورى بالمملكة العربية السعودية، الشيخ عبدالله بن محمد آل الشيخ، بحضور عدد من رؤساء وممثلي البرلمانات العربية.
ونبّه إلى أهمية هذا الاجتماع كونه يجسد عمق التنسيق البرلماني العربي ووحدة الموقف في المحافل الدولية، كما يأتي في مرحلة دقيقة بعد التوصل لاتفاق لإنهاء حرب الإبادة الجماعية التي قام بها الاحتلال الصهيوني الغاشم على مدار عامين متتاليين في قطاع غزة، وأشار البرلماني العربي إلى أن هذه الخطوة كانت تطوّرا بالغ الأهمية وتشكل بداية جادة لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.
وفي هذا السياق، أكد اليماحي على ضرورة مضاعفة الجهود لحشد الطاقات العربية والدولية من أجل إعادة إعمار قطاع غزة وتخفيف آثار العدوان والمعاناة الإنسانية التي عاشها أهل القطاع. وقال إن "مسؤوليتنا المشتركة في هذه المرحلة تتطلب منا مزيدا من التنسيق والتكامل وتوحيد المواقف داخل أروقة الاتحاد البرلماني الدولي حتى يكون موقفنا منسجما ورسالتنا واضحة وصوتنا قويا في الدفاع عن مصالح شعوبنا وقضايانا العادلة". وأكد رئيس البرلمان العربي استعداد الأخير الدائم للتعاون مع الاتحاد البرلماني العربي لتوحيد الجهود وصياغة مواقف عربية مشتركة تعبر عن ضمير الأمة وتدافع عن قضاياها بعدالة وموضوعية واقتدار.