استشهاد جرحى كانوا يتلقون العلاج وإصابة آخرين
الاحتلال الصهيوني يقصف مجمّع "ناصر" الطبي مجدّدا

- 177

أدانت سلطات غزة بأشد العبارات الجريمة النكراء التي ارتكبها جيش الاحتلال الصهيوني، فجر أمس، بقصفه مجدّدا مجمّع "ناصر" الطبي بخانيونس جنوب القطاع في انتهاك صارخ وفاضح لكل القوانين الدولية والمواثيق الإنسانية، وعلى رأسها اتفاقيات جنيف، التي تحظر استهداف المنشآت الصحية والطبية.
أسفر هذا القصف الإجرامي الذي نفذته قوات الاحتلال عن استشهاد الصحفي، حسن اصليح، بينما كان يتلقى العلاج داخل مجمّع "ناصر" الطبي إثر إصابة سابقة تعرّض لها جراء استهداف مباشر خلال تأديته لواجبه المهني في جريمة مزدوجة تعكس الإصرار على ملاحقة الصحفيين الفلسطينيين، ليس فقط في ميادين التغطية، بل حتى في أماكن تلقي العلاج في انتهاك فج لكل القيم الإنسانية والمواثيق الدولية ومحاولة مفضوحة لإسكات الصوت الحر والكلمة الصادقة.
كما أسفر القصف عن استشهاد وإصابة عدد من الجرحى المدنيين الذين كانوا يتلقون العلاج داخل المنشأة الطبية في تصعيد خطير يرقى إلى جريمة حرب متكاملة الأركان تستوجب محاسبة عاجلة أمام العدالة الدولية.
وأكد المكتب الإعلامي الحكومي في غزة أن هذا الاستهداف المزدوج للصحفيين والمنشآت الطبية يُشكّل جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، تستوجب محاسبة دولية عاجلة أمام المحاكم والهيئات القضائية المختصة ولا يمكن السكوت عنها أو التعامل معها كأرقام عابرة.
وبينما حمّل المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة المركبة، دعا كل المؤسّسات الدولية والأممية ذات العلاقة إلى الضغط في اتجاه فتح تحقيق فوري وجاد في هذه الجريمة والعمل على وقف الاستهداف المنهجي للمؤسّسات الطبية في قطاع غزة.
وطالب المجتمع الدولي ومؤسّسات العدالة الدولية، بما فيها المحكمة الجنائية الدولية، بالتحرك العاجل لتوثيق ومحاسبة الاحتلال وقادته المجرمين عن هذه الجرائم البشعة بحقّ الصحفيين والمدنيين والكوادر الطبية. وأكد المكتب الإعلامي في غزة على استمرار الصحفيين الفلسطينيين في أداء واجبهم المهني والوطني رغم كل محاولات الترهيب والتصفية، مثمّنا تضحياتهم العظيمة التي تسطر ملحمة الحقيقة في وجه آلة القتل الإسرائيلية. وأدان المجلس الوطني الفلسطيني قصف مجمع "ناصر الطبي" وقال إنه يعد "جريمة حرب مركبة"، لافتا إلى أن مضي قوات الاحتلال في ارتكاب جرائم إبادة جماعية ممنهجة بحق الشعب الفلسطيني، خاصة من خلال التسبب المتعمد في الموت عبر سياسة التجويع والحرمان من الرعاية الصحية والماء والدواء وسائر المقومات الأساسية للحياة، إنما هي "أفعال تندرج بوضوح ضمن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية".
وشدّد المجلس في بيان له على أن ما قام به الاحتلال الصهيوني والذي أسفر عن استشهاد عدد من المرضى والمدنيين من بينهم الصحفي، حسن أصليح، انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني وعلى رأسه اتفاقيات جنيف التي تحظر استهداف المرافق الطبية والمدنيين، مضيفا أن استهداف الصحفيين واستشهاد عدد كبير منهم "يؤكد العقلية الإجرامية التي تدير هذه الحرب".
وإلى جانب قصفه مجمّع "ناصر" الطبي، نفذ الطيران الحربي الصهيوني بعد منتصف ليلة الاثنين إلى الثلاثاء سلسلة من الغارات العنيفة، ارتقى على إثرها المزيد من الشهداء في منطقة العمودي شمال مدينة غزة. كما شنّ الطيران الحربي المروحي التابع للاحتلال غارة على شقة سكنية قرب المسجد الأبيض في مخيم الشاطئ غرب المدينة.
