قدمت مذكرتي سحب الثقة من الحكومة الفرنسية

"إصلاح التقاعد" يثير غضب المعارضة ويفجر الشارع

"إصلاح التقاعد" يثير غضب المعارضة ويفجر الشارع
  • القراءات: 522
ق. د ق. د

اشتدت حدة القبضة بين الرئيس الفرنسي، ايمانويل ماكرون، والمعارضة في ظل تقديم الأخيرة لمذكرتي سحب ثقة من الحكومة الفرنسية للجمعية الوطنية على خلفية إقرار قانون إصلاح نظام التقاعد دون تمريره على البرلمان في خطوة مثيرة بقدر ما أثارت غضب المعارضة فجرت الشارع الفرنسي الرافض لهذا الإصلاح.

جاء القرار الحكومي في أعقاب تصديق مجلس الشيوخ ذي الأغلبية اليمينية صباح الخميس الأخير على نص التسوية لإصلاح نظام التقاعد الذي يرفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما في جلسة استمرت ساعة و45 دقيقة. وهو ما دفع المعارضة من اليسار واليمين المتطرف لتقديم اقتراحين على التوالي لسحب الثقة من حكومة اليزابيث بورن من المقرر أن تنظر فيهما الجمعية الفرنسية غدا الإثنين.

وقدم أحد المقترحين نواب مجموعة "ليوت" المستقلة التي تضم عدة أحزاب، حيث شارك نواب من ائتلاف "نوبس" اليساري في التوقيع على اقتراح حجب الثقة. ثم بعدها قدم نواب من "التجمع الوطني" اليميني المتطرف اقتراحا آخر بحجب الثقة وذلك بعد أن ندد الحزب بما وصفه "بإصلاح غير عادل وغير مجد".

ويأتي الاقتراحان بمثابة رد مباشر على قرار الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، الذي استند الخميس الأخير إلى المادة 49.3 من الدستور التي تسمح بتبنّي القوانين من دون التصويت عليها في الجمعية الوطنية.

ويحتاج حجب الثقة عن الحكومة إلى موافقة الأكثرية المطلقة أي تصويت حوالي 287 نائب من أصل 577 في الجمعية الوطنية ضمن فرضية تبدو غير مرجحة باعتبار أن النواب المعارضين لقانون إصلاح نظام التقاعد من اليسار واليمين المتطرف يشكلون ما مجموعه فقط 91 نائبا.

ويظهر شبه إجماع على اعتبار اللجوء إلى المادة 49.3 من الدستور لتبنّي مشروع القانون من دون تصويت في الجمعية الوطنية، نكسة بالنسبة إلى الرئيس ماكرون، الذي رهن رصيده السياسي في سبيل هذا الإصلاح جاعلا منه أبرز مشاريع ولايته الرئاسية الثانية.واختارت الحكومة الفرنسية رفع سن التقاعد القانوني استجابة للتدهور المالي الذي تشهده صناديق التقاعد ولشيخوخة السكان. كما أنها تعد من بين الدول الأوروبية التي تعتمد أدنى سن للتقاعد من دون أن تكون أنظمة التقاعد قابلة للمقارنة مع غيرها من الدول بشكل كامل.

ولكن قرار الحكومة الفرنسية تسبب في غليان الشارع الفرنسي الذي يحضر خلال هذين اليومين المتزامنين مع عطلة نهاية الأسبوع لتنظيم مزيد من المسيرات والمظاهرات الاحتجاجية، التي أعلنت عدة قطاعات انضمامها لهذه الحركة الاحتجاجية العارمة عبر الدخول في اضرابات.  وفي خطوة استباقية لمنع الاحتجاجات، أعلنت شرطة العاصمة باريس أمس، منع التجمهر بساحة "لاكونكورد" وأمام "شنزيليزي" وذلك بعد سهرتين نظمهما آلاف المتظاهرين خلال اليومين الماضيين لم تخلوا من انزلاقات أمنية وأعمال عنف.

وبررت محافظة الشرطة قرارها "بسبب مخاطر جادة للإخلال بالنظام والأمن العمومي... فإن كل تجمع على الساحة العمومية لاكونكورد ومحيطها وأيضا بشارع الشانزيلزي ممنوع"، محذّرة "الأشخاص الذين يحاولون التجمع هناك بأنه سيتم طردهم بشكل منهجي من قبل الشرطة وقد يتم تغريمهم".

ويأتي هذا التحذير الأمني غداة تجمع حوالي 2500 متظاهر مساء الجمعة في ساحة الكونكورد في باريس المقابلة لمقر البرلمان وذلك لليوم الثاني على التوالي للاحتجاج ضد إقرار الإصلاح. وغداة خروج مسيرات عارمة شملت كبرى المدن الفرنسية بداية من العاصمة باريس مرورا بليون وصولا الى ستراسبورغ استجابة لدعوة نقابات الاتحاد العمالي العام الرافضة للقانون الجديد.

وتخللت تلك الاحتجاجات أعمال عنف وجه خلالها المئات من عناصر الأمن بالزجاجات والألعاب النارية والذين ردوا بإطلاق قنابل الغاز المسيل للدموع في مشهد كر وفر بين الطرفين أظهر درجة احتقان الشارع الفرنسي من قرارات حكومته الماضية في تطبيق إصلاحها. وأعلن على إثره وزير الداخلية، جيرالد دارمانان، عن اعتقال ما لا يقل عن 300 شخص أكثر من 250 منهم في باريس وحدها.