عواصم العالم تستنكر المقامرة باغتيال قاسم سليماني
ترامب يضع المنطقة على صفيح ساخن

- 593

شيع عشرات آلاف العراقيين أمس، جثمان الجنرال الإيراني قاسم سليماني قائد قوة القدس التابعة لحرس الثورة الإيراني وعشرة من أقرب مساعديه في موكب جنائزي انطلق من العاصمة بغداد وصولا إلى مدينتي النجف وكربلاء قبل نقله إلى بلاده.
ونقلت جثامين قتلى الغارة الجوية الأمريكية في جنازة لم يسبق للعراق أن شهد مثيلا لها في موكب جنائزي رفع خلاله العراقيون الرايات الوطنية ورايات حزب الله والحشد الشعبي وسط شعار موحد، "الموت لأمريكا" في مشهد عكس درجة العداء الشعبي للتواجد الأمريكي في العراق.
وعلى عكس الضحايا العراقيين، فإن الجنرال الإيراني نقل بعدها مباشرة إلى إيران حيث ستشيع جنازته في مسقط رأسه بمدينة كيرمان في وسط إيران مع انتهاء الحداد الذي أعلنته السلطات الإيرانية.
وإذا كانت الولايات المتحدة قد حسمت أمر قاسم سليماني الذي وضعته على رأس قائمة أكبر المطلوبين لديها بالنظر إلى خطره على مصالحها في العراق وكل المنطقة، فإنها لم تضمن رد فعل بلاده ورد المليشيات والأحزاب الشيعية التي كان عضدها الأيمن من حيث تدريب عناصرها أو الدعم المالي الذي كرسه لتسليحها.
واستشعرت الولايات المتحدة وقوات دول التحالف الدولي ضد الإرهاب المتواجدة في العراق هذا الخطر مما جعلها تقرر وقف تحركات قواتها في الوقت الذي قرر فيه البنتاغون تعزيز الإجراءات الأمنية في محيط قواعده العسكرية في مختلف المدن العراقية.
ولم تنتظر الإدارة الأمريكية سوى ساعات لتعلن عن قرار نشر 3500 عسكري إضافي في العراق ومختلف العواصم العربية بهدف تعزيز حماية قواعدها العسكرية ومقار ممثلياتها الدبلوماسية.
ولجأت السلطات الأمريكية إلى هذه الإجراءات الاحترازية بعد أن تعالت الأصوات في مختلف عواصم صناعة القرار الدولي ومختلف العواصم العربية محذرة من حرب جديدة في المنطقة على خلفية صراع إيراني ـ أمريكي متزايد في العراق ومنه إلى مختلف الدول العربية الأخرى.
ويأتي قرار وزارة الدفاع الأمريكية القاضي بإرسال تلك التعزيزات لتفند تبريرات الرئيس دونالد ترامب الذي أكد أن اتخاذه قرار تصفية قاسم سليماني ومساعده أبا مهدي المهندس نائب قائد قوات الحشد الشعبي العراقية جاء لمنعه من تنفيذ عمليات عسكرية كانت على وشك الوقوع، من دون أن يدرك أنه فتح الباب واسعا لتهديدات مباشرة لموظفي السفارات الأمريكية وحتى قوات بلاده المنتشرة في مختلف البلدان العربية، وهي التي جاءت لحماية المصالح الأمريكية لتجد نفسها في النهاية تحت حماية تعزيزات جديدة قادمة من الولايات المتحدة.
ويكون الرئيس الأمريكي قد أساء تقدير الموقف بعد اتخاذه قرار تصفية الجنرال الإيراني دون طلب موافقة الكونغرس حيث جاءه الرد الإيراني سريعا من طرف مرشد الجمهورية آية الله علي خامينائي الذي أمر بالانتقام لمقتل سليماني.
وكان ذلك بمثابة إشارة قوية لمجيد تاخت رافنشي السفير الإيراني في الأمم المتحدة الذي توعد إدارة الرئيس دونالد ترامب، بأن الرد على عمل عسكري سوف لن يكون إلا عسكريا، مضيفا أن الرد "من طرف من، وأين، ومتى فإن المستقبل هو الذي سيحدد ذلك".
وهي اللهجة الحادة نفسها التي استعملها نائب قائد قوات حرس الثورة الإيراني الأميرال علي فداوي الذي أكد من جهته أنه ليس من صلاحيات الأمريكيين تحديد طبيعة الرد الإيراني ويتعين عليهم انتظار انتقام قاس قريبا.
كما توحدت مواقف مختلف الفعاليات السياسية في العراق هذه المرة ضد الولايات المتحدة التي اتهموها بانتهاك سيادة بلادهم، حيث طالبت قيادات الحشد الشعبي عناصرها بالاستعداد لساعة الحسم ضد المصالح الأمريكية في العراق، وأعاد مقتدى الصدر إحياء مليشيات مسلحة سبق وقرر حلها تحسبا لتطورات قد يعرفها المشهد العراقي.
وهي الوحدة التي طبعت مواقف مختلف العواصم الدولية التي أعابت على الرئيس الأمريكي قراره بقناعة أنه لن يزيد الوضع في المنطقة إلا تصعيدا، معبرة عن مخاوفها من تداعيات ذلك على الأمن العالمي.