منظمات أممية ودولية تحذّر من "مجاعة كارثية" في غزة
من جهتها، دقت منظمات تابعة للأمم المتحدة ناقوس الخطر من "مجاعة كارثية" يواجهها سكان قطاع غزة جراء استمرار العدوان الصهيوني وحصاره المطبق، داعية إلى احترام القانون الإنساني الدولي والسماح بدخول الإمدادات فورا ومحذّرة من أن استمرار الحصار سيؤدي إلى معدلات وفيات تفوق مستوى المجاعة خلال الأشهر المقبلة.
وفي هذا السياق، دعت منظمة الأغذية والزراعة "الفاو" وبرنامج الأغذية العالمي ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونيسف" إلى فتح المعابر والسماح فورا بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، محذّرين من الانهيار الكامل للقطاع الزراعي وارتفاع معدلات سوء التغذية والوفيات نتيجة الحصار المستمر وحرمان السكان من الغذاء والمياه والرعاية الصحية.
وحذّرت المديرة التنفيذية لبرنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين، من أن "عائلات بأكملها تتضور جوعا، بينما تقف المساعدات على الحدود دون إذن للدخول"، مؤكدة أن "المجاعة لا تأتي فجأة، بل تنشأ عندما يمنع الناس من الحصول على الغذاء والرعاية". من جانبها أكدت مديرة "اليونيسف"، كاثرين راسل، أن الجوع وسوء التغذية أصبحا واقعا يوميا لأطفال غزة، داعية إلى تحرّك فوري لتفادي كارثة إنسانية.
وأكدت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أيضا أن الأزمة الإنسانية في قطاع غزة بلغت "مستويات كارثية"، مطالبة باستئناف وقف إطلاق النار بشكل عاجل وتوفير الحماية للمدنيين وضمان إيصال المساعدات الإنسانية، في حين أعربت عن التزامها الكامل بتنفيذ أنشطة الحماية وتقديم المساعدات في قطاع غزة ضمن مهمتها الإنسانية، بما يشمل تسهيل عمليات إطلاق سراح الأسرى وتوفير المساعدات الطبية وغيرها من أشكال الدعم الإنساني الأساسي.
ونفس التحذير أطلقته منظمة "أطباء العالم" من استخدام سوء التغذية الحاد في غزة كسلاح حرب مع استمرار الحصار الصهيوني المشدّد على هذا الجزء من الأرض الفلسطينية المحتلة لأكثر من 18 شهرا.
ففي تقرير أعدته المنظمة غير الحكومية مبني على أساس معطيات لستة مراكز صحية تسيرها في غزة، أشارت منظمة "أطباء العالم" إلى علاقة وطيدة بين ارتفاع حالات سوء التغذية والحصار الصهيوني الذي يمنع دخول المساعدات الإنسانية إلى كل أنحاء القطاع. وهو ما يؤكد حقيقة استخدام الاحتلال للجوع كسلاح حرب على سكان غزة لحملهم على الانصياع لأوامره خاصة فيما يتعلق بالتهجير القسري.
وتدق مختلف المنظمات الأممية ناقوس الخطر من مجاعة كارثية في غزة في وقت تشير فيه التقارير إلى أن أكثر من 116 ألف طن من المساعدات الغذائية جاهزة على المعابر وتكفي لإطعام نحو مليون شخص لمدة أربعة أشهر لكنها لم تدخل بسبب الحصار. كما استنفدت مخزونات الغذاء بالكامل وأغلقت جميع المخابز 25 المدعومة بسبب نفاد دقيق القمح ووقود الطهي منذ نهاية أفريل الماضي.
منذ بداية حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة
ارتفاع عدد الشهداء من الصحفيين إلى 215
أدان المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، أمس، بأشد العبارات استهداف وقتل واغتيال الاحتلال الصهيوني للصحفيين الفلسطينيين بشكل ممنهج، والذين كان آخرهم استشهاد الصحفي حسن عبد الفتاح اصبيح، الذي يعمل مديرا لوكالة "علم 24 للأنباء"، إثر القصف الصهيوني الإجرامي الذي استهدف فجر أمس، مجمّع "ناصر" الطبي بخانيونس جنوب قطاع غزة.دعا المكتب الإعلامي الاتحاد الدولي للصحفيين واتحاد الصحفيين العرب وكل الأجسام الصحفية في كل دول العالم إلى إدانة هذه الجرائم الممنهجة ضد الصحفيين والإعلاميين الفلسطينيين في قطاع غزة.
