تشييع جثامين 14 شهيدا في الذكرى الـ51 للثورة الفلسطينية
إصرار شعبي على مواصلة الكفاح

- 774

مع حلول العام الجديد، أحيا الفلسطينيون الذكرى الـ51 لاندلاع ثورة الفاتح جانفي ضد محتل صهيوني ماض قدما في تنفيذ مخططاته الاستيطانية والتهويدية لتحقيق غايته في إقامة دولته العبرية على أنقاض فلسطين التاريخية. وبقدر ما تذكر هذه المناسبة بآلام ومأساة شعب فلسطيني، كتب عليه أن يواصل دفع الثمن غاليا بدماء أبنائه، بقدر ما تمنح له مزيدا من الإرادة والصبر لمواصلة كفاحه لإنهاء احتلال كتم منذ عقود على أنفاس الفلسطينيين لكنه فشل في قتل روح المقاومة والنضال لديهم.
والمفارقة أن هذه الذكرى تعود هذا العام وأرض المعراج تطوي عاما من الكفاح والنضال وتستقبل عاما جديدا بمزيد من الآلام والأحزان ترجمه أمس مشهد آلاف الفلسطينيين وهم يشيعون جثمانين شهداء دفعوا حياتهم من أجل نصرة قضية شعبهم العادلة. وكان المشهد الذي عاشته مدينة الخليل بالضفة الغربية أكثر من مؤثر وقد حمل الفلسطينيون فوق أكتافهم جثامين 14 شهيدا كانت سلطات الاحتلال قد سلمتها لذويهم بعد أيام وحتى أسابيع من احتجازها في سياق تصاعد وتيرة ما أصبح يعرف بانتفاضة فتيان السكاكين التي تشهدها الأراضي المحتلة مؤخرا.
وكان من ضمنها جثمان الشهيد باسل صدر الذي سقط برصاص قوات الاحتلال في 14 أكتوبر الماضي بعد أن حاول طعن جندي إسرائيلي بالقرب من البلدة القديمة بالقدس المحتلة وبقي جثمانه محتجزا لدى المحتل الإسرائيلي لـ80 يوما كاملة لم تفقد خلالها عائلته الأمل في استرجاعه ودفنه وفق ما يليق بمقام الشهداء. وتؤكد السلطة الفلسطينية أن إسرائيل لا تزال تحتجز ما لا يقل عن 17 جثمانا من بينها 15 تعود لشهداء ينتمون الى القدس الشرقية. وليس ذلك فقط، فقد أحيا الفلسطينيون ذكرى ثورتهم على وقع قصف الطيران الحربي الإسرائيلي صباح أمس لعدة مواقع بقطاع غزة المحاصر منذ تسع سنوات. واستهدفت الغارات أربعة مواقع انطلاقا من بيت حنون في شمال القطاع وصولا الى رفح جنوبا خلفت عدة خسائر مادية لكن من دون أن يبلغ عن سقوط ضحايا.
وتقصف غزة مجددا وهي لم تضمد بعد جراح حرب إسرائيلية دامية استهدفتها قبل عام ونصف العام من الآن دمرت بناها التحتية وتركت سكانها يتخبطون في أزمة إنسانية واقتصادية زادت في معاناتهم وهم المحرومين منذ سنوات من أقل متطلبات الحياة بسبب الحصار الإسرائيلي. ورغم كل هذه المآسي، وجدت القيادة الفلسطينية بريق أمل في تغيير تركيبة مجلس الأمن الدول بحلول العام الجديد لعل وعسى أن يساهم بشكل وبآخر في إسماع الصوت الفلسطيني الجريح لدى صناع القرار في العالم. ومع بداية العام انضمت إلى مجلس الأمن خمس دول جديدة من هي مصر والسنغال واليابان إلى جاب كل من أوكرانيا وأوروغواي كأعضاء غير دائمين لمدة عامين حلت محل الأردن وليتوانيا وتشاد ونيجيريا وتشيلي.
