الأزمة السورية في ظل الهدنة الهشّة

تلويح بالفيدرالية كخطوة بديلة

تلويح بالفيدرالية كخطوة بديلة
  • 940
ص.  محمديوة ص. محمديوة

بدأ الترويج لفكرة إقامة "دولة فيدرالية" في سوريا في حال قبل السوريون بذلك كحل للصراع الدامي الذي يتخبط فيه هذا البلد العربي منذ خمس سنوات كاملة وخلف الى غاية الآن مصرع ما لا يقل عن 270 ألف قتيل. ويبدو أن هذه الفكرة التي لمحت إليها روسيا أول أمس على لسان سيرغي ريابكوف نائب وزير خارجيتها ستطرح للناقش خلال الجولة الجديدة من المفاوضات التي كان مقرر استئنافها الإثنين القادم قبل أن تعلن الأمم المتحدة عن تأجيلها ليومين إضافيين لمنح مزيد من الوقت للاتفاق على قضايا عملية ولوجستية وفق ما أشار إليه أمس مكتب المبعوث الاممي الى سوريا ستافان دي مسيتورا. وكانت تصريحات ريابكوف التي لم يستبعد فيها احتمال إنشاء دولة فيدرالية في سوريا قد أثارت علامات استفهام لدى المتتبعين للشأن السوري، بعدما رأى فيها البعض أنها تلميح إلى إمكانية تقسيم سوريا في حال فشل وقف إطلاق النار المعلن حاليا في هذا البلد. 

وهو احتمال ليس بالجديد فقد سبق وأن طرح حتى من قبل الرئيس السوري بشار الأسد نفسه الذي لم يستبعد فكرة النظام الاتحادي، لكنه ربط أي تغيير بنتيجة حوار بين السوريين واستفتاء لإدخال التعديلات اللازمة على الدستور. ولكن الجديد أنه جاء هذه المرة على لسان مسؤول روسي رفيع المستوى بما يدعو للقول بوجود توافق مبدئي أو بالأحرى شيء ما طبخ في الكواليس بين القوى الغربية المعنية بالصراع السوري لإقامة نظام فيدرالي فيها. وهو ما يثير التساؤل حول اختيار روسيا هذا التوقيت بالتحديد لطرح مثل هذه الفكرة، وهي التي ساءت علاقاتها مع تركيا بسبب الأزمة السورية، وزاد العلاقة سوءا بعد اتهام أنقرة موسكو بدعم الأكراد. وبغض النظر عما يجري في الكواليس فإن التساؤلات تبقى مطروحة أيضا حول أسس إقامة النظام الفيدرالي في سوريا ما إذا ما كان سيعتمد التقسيم الجغرافي أو الديني أو العرقي.

وتبقى هذه التساؤلات مطروحة خاصة وأن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الذي سبق وحذر من احتمال التقسيم أشار الى ما اسماها بالخطة "ب" كخطة بديلة في حال فشلت الهدنة التي رغم صمودها خمس أيام منذ إعلانها تبقى هشة في ظل استمرار خرقها بين الفينة والأخرى. وحتى وان لم يتم الكشف رسميا عن مضمون هذه الخطة البديلة فإن مصادر عسكرية أمريكية قالت إن الخطة قد تتضمن عملا بريا وإقامة منطقة حظر للطيران ومن المحتمل أيضا مشاركة قوات عربية على غرار المملكة العربية السعودية والأردن. يأتي ذلك في وقت اقترح فيه الرئيس السوري بشار الأسد على مسلحي المعارضة عفوا كاملا مقابل وضع أسلحتهم والعودة الى الحياة المدنية.

وجاء اقتراح الرئيس السوري في حوار للتلفزيون الرسمي الألماني بث مساء امس وتعهد خلاله بالعمل من اجل إبقاء الهدنة المعلنة في بلاده منذ خمسة أيام سارية المفعول لكنه اتهم معارضيه المسلحين بخرقها منذ الوهلة الاولى. وقال "أعتقد أنكم تعرفون أن الإرهابيين خرقوا ذلك الاتفاق منذ الساعة الأولى.. ونحن كجيش سوري نمتنع عن الرد كي نعطي فرصة للمحافظة على ذلك الاتفاق، هذا ما نستطيع فعله، لكن في النهاية هناك حدود وهذا يعتمد على الطرف الآخر". وبينما أقر الرئيس السوري بتفاقم الوضع الإنساني في بلاده ووصفه بـ «الكارثة الإنسانية" احتج على اتهام قواته بمنعها إيصال المساعدات الإنسانية من أغذية وأدوية للسكان المتضررين في مناطق الصراع. وهو ما جعله يتساءل كيف يمكن لقواته منع المساعدات عن هذه المناطق وهي لم تتمكن من منع تزود القاتلين بالأسلحة.