وكان الصحفي اصبيح يتلقى العلاج في مجمّع "ناصر" الطبي وذلك بعد أن كان قد أُصيب في محاولة اغتيال سابقة، ولكن آلة التقتيل الصهيونية التي لا ترحم أحدا طالته حتى وهو على سرير المرض.
وحمل المكتب الإعلامي الاحتلال الإسرائيلي والإدارة الأمريكية والدول المشاركة في جريمة الإبادة الجماعية مثل المملكة المتحدة بريطانيا وألمانيا وفرنسا المسؤولية الكاملة عن ارتكاب هذه الجريمة النَّكراء الوحشية.
كما طالب المجتمع الدولي والمنظمات الدولية والمنظمات ذات العلاقة بالعمل الصحفي والإعلامي في كل دول العالم إلى إدانة جرائم الاحتلال وردعه وملاحقته في المحاكم الدولية على جرائمه المتواصلة وتقديم مجرمي الاحتلال للعدالة. وطالبها أيضا بممارسة الضغط بشكل جدي وفاعل لوقف جريمة الإبادة الجماعية ولحماية الصحفيين والإعلاميين في قطاع غزة ووقف جريمة قتلهم واغتيالهم.
في سابقة هي الأولى من نوعها
البرلمان البريطاني يحيي الذكرى 77 للنكبة الفلسطينية
أحيا البرلمان البريطاني، أمس، الذكرى 77 لنكبة فلسطين عام 1948 بالشراكة مع سفارة دولة فلسطين وذلك في مبنى البرلمان بالعاصمة لندن، في خطوة تعد سابقة من نوعها.
حضر الفعالية عدد من أعضاء البرلمان البريطاني عن الأحزاب الكبرى إلى جانب أعضاء من السلك الدبلوماسي العربي والأجنبي المعتمد في بريطانيا وممثلين عن الجاليات الفلسطينية والعربية والإسلامية في المملكة المتحدة.
وفي كلمته بالمناسبة، قال سفير دولة فلسطين لدى المملكة المتحدة، حسام زملط، إن "النكبة الفلسطينية هي أساس النضال الفلسطيني من أجل الحرية والعدالة"، مضيفا أن الكيان الصهيوني "خرق كل الحدود القانونية والأخلاقية من خلال مذابحه المستمرة بحقّ شعب فلسطين في قطاع غزة كما يواصل ترويع وترحيل عشرات الآلاف من الفلسطينيين في الضفة الغربية ويطلق العنان للمستعمرين للاعتداء على أبناء الشعب الفلسطيني العزل في القدس الشرقية وبقية الأراضي المحتلة".
وشدّد زملط على أن "حقّ الشعب الفلسطيني يزداد وضوحا رغم كل هذه المذابح والإبادة الجماعية"، مشيرا إلى "المسؤولية التاريخية والقانونية والإنسانية التي تتحمّلها بريطانيا في نكبة الشعب الفلسطيني التي حلّت به على يد العصابات" الصهيونية عام 1948. وطالب الحكومة البريطانية بـ«عدم تأخير الاعتراف بدولة فلسطين وعدم التخلّي عن التزاماتها تجاه القانون الدولي"، مؤكدا ضرورة "أن تلعب المملكة المتحدة دورا قياديا لا تابعا في هذا السياق". واختتم الدبلوماسي الفلسطيني كلمته بالتأكيد على أن نكبة الشعب الفلسطيني لا تزيده إلا "عزيمة وإصرارا" على تحقيق دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف وأن ذكرى النكبة تظل "مشعلا" تحمله الأجيال المتعاقبة حتى التحرير وتحقيق آمال الشعب الفلسطيني وتطلّعاته.
صوّت بالإجماع على قرار يدعو لمحاسبة قادة الاحتلال وتوقيفهم
برلمان بروكسل يوجّه صفعة للكيان الصهيوني
صوّت برلمان بروكسل، أول أمس، بالإجماع على قرار تاريخي يطالب الحكومة الفدرالية البلجيكية بتنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية، بما يشمل قادة حاليين لدى الكيان الصهيوني ، يتقدمهم رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، المطلوب بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في غزة.
