في ظل إهمالها وعدم متابعة السلطات المغربية للمعضلة

تفشي تعاطي المخدرات بين المراهقين والتلاميذ ينذر بكارثة اجتماعية

تفشي تعاطي المخدرات بين المراهقين والتلاميذ ينذر بكارثة اجتماعية
  • القراءات: 692
ق. د ق. د

أخذت ظاهرة تعاطي المخدرات في  أوساط مختلف شرائح المجتمع المغربي، وخاصة الشباب منهم وحتى المراهقين في المدارس منحى خطيرا، في ظل انعدام إستراتيجية حكومية لمحاربة الإدمان والحد من انتشاره، والتي قابلها سعي السلطات لتقنين القنب الهندي. وتعد ظاهرة تعاطي المخدرات معضلة تهدّد مستقبل أجيال وتضع مستقبل هذا البلد على المحك، مما صعّد موجة الانتقادات لسياسات الحكومة وفشلها في اتخاذ تدابير لمكافحة الآفة، في ظل شح مراكز العلاج وإعادة التأهيل للمدمنين بالمملكة.

وضاعف انتشار تعاطي المخدرات من قلق الأولياء والجمعيات التربوية على حياة اطفال المغرب، مع لجوء هؤلاء مؤخرا إلى تعاطي نوع جديد من هذا السم القاتل والمعروف بمخدر "البوفا" لتدني سعره. وتتعالى الأصوات في المغرب مطالبة بمواجهة انتشار هذا المخدر، حيث حذّر الفرع المحلي لحزب فيدرالية اليسار الديمقراطي من تحول المدارس الى ملاذ مناسب لتجارته، في نفس الوقت  الذي حذرت فيه جمعيات ناشطة في مجال مكافحة المخدرات من مخاطر هذا المخدر الذي يصفه البعض بـ"كوكايين الفقراء"، منبهة إلى قدرته على إتلاف الجهاز العصبي بعد أيام من استنشاقه. وتكمن خطورة مخدر "البوفا"، حسب جمعيات ناشطة في مجال مكافحة المخدرات، في تسبّبه في هلوسة لمتعاطيه تدفعهم إلى ارتكاب جرائم أو الانتحار تحت تأثيره. وهو ما جعل رئيس فيدرالية جمعيات آباء وأولياء التلاميذ بالمغرب، نور الدين عكوري،  يؤكد أن انتشار المخدرات وأقراص الهلوسة يستقطب تلاميذ المدارس وأن هناك "من يستغلهم في ترويجها".

وأضاف عكوري "بضرورة فرض عقوبات قاسية بحق كل من ثبت تورطهم في بيع الممنوعات وترويجها في المدارس ومحيطها، كونهم يدمرون مجتمعا برمته". كما طالب الأساتذة بالقيام بدورهم ومراقبة التلاميذ وحمايتهم من الأخطار المحدقة بهم. ويرى متتبعون، أن ظاهرة الإدمان بالمغرب من بين الآفات المستعصية التي تنهش جسم المجتمع المغربي، إلا أنه لا يبدو سبيلا في الأفق لاستئصالها بالنظر إلى الانتشار الواسع لزراعة الحشيش بالمملكة واعتماد الكثيرين على بيعها لتحصيل لقمة عيشهم. وتعيب الهيئات والجمعيات الحقوقية وفعاليات المجتمع المدني بالمغرب على الدولة إهمالها وعدم متابعتها لمشكلة الإدمان، حيث تبقى السياسات الحكومية في هذا المجال غير كافية في ظل اعتماد إطار تشريعي قديم لا يوفر الحماية اللازمة.

وكشف تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المغربي، استنادا إلى آخر الأبحاث التي أنجزها القطاع الحكومي المكلف بالصحة بشأن الإدمان، أن تعاطي المؤثرات العقلية بين المراهقين لا يقل خطورة حيث سبق له أن حذر من تفشي ظاهرة الإدمان وتعدّد أشكالها في المملكة بصورة مقلقة، في ظل ضعف السياسات العمومية لمعالجة الآفة. كما قدّم، في تقرير سابق، حقائق ومعطيات حول السلوكات الإدمانية للمغربيين خصوصا تلك التي لا يتم الاعتراف بها بعد بالقدر الكافي، ولا يتم التكفل الفعلي بها من طرف هيئات الحماية الاجتماعية ومعالجتها بوصفها أمراضا.

ورغم تصنيف المنظمة العالمية للصحة لحالات الإدمان ضمن الأمراض التي يتعين التكفل بها، إلا أن التقرير المغربي كشف عن ضعف هذا الجانب بالمملكة وهو الذي أكد أن "هيئات الحماية الاجتماعية لا تتكفل بما يكفي بهذه الحالات". وأوصى المجلس بوضع مخطط وطني للوقاية من الإدمان ومكافحته في الوسط المهني والتربوي وفي المجتمع بصفة عامة، من دون أن تجد هذه التوصية آذانا صاغية لدى حكومة قابلت هذه المخاوف بتقنين القنب الهندي ليصبح في متناول الجميع  ودون استثناء.