اعتبر المستوطنات اليهودية في الصفة الغربية قانونية

ترامب يعطي نتانياهو حق "ابتلاع" الضفة الغربية

ترامب يعطي نتانياهو حق "ابتلاع" الضفة الغربية
  • القراءات: 473
م. مرشدي م. مرشدي

ضمن خطة مرحلية ومدروسة للتخلص من القضية الفلسطينية، قررت الإدارة الأمريكية أمس، غرس إسفين في قلب عملية السلام بعد أن وصفت المستوطنات الإسرائيلية في أراضي الضفة الغربية بـ "الشرعية". فبعد أن كشف ترامب مباشرة بعد توليه مهامه سنة 2017 نيته في نقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس المحتلة، ثم تكريس ذلك على أرض الواقع شهر ماي من العام الماضي، ثم قطع المساعدات عن الشعب الفلسطيني، انتقل إلى السرعة القصوى أمس، بإعلانه عن الكيان المحتل في إقامة مستوطنات في الأرض الفلسطينية ضمن تعارض صارخ مع كل القرارات والمواقف الدولية وحتى الأمريكية السابقة.

وشكل هذا التصرف ضربة قوية لكل الجهود الدولية الرامية إلى إنهاء الصراع في منطقة الشرق الأوسط، بعد أن اختار الرئيس الأمريكي المتملق، للوبي اليهودي بدلا عن ذلك، صب الزيت على نار ملتهبة في منطقة ساخنة بعد أن أعطى الضوء الأخضر للوزير الأول بنيامين نتانياهو لتجسيد رغبة كانت تختلجه منذ سنوات  للبدء في أكبر عملية ابتلاع لما تبقى من الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية، خدمة للمتطرفين اليهود الساعين إلى إقامة دولة لليهود من النهر إلى البحر.

ولم تكن لوزير الخارجية الأمريكي، الشجاعة للقول إن إدارة بلاده إنما أعلنت عن هذا القرار في مثل هذا التوقيت ضمن خطة لتجسيد مشروع الوزير الأول الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو الرامي إلى ضم أجزاء واسعة من أراضي الضفة الغربية لإرضاء أحزاب اليمين المتطرف وإقناعها بالانضمام إلى حكومته التي عجز عن تشكيلها وراح يقدم التنازلات تلوى الأخرى لكسب ودها. وكان نتانياهو قد تعهد شهر سبتمبر الماضي بالقيام بأكبر عملية ضم لهضبة نهر الأردن والجولان السوري المحتل، في حال تم اختياره لتشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة ضمن خطة لكسب ود أحزاب اليمين الديني والعلماني المتطرف في الكيان الإسرائيلي إلى صفه بعد أن عجز في المرة الأولى عن تشكيل حكومته.

ولكن كاتب الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو راح يبرر ما لا يبرر عندما أكد أن إدارة بلاده، وبعد دراسة قانونية مستفيضة انتهت إلى اعتبار إقامة مستوطنات مدنية في الضفة الغربية لا يتعارض مع القانون الدولي. ولم يصدق نتانياهو هدية صديقه دونالد ترامب، فراح يغدق عليه الثناء كونه الرئيس الأمريكي الذي عرف كيف يفسر تاريخ المنطقة وأن اليهود ليسوا محتلين ولا غرباء عن الضفة الغربية المحتلة ضمن نية مبيتة لضم هذا الجزء من الأراضي الفلسطينية وجعل أصحاب الأرض الأصليين غرباء فيها.

وبقدر ما ابتهج المستوطنون وحكومتهم بهذا المكسب الذي لم يكونوا ينتظروه، سارعت السلطة الفلسطينية إلى رفض مثل هذا القرار مؤكدة أن الإدارة الأمريكية ليست مؤهلة وليس من صلاحياتها إلغاء قرارات القانون الدولي ولا حقها في شرعنة مستوطنات، وجودها يتعارض مع كل التشريعات ومواقف المجموعة الدولية.

يذكر أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق، باراك أوباما نددت بقوة بالاستيطان الإسرائيلي وقبلها كتابة الخارجية الأمريكية التي رفضته منذ سنة 1978 بقناعة أن إقامة مستوطنات يهودية في الأراضي الفلسطينية يتعارض مع القانون الدولي، ضمن موقف أيدته إليزابيث وارن مرشحة الحزب الديمقراطي للانتخابات الرئاسية القادمة، واصفة القرار بتحول خطير في السياسة الخارجية الأمريكية وأكدت أنها ستعمل على إلغائه في حال فازت بمقعد البيت الأبيض العام القادم بقناعة أن هذه المستوطنات لا تتعارض مع القانون الدولي فقط، ولكنها تجعل من مسألة تحقيق السلام أمرا مستحيلا.

وأكدت الأمم المتحدة من جهتها أن المستوطنات الإسرائيلية غير شرعية وتشكل عقبة حقيقية على طريق عملية السلام، وخاصة لائحة مجلس الأمن 2334 التي اعتبرت الاستيطان بمثابة خرق للقانون الإنساني وتهديد حقيقي لمبدأ "حل الدولتين". ولم ينتظر الاتحاد الأوروبي طويلا لإبداء موقفه الرافض لمثل هذه القراءة القانونية التي لا تستند على أي مرجعية مجددا التأكيد على موقفه "الواضح" والثابت تجاه هذه القضية، وأكد أن كل نشاط استيطاني، غير شرعي في نظر القانون الدولي ويهدد مبدأ حل الدولتين وآفاق تحقيق سلام دائم في كل منطقة الشرق الأوسط.

وأدانت جامعة الدول العربية الموقف الأمريكي ووصفته بالمتعارض مع القانون الدولي وتطور بالغ السلبية، وحذرت من أن هذا التغيير "المؤسف في الموقف الأمريكي من شأنه أن يدفع جحافل المستوطنين  الإسرائيليين إلى ممارسة المزيد من العنف والوحشية ضد السكان الفلسطينيين، كما أنه يقوض كل فرصة لتحقيق السلام العادل القائم على إنهاء الاحتلال. ويبحث مجلس الأمن الدولي اليوم خلال جلسته الشهرية تطورات الموقف على خلفية القرار الأمريكي والذي سيواجه بالتاكيد بـ"الفيتو" الذي سترفعه الإدارة الأمريكية لإفشال كل مسعى لإصدار لائحة لإدانته.