ندوة الأمن بمدينة ميونيخ
"حرب باردة" بسبب الأزمة السورية

- 818

كانت ندوة ميونيخ حول الأمن، أمس، مجرد لقاء نقل إليه وزراء خارجية الدول المشاركة تضارب مقارباتهم السياسية والأمنية لتسوية الأزمة السورية التي استعصى حلها خمس سنوات منذ اندلاعها وأعطت الاعتقاد أنها عمقت الخلافات بدلا من تذليلها. وسارت الأخبار متضاربة، أمس، حول الوضع في سوريا بين حرص الولايات المتحدة وروسيا على هدنة تمهد لوقف إطلاق النار وبين تصريحات وزير الخارجية التركي الذي أكد على احتمال قيام قوات تركية ـ سعودية مشتركة بعمليات برية في سوريا.
وقال المسؤول التركي بعد عودته من ندوة ميونيخ حول الأمن وشكلت الأزمة السورية نقطتها المحورية إنه في حال تم التوصل إلى وضع استراتيجية ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" فإن تركيا والعربية السعودية ستشاركان فيها. وفي حال تأكدت تصريحات مولود شاوش أوغلو فإن موقفا كهذا سوف لن يزيد الوضع إلا تأزما وأن دعوة الجميع في سوريا الالتزام بهدنة ستنهار بنفس السرعة التي جاءت بها وخاصة إذا سلمنا بتصريحات الرئيس السوري بشار الأسد الذي أكد أن قوات بلاده لن توقف ضرباتها ضد التنظيمات الإرهابية.
ولم يكن تأكيد الوزير الأول التركي أحمد داود أوغلو بوجود تفكير في أعلى هرم سلطة بلاده للقيام بعملية عسكرية ضد مقاتلي حزب الوحدة الديمقراطية الكردي السوري داخل الأراضي السورية إنما أراد أن يتخذ من الورقة الكردية أفضل ذريعة لتبرير اجتياح قوات بلاده الأراضي السورية. وتكون هذه الشكوك هي التي جعلت وزير الخارجية الامريكي، جون كيري، يؤكد في كلمة ألقاها بمناسبة انعقاد ندوة الأمن بمدينة ميونيخ الألمانية أن الأزمة السورية بلغت نقطة مفصلية بين استمرار الحرب وتحقيق السلام معتمدا في ذلك على شعور داخلي باحتمال انهيار الهدنة في أية لحظة.
وإذا سلمنا بالأخبار المتداولة حول نشر العربية السعودية لطائرات مطاردة في قاعدة انسرليك الإستراتجية التركية والتي تعد أكبر قاعدة لقوات حلف الناتو وللقوات الأمريكية في حوض المتوسط تتأكد صدقية تسريبات إعلامية سبق وأن أشارت الى وجود تنسيق سعودي ـ تركي للقيام بتدخل عسكري بري في سوريا. وقال الوزير التركي إن مسؤولين عسكريين سعوديين زاروا القاعدة العسكرية وانه "لم يتم الاتفاق إلى حد الآن حول عدد الطائرات السعودية التي سيتم نشرها ضمن ما أسماه بـ«ائتلاف إسلامي ضد الرعب".
وجاءت هذه التصريحات لتزيد في تأزيم الموقف بعد نهاية أسبوع أعطت الاعتقاد أن الحرب في سوريا تسير باتجاه الانفراج الوشيك قبل أن يعيد الرئيس السوري عقارب ساعتها الى نقطة البداية متهما الرياض وأنقرة بدعم الإرهاب متوعدا بمواصلة الحرب حتى وان تطلب منه ذلك وقتا طويلا. وهو منطق التصعيد الذي تقاطع مع تصريحات عادل الجبير وزير الخارجية السعودي الذي أكد على استعداد بلاده خوض حرب برية في سوريا ضمن موقف سارع مسؤولو البنتاغون الامريكي إلى الترحيب به وهم الذين كانوا يبحثون عمن يقوم بمهمة ملاحقة عناصر "الدولة الإسلامية" بعد أن تأكدوا من محدودية عمليات القصف الجوي ضد تنظيم الدولة الإسلامية عامين منذ انطلاقه.
والمؤكد أن كل هذه التصريحات والمواقف تواترت بكيفية ستقوض كل فرص التوصل إلى تسوية لحرب مدمرة وخاصة وأن روسيا تحركت عبر وزيرها الأول ديمتري ميدفيديف الذي حذر في ندوة ميونيخ من كل مغامرة للقيام بتدخل بري في سوريا بقناعة أن ذلك سيدخل كل العالم في حرب باردة جديدة. وأشر قرار قيادة البحرية الروسية إرسال فرقاطة "زيليوني ـ دول" لإطلاق الصواريخ أمس إلى عرض المياه السورية، حيث توجد اكبر قاعدة عسكرية روسية بميناء طرطوس السوري على البعد الدولي الذي أخذته الحرب الأهلية في سوريا.