أكد نواب البرلمان أن تلك التصريحات "تقوّض مصداقية التزام بلجيكا بالقانون الدولي وتمثل انتهاكا لروح ونصّ نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية"، مشدّدين في مداخلاتهم على أن "العدالة الدولية لا تعرف استثناءات" وأن احترام القانون الدولي الإنساني يتطلب مواقف متسقة ومبدئية. وطالب القرار بفرض عقوبات موجّهة ضد المسؤولين المتورطين في الانتهاكات في قطاع غزة ودعم المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة محاولات التشكيك والضغط السياسي.
كما تضمّن "دعوة صريحة لتنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحقّ المسؤولين الصهاينة دون استثناء"، إلى جانب رفض رسمي لتصريحات رئيس الوزراء البلجيكي التي تمنح حصانة سياسية لمرتكبي الجرائم. ودعا إلى "إنشاء آلية دائمة بين وزارات العدل والخارجية والسلطات القضائية لتسريع الاستجابة لطلبات المحكمة الجنائية" مع الدعوة لفرض عقوبات محدّدة على منتهكي القانون الإنساني الدولي، إلى جانب التأكيد على الدفاع عن استقلالية المحكمة الجنائية داخل مؤسّسات الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك تضمينها في قانون "الحظر الأوروبي".
ويأتي القرار في خطوة غير مسبوقة تعكس تصاعد الدعم الأوروبي للمساءلة الدولية وكردّ مباشر على تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها رئيس الوزراء البلجيكي، بارت دي ويفرو، أكد فيها أن بلاده "لن تعتقل على الأرجح" نتنياهو في حال زار بلجيكا بما أثار موجة استياء داخل الأوساط السياسية والحقوقية.
وفي أولى ردود الفعل الفلسطينية، ثمّنت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، أمس، عالياً قرار برلمان بروكسل. ودعت الحكومة البلجيكية إلى الاستجابة لهذا القرار والعمل على تمكين العدالة الدولية من أداء مهامها اتساقا مع مبادئ القانون الدولي ومع الضمير الإنساني الرافض للممارسات الوحشية وحرب الإبادة التي تشنّها حكومة مجرم الحرب نتنياهو بحق المدنيين العزل في قطاع غزة. من جانبه، قال رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، روحي فتوح، أن تصويت برلمان بروكسل بالإجماع على قرار تاريخي يطالب بتنفيذ مذكرات التوقيف الصادرة عن المحكمة الجنائية الدولية بحقّ قادة الاحتلال الصهيوني، يمثل خطوة متقدمة في مسار العدالة الدولية ويعيد الاعتبار للقانون الدولي وقرارات المحاكم الدولية ويعكس إرادة سياسية أوروبية متنامية لمحاسبة مجرمي الحرب على جرائمهم في قطاع غزة.
وأضاف، في بيان له، أن هذا القرار يعد صفعة قوية لمحاولات بعض الحكومات الأوروبية التهرّب من التزاماتها القانونية تجاه المحكمة الجنائية الدولية ويؤكد أن الإفلات من العقاب لم يعد مقبولا في ضمير الشعوب الحرة. وأشار إلى أن القرار يدعو إلى فرض عقوبات على المسؤولين المتورطين في انتهاكات القانون الإنساني الدولي ويطالب بإنشاء آلية دائمة بين وزارتي العدل والخارجية والسلطات القضائية لتسريع الاستجابة لطلبات المحكمة الجنائية الدولية، بما يعزّز من مصداقية القانون الدولي ويعيد الاعتبار لضحايا العدوان الصهيوني.وأكد فتوح أن هذا الموقف البرلماني الشجاع يجب أن يكون نموذجا يحتذى به في باقي البرلمانات الأوروبية والعالمية، داعيا إلى ترجمة هذا القرار إلى خطوات عملية تضمن محاسبة قادة الاحتلال على جرائمهم وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني. وثمّن المسؤول الفلسطيني الموقف المبدئي لبرلمان بروكسل واعتبره انتصارا للعدالة والحق وخطوة مهمة نحو إنهاء الاحتلال وتحقيق تطلّعات الشعب الفلسطيني في الحرية والاستقلال.