وسط تفاقم أزمة العطش وتصاعد مخاطر انتشار الأوبئة في غزة

تحذيرات أممية من تدهور الأوضاع إلى مستوى كارثي

تحذيرات أممية من تدهور الأوضاع إلى مستوى كارثي
  • 107
ص. محمديوة ص. محمديوة

يواصل مسؤولو الأمم المتحدة إطلاق مزيد من التحذيرات والنداءات العاجلة لإغاثة سكان قطاع غزة الذين لا زالوا رغم مرور أكثر من 50  يوما من وقف إطلاق النار، يتخبطون وسط كارثة إنسانية غير مسبوقة في ظل مواصلة الاحتلال تشديد قيوده على دخول المساعدات الإنسانية وخروقاته اليومية للهدنة، ناهيك عن متطلبات فصل الشتاء الذي زاد في تعميق معاناة الغزيين. 

حذر الممثل الخاص لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" في فلسطين من تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة إلى مستوى كارثي في وقت أطلق فيه مقرر أممي آخر تحذيرات شديدة من تفاقم أزمة العطش التي تهدد حياة مئات الآلاف من السكان. وقال جوناثان فيتش، في تصريحات صحفية أمس، إنّ الظروف التي تعيشها العائلات الفلسطينية في قطاع غزة بالغة القسوة وإن البرد القارس يزيد من معاناتهم اليومية خاصة الأطفال، مشيرا إلى أن الحياة ما زالت شديدة الصعوبة رغم الإعلان عن وقف إطلاق النار. وأكد وجود حاجة ماسة وفورية لتدخل إنساني عاجل للتخفيف من آلام الأطفال وأسرهم.

من جانبه، حذر المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في مياه الشرب والصرف الصحي من كارثة إنسانية وشيكة في قطاع غزة، موضحا أن جيش الاحتلال دمر نحو 90 بالمئة من منشآت ومحطات المياه منذ بدء العدوان على القطاع. وبين المقرر الأممي أن الاحتلال استخدم سياسة التعطيش كسلاح ضد سكان غزة من خلال استهداف البنية التحتية للمياه ومنع إدخال الوقود اللازم لتشغيل الآبار ومحطات التحلية بما أدى إلى شلل شبه كامل في قطاع المياه، وأشار إلى أن تلوث مياه الشرب يشكل خطرا مباشرا على حياة آلاف العائلات وسط مخاوف متصاعدة من انتشار الأوبئة والأمراض الخطيرة وعلى رأسها الكوليرا نتيجة انعدام المياه الصالحة للاستخدام.

كما أكد أن اتفاق وقف إطلاق النار لم يضع حدا للإبادة الجماعية المستمرة في القطاع وأن الأزمة الإنسانية تتفاقم يوما بعد آخر، مشددا على أن غزة تواجه أزمة عطش خانقة بفعل الحرب والحصار رغم الإعلان عن تهدئة. والمفارقة أن هذه التحذيرات التي يطلقها مسؤولو الأمم المتحدة تأتي في وقت أكدت فيه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" احتجاز سلطات الاحتلال لنحو 6 آلاف شاحنة محملة بالمواد الغذائية والإغاثية، والتي تكفي لتلبية احتياجات قطاع غزة لمدة ثلاثة أشهر كاملة، إضافة إلى مئات الآلاف من الخيام والأغطية المخصصة لـ1.3 مليون نازح.

وقال المستشار الإعلامي للوكالة، عدنان أبو حسنة، في تصريحات صحفية، إن عدد الشاحنات التي تدخل غزة حاليا "يزيد شكليا" عن المعدل المسجل قبل وقف إطلاق النار، لكنه ما زال بعيدا تماما عن تلبية الاحتياجات الهائلة التي يرزح تحتها القطاع بعد عامين من الحرب والحصار. وبينما أشار إلى أن الاحتلال يواصل منع إدخال مئات الأصناف الحيوية، بما في ذلك مستلزمات الصحة والمياه والصرف الصحي والمواد الغذائية الأساسية، حذر أبو حسنة من أن أغلبية سكان غزة فقدوا القدرة الشرائية بشكل شبه كامل وأن الاعتماد الكلي على المساعدات بات الخيار الوحيد المتاح.

