الحرب الأهلية في سوريا تدخل عامها الخامس

اقتتال متواصل وأفق سياسي غامض

اقتتال متواصل وأفق سياسي غامض
  • القراءات: 580
م. مرشدي م. مرشدي
دخلت الحرب الأهلية في سوريا عامها الخامس على التوالي، مدة طالت، وجعلت السوريين يفقدون الأمل في إمكانية إنهاء مأساتهم التي حوّلت حياة الرفاه والسكينة التي كانوا يحيونها إلى جحيم لا يطاق.
ويتذكر كل العالم المظاهرات الشعبية محدودة العدد في مدن حلب وحماه والعاصمة دمشق لشباب سوريين أرادوا أن يستغلوا زخم الأحداث الدائرة حينها في تونس ومصر وليبيا واليمن، لمطالبة نظام الرئيس بشار الأسد بحريات أكبر وديمقراطية أوسع، ولكن المسيرات ما لبثت أن تحولت إلى حمام دم بين قوات الأمن ومتظاهرين ما لبثوا أن شددوا موقفهم وحملوا السلاح ضمن حرب أهلية مازالت مستمرة إلى حد الآن.
ويقف السوريون في العام الخامس من مغامرة الخروج إلى شوارع كبريات المدن السورية وأريافها على حقيقة مأساوية ثمنها أكثر من 210 آلاف قتيل، وفرار عشرة ملايين سوري من منازلهم، أربعة ملايين منهم لجأوا إلى الخارج بدون الحديث عن حجم الدمار الذي مس البنى التحتية،  والشرخ النفسي الذي تكرّس بين مكونات المجتمع السوري.
ولكن المأساة الحقيقية أن " الثورة" ضد نظام الرئيس بشار الأسد تحولت من مجرد سجال دام بين حكومة متشبثة بشرعيتها وبين معارضة مسلحة أصرت على الإطاحة بها، إلى حرب بين هؤلاء وتنظيمات إرهابية متطرفة رافضة لهؤلاء ولهؤلاء.
ففي الوقت الذي كان الجيش السوري الحر الجناح العسكري لمختلف القوى السياسية المعارضة في سوريا يواجه القوات السورية، ما لبث أن وجد المشهد قد أصبح ثلاثي الأبعاد بعد أن دخلت تنظيمات تتبنى مبادئ تنظيم القاعدة والدولة الإسلامية مسرح المواجهة، وجعل أزمة هذا البلد تأخذ منحى خطيرا بعد أن تحولت سوريا إلى مسرح تداخلت فيه مصالح مختلف القوى الكبرى، وكانت سببا في ديمومة هذه الحرب كل هذه المدة.
والصورة اليوم في سوريا أكثر من قاتمة. وقد أصبح أكثر من 12 مليون سوري مهددين بمجاعة حقيقية بعد أن فقدوا مناصب عملهم وأُرغموا على هجرة منازلهم ومناطقهم الأصلية ضمن ظروف اقتصادية كارثية، جعلت أخصائيين يؤكدون أن الاقتصاد السوري تراجع ثلاثة عقود إلى الوراء، وكل عملية إصلاح تتطلب ما لا يقل عن 30 مليار دولار لوضعه من جديد على سكة النمو.
وعندما تحركت المجموعة الدولية في الربع الساعة الأخير من حرب أهلية مدمرة، فإن تحركها جاء في الوقت الضائع بعد أن فشلت الأمم المتحدة عبر مبعوثيها كوفي عنان والأخضر الإبراهيمي في احتواء أزمة أخذت أبعادا مأساوية، وقف عليها ستافان دي ميستورا ثالث مبعوث أممي إلى هذا البلد مبهوتا، وقد صعب عليه حلحلة وضع كارثي رغم إصراره على مواصلة مساعيه؛ عله ينجح حيث فشل الآخرون.
ولكن واقع الحال في سوريا يزيد القناعة بأن ينتهي دي ميستورا هو الآخر إلى رمي المنشفة؛ إقرارا باستحالة تسوية هذه الأزمة بعد أن دخل تنظيم داعش كطرف فيها وبقي الصراع محتدما بين القوى الكبرى؛ حفاظا على مصالحها في بلد هام في منطقة الشرق الأوسط.