أدركت متأخرة مخاطر التدخل العسكري الأجنبي في الصراع

القوى الدولية تحذر تركيا من إرسال قواتها إلى ليبيا

القوى الدولية تحذر تركيا من إرسال قواتها إلى ليبيا
  • 942
م. مرشدي م. مرشدي

هل يقدم الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان على تنفيذ قراره بإرسال قوات عسكرية إلى ليبيا لنجدة قوات حليفه فايز السراج، وإلى أي مدى يمكن أن يصل هذا التدخل في ظل تعالي نداءات دولية ملحة باتجاه أنقرة بعدم المغامرة بعملية غير محسوبة العواقب قد تفتح المنطقة على كل الاحتمالات الكارثية؟

فمن الأمم المتحدة إلى الاتحاد الإفريقي، مرورا بمختلف العواصم الدولية والإقليمية تعالت الأصوات محذرة من تدخل عسكري تركي في ليبيا، مجمعة على أن ذلك سوف لن يزيد إلا في تعميق الشرخ بين الإخوة الأعداء ويبعد كل فرصة لتحقيق السلم والاستقرار في هذا لبلد الممزق بحرب أهلية منذ سقوط نظامه السابق شهر أكتوبر 2011.

وإذا كانت جميع الأطراف قد شخصت الداء الليبي، فإن كل طرف حرر وصفة على مقاسه لعلاج الفرقة القائمة بين قوات خليفة حفتر في بنغازي وقوات غريمه فايز السراج في طرابلس. والمؤكد أن الدول والمنظمات القارية والدولية التي طالبت السلطات التركية بعد تنفيذ قرارها بإرسال قواتها إلى طرابلس، ستجد الجواب عند الرئيس التركي سهلا مفاده فلتوقف الدول الأخرى تدخلها وسأفعل ذلك في الحين.

وخرج الاتحاد الإفريقي أخيرا عن صمته إزاء التطورات المتسارعة في ليبيا على خلفية مصادقة البرلمان التركي على مشروع قرار إرسال قوات إلى ليبيا تنفيذا لطلب تقدمت به حكومة الوفاق الوطني الليبية، حيث أبدى موسى فكي محمد رئيس المفوضية الإفريقية، قلق الاتحاد من تداعيات الأوضاع في ليبيا وعبر عن بالغ انشغاله لتدهور الوضع في ليبيا ومعاناة سكانها المتواصلة طيلة عقد من الزمن.

وأضاف بيان الاتحاد الإفريقي أن التدخلات السياسية والعسكرية في الشأن الداخلي الليبي زادت من مخاطر المواجهة المفتوحة في هذا البلد ضمن تحركات قال إنها لا تخدم مصالح الشعب الليبي ولا تطلعاته لاستعادة حريته واستقرار بلاده في كنف الديمقراطية والسلم العام. حيث طالب موسى فكي محمد المجموعة الدولية بالانضمام إلى مساعي الاتحاد الإفريقي للبحث عن تسوية نهائية للأزمة الليبية التي أصبحت تهدد الاستقرار في كل قارة إفريقيا.

وسار موقف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أمس، في نفس الاتجاه، حيث حذر من كل دعم أجنبي لأطراف الحرب الليبية، مؤكدا أن ذلك لن يزيد سوى في تعقيد مهمة الجهود المبذولة من أجل التوصل إلى تسوية سلمية للوضع في هذا البلد. وأضاف غوتيريس في بيانه التحذيري من قرار البرلمان التركي دون أن يسميه، أن كل خرق لحظر السلاح الذي فرضه مجلس الأمن الدولي على ليبيا لن يزيد إلا تعميقا لأزمة هذا البلد.

لكن الأمين العام الأممي لم يوضح الدور الذي يتعين على الأمم المتحدة القيام به لفرض احترام قرار الحظر، مكتفيا بتجديد ندائه لوقف إطلاق النار وعودة طرفي الحرب الليبية إلى طاولة المفاوضات والبدء في حوار سياسي لإنهاء حالة الاحتقان المتواصلة.

وأثارت مصادقة البرلمان التركي على طلب الرئيس رجب يطب أرادوغان بإرسال قوات إلى ليبيا مخاوف دولية متزايدة من احتمالات إقدام أنقرة على إرسال قوات إلى طرابلس لنجدة قوات حكومة الوفاق وتمكينها من صد العمليات العسكرية التي تشنها قوات المشير خليفة حفتر على العاصمة طرابلس منذ شهر أفريل الماضي.

وأجرى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، اتصالا هاتفيا مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون تناولا خلاله تطورات الأوضاع في ليبيا، عكس درجة مخاوف باريس من احتمال خلط أوراقها في ليبيا بعد القرار التركي، وهي التي كانت تريد الاستئثار بدور محوري في ترتيبات الوضع فيها لما بعد الحرب، فيما تحاول إيطاليا (القوة الاستعمارية السابقة) عدم ترك أي هامش مناورة لفرنسا في ليبيا التي تعتبرها مجالا حيويا لها في إفريقيا، وأيضا من أجل تأمين حدودها الجنوبية من التهديدات الإرهابية وموجات المهاجرين السريين المتوافدين على شواطئها انطلاقا من مستعمرتها السابقة.

وكثف الرئيس الفرنسي من اتصالاته مع مختلف رؤساء الدول كان آخرهم الرئيس فلاديمير بوتين الذي تباحث معه مخاطر الانزلاق العسكري في ليبيا، حيث ندد بالاتفاق الموقع بين الحكومتين التركية والليبية نهاية نوفمبر الماضي. وجاء هذا الاتصال بعد تحذيرات سبق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن وجهها للرئيس التركي بخصوص كل تدخل أجنبي في الشأن الداخلي الليبي.

وسبق ذلك إجراء الرئيس المصري مكالمة هاتفية مع نظيره الفرنسي نهاية الشهر الماضي أثارا خلالها مخاطر كل انزلاق عسكري في ليبيا وحثا الأطراف الدولية والليبية على السواء للتحلي بالحذر والحيطة لتفادي حدوث الأسوأ.