انتخابات التجديد النصفي في الولايات المتحدة

امتحان عسير لترامب والحزب الجمهوري

امتحان عسير لترامب والحزب الجمهوري
  • القراءات: 613
م. مرشدي م. مرشدي

تكتسي انتخابات التجديد النصفي التي شهدتها الولايات المتحدة الأمريكية، أمس، أهمية خاصة كونها تشكل امتحانا حقيقيا لشعبية الحزب الجمهوري ولشخص الرئيس، دونالد ترامب، عامين منذ توليه مقاليد رئاسة البيت الأبيض.

وكانت أغلبية الحزب الجمهوري في غرفتي الكونغرس على المحك في انتخابات يراهن الحزب الديمقراطي من خلالها على استعادة الأغلبية التي كان يحوز عليها في عهد الرئيس الامريكي المغادر، باراك اوباما ضمن فرضية إن هي تحققت، فستجعل الرئيس، دونالد ترامب أمام معادلة سياسية جديدة تحتم عليه إعادة النظر في كثير من مواقفه وسياساته التي تبناها إلى حد الآن وسارت في تعارض كبير من مواقف الإدارات الأمريكية السابقة. 

وهو ما جعل التنافس كبيرا بين مرشحي الحزبين الغريمين للظفر بمقاعد غرفة النواب الـ435 و35 مقعدا في مجلس الشيوخ المشكل من 100 مقعد يضاف إليها التنافس على 36 منصبا لحكام الولايات بالإضافة الى انتخابات محلية ذات أهمية.

وحتى وإن لم يفقد حزب الرئيس ترامب الأغلبية فإنه لن يحافظ بالتأكيد على نفس عدد المقاعد التي فاز بها في الانتخابات السابقة بعد مقتل 11 أمريكيا من أصل يهودي في كنيس يهودي بمدينة بيتسبورغ، قبل أن تضاف إليها فضيحة الطرود الملغمة التى أرسلها احد أنصاره لشخصيات سياسية بارزة في الحزب الديمقراطي، ومن بينهم عائلة الرئيسين، باراك أوباما وبيل كلينتون وعدد من النواب والشخصيات السياسية المحسوبة على هذا الحزب.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن ترامب الذي استطاع أن يكسب قلوب الناخبات الأمريكيات في انتخابات نوفمبر 2016 فقد هذا الدعم بعد فضائح التحرش الجنسي التي انفجرت في وجهه وفي وجه الكثير من اقرب مساعديه مما جعل 62 بالمائة من النساء الأمريكيات يؤكدن نيتهن في التصويت لصالح الحزب الديمقراطي وهو ما افقده وعاءا انتخابيا هاما بإمكانه قلب موازين العملية الانتخابية من أساسها.

ورشحت توقعات عمليات سبر الآراء التي أنجزت عشية هذا الموعد الانتخابي الهام حظوظا كبيرة للحزب الديمقراطي لاستعادة الأغلبية في مجلس النواب، مع توقع محافظة الحزب الجمهوري على أغلبية المقاعد في مجلس الشيوخ بمقعد أو مقعدين على اعتبار أن الانتخابات مست ولايات محافظة وموالية للحزب الجمهوري.

وكان الرئيس ترامب اعترف في العديد من المناسبات باتجاه مؤيديه أن انتخابات التجديد النصفي ستكون بمثابة استفتاء حقيقي على مرور سنتين منذ توليه مقاليد الرئاسة الأمريكية في نفس الوقت الذي لم يخف فيه توجسه من النتيجة النهائية وهو الذي قطع الولايات المتحدة ”الدولة القارة” طولا وعرضا، شمالا وجنوبا لشحن الناخبين في محاولة لإبقاء هيمنة حزبه على الهيئتين النيابيتين وكذا مناصب حكام الولايات ضمن خطوة تؤهله لخوض السباق الى البيت الأبيض نهاية سنة 2020 والفوز بعهدة رئاسية ثانية.

ولا يفوت الرئيس ترامب الذي قلب منذ وصوله إلى المكتب البيضاوي، لغة الخطاب السياسي في الولايات المتحدة وطريقة معالجته لقضايا الوضع الداخلي والراهن الدولي كل تجمع انتخابي للتأكيد على قوة الاقتصاد الامريكي والانتعاش الذي عرفه منذ وصوله إلى سدة الحكم في واشنطن، وأيضا طريقة تعاطيه مع مسالة الهجرة السرية وكذا مواقفه من كثير من القضايا الدولية وخاصة مقاربته في التعاطي مع النظام الكوري الشمالي، قبل أن يختمها بقراره فرض عقوبات على النظام الإيراني في محاولة لخنقه اقتصاديا وجعله يتراجع عن كثير من قناعاته في التعاطي مع قضايا الشرق الأوسط.

ولكن الرئيس ترامب في مقابل التباهي بإنجازاته، اعترف أن انتخابات أمس شكلت امتحانا حقيقيا له في ظل شحناء الديمقراطيين الذين يريدون التأكيد انه لا يصلح لأن يكون رئيسا لبلد بحجم وأهمية الولايات المتحدة  عكستها خرجاته ومواقفه السياسية التي كثيرا ما أثارت جدلا حادا في دوائر صناعة القرار الامريكي، وحتى داخل حزبه الجمهوري، كان آخرها إعطاءه أوامر لتعزيزات الجيش الامريكي التي أرسلها الى الحدود المكسيكية بإطلاق النار على المهاجرين اللاتينيين، الزاحفين بالآلاف باتجاه الأراضي الأمريكية ضمن مشاهد كاريكاتورية جعلته يصف هذا الزحف بـ ”الاحتلال”.

هذا وضع جعل هذه الانتخابات تشد أنفاس الأمريكيين بالنسبة في عشرات الدوائر الانتخابية بعد أن اشتد التنافس بين مرشحي الحزبين  إلى درجة أن كل التكهنات لم تحسم لمن تكون الغلبة فيها. وهي كلها معطيات قد تضع الولايات المتحدة أمام غرفتي كونغرس مقسمتين مما يجعل الرئيس الامريكي أمام إشكالية تمرير مشاريعه القانونية وقراراته الحاسمة بما يجعل حظوظه في الظفر بعهدة ثانية صعب المنال في انتخابات مصيرية شهر نوفمبر 2020.