تصاعد المخاوف بعد إعلان "الدعم السريع" السيطرة عليها
الفاشر.. صراع دام بعيد عن أعين الإعلام
- 243
ص. محمديوة
تصاعدت المخاوف، أمس، من الوضع الكارثي الذي يتخبط فيه سكان الفاشر غداة إعلان قوات الدعم السريع شبه العسكرية فرض سيطرتها على هذه المدينة الاستراتيجية الواقعة في إقليم دارفور غرب السودان وذلك بعد 18 شهرا من محاصرتها. فبين سكان يبحثون عن سبل للنجاة بأرواحهم ومئات آلاف من المدنيين وجدوا أنفسهم في فخ محاصرين بين فكي كماشة صراع مسلح دام محتدم بين قطبي المعادلة العسكرية في السودان واتصالات مقطوعة، يبقى الوضع المتدهور في الفاشر يبعث على الكثير من القلق ويطرح السؤال التالي ماذا يجري في الفاشر؟.
قد تكون الإجابة على هذا السؤال تحتاج إلى الكثير من المعطيات المغيبة في الوقت الحالي في ظل الغموض الذي يكتنف المشهد السوداني عموما وفي الفاشر خصوصا، خاصة وأن المنطقة محاصرة منذ عام ونصف العام، وأكثر من ذلك يأتي إعلان قوات الدعم السريع التي يقودها الجنرال المعروف باسم حميدتي بفرض سيطرته عليها ليزيد في غموض هذا المشهد المضطرب باعتبار أن السيطرة على الفاشر يشكل مفتاح السيطرة على إقليم دارفور. وحتى وإن لم يصدر الجيش النظام السوداني أي تعليق على إعلان الدعم السريع، إلا أن هذا الأخير جاء بعد أيام من المعارك العنيفة في محيط الفرقة السادسة مشاة، بما دفع بالجيش إلى الانسحاب من بعض المواقع لأسباب وصفها مصدر فيه بأنها "تكتيكية".
ولكن مثل هذا الانسحاب من آخر معاقل الجيش في الغرب، حتى وإن تم التسليم أنه تم لدواع تكتيكية، إلا أنه في الواقع، ووفقا للكثير من المتتبعين للصراع السوداني، فإنه يعد تطوّرا لافتا وتصعيدا خطيرا في مسار الصراع المندلع منذ منتصف أفريل من عام 2023 والذي تسبب في كارثة إنسانية غير مسبوقة.
وقد أقر الأمين العام الأممي، أنطونيو غوتيريس، أمس، بخطورة الوضع عندما حذّر من "تصعيد مروع" للنزاع في السودان، وقال في مؤتمر صحفي بالعاصمة الماليزية كوالالمبور، على هامش القمة 47 لرابطة دول الآسيان، أن ذلك "يشكل تصعيدا مروعا في النزاع"، مضيفا أن "مستوى المعاناة التي نشهدها في السودان لا يمكن تحمله".
وأوضح الرجل الأول في المنظمة الأممية بأن "النزاع في السودان أدى إلى انخراط قوى خارجية" ، لافتا إلى أنه "حان الوقت ليقول المجتمع الدولي بوضوح لكل الدول التي تتدخل في هذه الحرب وتزوّد أطرافها بالأسلحة أن تتوقف عن ذلك". وقال إنه "من الواضح أن الأمر لم يعد مجرد نزاع سوداني بين الجيش وقوات الدعم السريع، بل نشهد تدخلا خارجيا متزايدا يقوض فرص التوصل إلى وقف لإطلاق النار وحل سياسي".
وتحاصر قوات الدعم السريع منذ أكثر من سنة مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دافور، حيث تتعرض لهجمات مكثفة في الأشهر الماضية خاصة مخيمات النازحين التي كانت تضم مئات الآلاف من النازحين من مناطق الحرب. وتعد الفاشر آخر مدينة كبيرة في إقليم دارفور لا تزال تحت سيطرة الجيش وتحاصر قوات الدعم السريع 260 ألف مدني على الأقل داخل الفاشر منذ ماي 2024، وتحذر الأمم المتحدة من أنهم يعانون انعداما حادا للأمن الغذائي بسبب توقف شبه كامل للمساعدات. ويخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أفريل 2023 نزاعا مسلحا أسفر عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح ولجوء حوالي 15 مليونا بحسب تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.