وأوضح أن المنظمات الإنسانية تقدمت بطلبات لإدخال مواد ضرورية لإبقاء الخدمات الأساسية قائمة، مثل قطع غيار محطات التحلية والصرف الصحي والمعدات الطبية، إلى جانب السماح بدخول فرق وموظفين دوليين، غير أن الاحتلال يرفض الجزء الأكبر من هذه الطلبات مكتفيا بالسماح بدخول الحد الأدنى من المواد الغذائية وبعض الأدوية. وكان المتحدث باسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، حازم قاسم أكد في تصريحات سابقة أن "كمية ونوعية الشاحنات التي يسمح الاحتلال الإسرائيلي بدخولها إلى قطاع غزة لا تلبي إطلاقا الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية للسكان في ظل الكارثة الإنسانية المستمرة في القطاع".

وأوضح أن "معظم الشاحنات الواردة إلى غزة مخصصة للقطاع التجاري وتحمل مواد تكميلية غير ضرورية في وقت يحتاج فيه السكان إلى مواد إغاثية أساسية بشكل عاجل ومتواصل"، وشدد على أن "المطلوب هو إدخال مساعدات بكميات كبيرة تتناسب مع حجم الأزمة التي يعيشها أكثر من مليوني إنسان، خصوصا مع اقتراب فصل الشتاء والمنخفضات الجوية"، منبها إلى أن الإمدادات الحالية "لا تغطي مطلقا احتياجات الإيواء".


اعتبرتها ردّا طبيعيا على جرائم الاحتلال الصهيوني 

فصائل فلسطينية تشيد بعمليتي الطعن والدهس بالضفة الغربية

أشادت فصائل فلسطينية، أمس، بعمليتي الطعن والدهس النوعيتين، اللتين نفذهما شابان فلسطينيان في مقتبل العمر برام الله والخليل بالضفة الغربية، قبل أن يرتقيا شهيدين برصاص قوات الاحتلال، وأسفرتا عن إصابة ثلاثة جنود إسرائيليين. 

وفي بيان لها، قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إنّ "عملية الطعن البطولية التي نُفذت عند مستوطنة "عطريت" الجاثمة على أراضي قرى شمال رام الله، هي رد طبيعي على جرائم الاحتلال ورسالة واضحة بأن محاولاته كسر إرادة شعبنا عبر العمليات العسكرية والقتل والاعتقالات اليومية والإعدامات الميدانية لن تجدي نفعا".

ونعت الحركة الشهيد، محمد رسلان أسمر، منفذ العملية من بلدة بيت ريما، مؤكدة أن "دماءه الطاهرة ومن سبقه من الشهداء ستبقى وقودًا لاستمرار المقاومة، وأن شعبنا سيظل وفياً لتضحيات أبنائه الذين يدافعون عن أرضهم وكرامتهم ويواجهون الاحتلال بشتى السبل". وقالت إنها "تتابع عمليات المقاومة خلال أقل من 12 ساعة بين الخليل ورام الله، بما يؤكد فشل الاحتلال في فرض معادلات الأمن والردع التي يدعيها ويعبر عن رفض شعبنا لكل محاولات التهويد والضم ومخططات تصفية قضيتنا".

ودعت "حماس" أبناء الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية إلى تعزيز روح الصمود وتصعيد المقاومة بكافة أشكالها، حتى يتحقق حقه في الحرية وتقرير المصير وإقامة دولته الفلسطينية وعاصمتها القدس.ونفس الموقف عبرت عنه الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، التي أشادت في بيان أمس، بـ«التصاعد النوعي للعمليات البطولية في الضفة المحتلة والتي كانت آخرها عمليتا الدهس في الخليل والطعن قرب رام الله". وقالت إنها تعتبرها ردا طبيعيا ومشروعا ومباشرا على جرائم الاحتلال وعمليات الإعدام التي يرتكبها جنوده، إضافة إلى إرهاب عصابات المستوطنين.

وأكدت أن هذه العمليات "تثبت أن المقاومة موجودة وحاضرة في الضفة، كما أن استمرارها بزخم كبير رغم الحملات العسكرية الصهيونية الواسعة يؤكد أن الإرادة الفلسطينية أقوى من جبروت المحتل ويفضح محاولاته المستمرة لكسر شوكة شعبنا وإخماد جذوة المقاومة". كما أكدت الجبهة الشعبية ثقتها بأن هذه العمليات "هي الشرارة التي ستغذي المقاومة وتجعلها تتواصل وتتصاعد، حتى تصل إلى انفجار شامل في وجه الاحتلال"، مشدّدة على أنه "لن يهدأ لشعبنا بال إلا بانتزاع حقوقه كاملة ودحر هذا الكيان الصهيوني الإجرامي".


بتهمة عرقلة حرية ممارسة الصحافة في غزة

شكوى ضد الكيان الصهيوني في باريس 

أعلن الاتحاد الفرنسي الوطني للصحفيين والاتحاد الدولي للصحفيين، أمس، أنهما تقدما بشكوى في باريس بتهمة "عرقلة حرية ممارسة الصحافة" جراء منع سلطات الاحتلال صحفيين فرنسيين من تغطية الحرب في غزة. وتعد هذه الشكوى الأولى التي يتم تقديمها حتى الآن على أساس جريمة "عرقلة حرية ممارسة الصحافة" والأولى التي تدعو المدعي العام في فرنسا إلى البت في هذه التهمة في سياق دولي أصبحت فيه الاعتداءات على حرية الصحافة هيكلية.

وقد أكدت المنظمتان أنه يمكن لهذه الحقائق أن تشكل "جرائم حرب" يمكن لمكتب المدعي العام لمكافحة الإرهاب في باريس التحقيق فيها طالما أنها ارتكبت ضد مواطنين فرنسيين. وفي هذا السياق، أوضحت إحدى المحاميات اللاتي رفعن الشكوى، لويز اليافي، أن "هذه الشكوى.. تندد بالعرقلة المنسقة والعنيفة أحيانا، التي تمنع الصحفيين الفرنسيين من العمل في الأراضي الفلسطينية وتقويض حرية الصحافة".

وبينما أشارت إلى أن الشكوى "تؤكد أيضا على تزايد انعدام الأمن الذي يستهدف الصحفيين الفرنسيين في الضفة الغربية..."، أضافت زميلتها، إينيس دافاو، أن هذه الهجمات، التي تنتهك القانون الإنساني الدولي، ترقى أيضا إلى مستوى جرائم حرب". كما قدم صحفي فرنسي يعمل في عدة مكاتب تحرير ناطقة بالفرنسية، والذي أصر على عدم الكشف عن هويته، شكوى استنكر تعرضه لهجوم على يد المستوطنين خلال تقرير كان بصدد إعداده في الأراضي  الفلسطينية المحتلة.

وبعد رفع هذه الشكوى، طلب مكتب المدعي العام الفرنسي لمكافحة الإرهاب أيضا التحقيق في "جرائم حرب" في قضية مقتل طفلين فرنسيين في قصف إسرائيلي في غزة في أكتوبر 2023. ومنذ بداية الحرب، منعت سلطات الاحتلال الصهيونية الصحفيين من وسائل الإعلام الأجنبية من الدخول بشكل مستقل إلى قطاع غزة. ولم تسمح إلا لعدد قليل من المراسلين بمرافقة قواتها، حيث قدمت لهم فقط الصورة التي تريد هي نقلها للعالم ومنعتهم بالعمل بكل حرية داخل القطاع.

وأحصت منظمة "مراسلون بلا حدود" مقتل أكثر من 210 صحفي منذ بدء العدوان الصهيوني على قطاع غزة في السابع اكتوبر 2023، غير أن سلطات غزة تحصي عددا أكبر من ذلك تجاوز 250 صحفي وعامل في قطاع الإعلام استشهدوا جمعيهم سواء في استهداف مباشر من آلة الحرب الصهيونية أو مع عائلاتهم وفي مخيمات النزوح ومدارس الإيواء في عمليات القصف الممنهج التي دمرت كل القطاع.

وفي فرنسا، تم تقديم عديد الشكاوى فيما يتعلق بالعدوان الصهيوني الذي دام سنتين كاملتين على قطاع غزة. وهي تستهدف على وجه الخصوص الجنود الإسرائيليين الحاملين للجنسية الفرنسية من وحدة النخبة في جيش الاحتلال أو شركة الأسلحة الفرنسية "أورولينكس" أو حتى الفرنسيين الإسرائيليين المتواطئين في جريمة الاستعمار.