وترى القيادة الفلسطينية في هذه التركيبة الجديدة أنها "ستكون داعما" لتوفير تسعة أصوات مؤيدة لمشاريع القرارات التي تنوي تقديمها إلى مجلس الأمن الدولي والتي تتناول بالأخص قضايا الاستيطان والقدس وحماية المقدسات فيها والاعتراف الكامل بدولة فلسطين وتحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال وطلب توفير حماية دولية للشعب الفلسطيني. ويأتي هذا التحرك الفلسطيني في ظل استمرار موجة التوتر بين الفلسطينيين وإسرائيل منذ بداية شهر أكتوبر الماضي أدت إلى استشهاد أكثر من 140 فلسطينيا. كما يأتي كبديل عن استمرار تعثر عملية السلام مع إسرائيل في ظل توقف المفاوضات قبل منتصف عام 2014 بعد تسعة أشهر من المحدثات برعاية أمريكية دون اتفاق.
لؤي عيسى: فتح بلورت برنامجا نضاليا شعبيا
أكد سفير فلسطين بالجزائر السيد، لؤي عيسى بمناسبة الذكرى الـ 51 لانطلاق الثورة الفلسطينية (1965-2016) على أن حركة فتح تستند في مبادئها على أن فلسطين أرض للفلسطينيين جميعا وبلورت برنامجها النضالي الذي اهتم بتعبئة الشعب الفلسطيني بكل فئاته وأماكن تواجده. وقال لؤي في كلمة ألقاها أمس بمقر سفارة فلسطين بالجزائر بهذه المناسبة التي تصادف كل فاتح يناير من كل سنة، أن حركة فتح انطلقت كحركة للتحرر الوطني وثورة تستهدف تنوير الشعب الفلسطيني وتوحيده وتنظيمه وتحرير إرادته، لكي يأخذ زمام قضيته فيدفعها من الجمود إلى الحركة لإنهاء الاحتلال والاستيطان وإعادة اللاجئين إلى وطنهم.
وعن مسألة الوحدة الوطنية، قال السفير إن المجلس الوطني الفلسطيني سيعقد مع أمل تشارك فيه جميع الفصائل والقوى السياسية من أجل الخروج بلجنة تنفيذية جديدة. وأشار السيد عيسى بخصوص المفاوضات المتوقفة مع الجانب الإسرائيلي أن العودة إلى طاولة المفاوضات ستكون تحت شروط غير قابلة للنقاش، وهي تجميد الاستيطان وإطلاق سراح الأسرى ووضع سقف زمني للمفاوضات وأراضي 67 بكاملها وتطوير الاقتصاد الفلسطيني على الأراضي الفلسطينية. كما تطرق السيد السفير إلى الاعتداءات المستمرة للمستوطنين على المسجد الأقصى والفلسطينيين وممتلكاتهم واستمرار عدوان الاحتلال على الشعب الفلسطيني الأعزل. و قال "إننا دائما نشكر الجزائر رئيسا وحكومة وشعبا على الدور المميز الذي تلعبه في مساندة مشروعنا الوطني ومساندة الشعب الفلسطيني ونضاله وتطلعاته الوطنية نحو الحرية والاستقلال".
من جهته، قال السيد عبد اللطيف بدير، أمين سر حركة التحرير الوطني (فتح) في مداخلة بهذه المناسبة إن الشعب الفلسطيني يحتفل بهذه الذكرى وكله فخرا بما حققته فتح والثورة التي فجرتها، يحتفلون وهم يذكرون الصمود البطولي في بيروت أمام آلة الحرب الجهنمية التي استخدمت كل أنواع الأسلحة الحديثة والمحرمة طوال 88 يوما. وفي مداخلة أخرى، قرأ السيد سعيد عبادو، وزير المجاهدين السابق كلمة نيابة عن ممثلي الأحزاب السياسية والمنظمات الشعبية، و قال إن هذه المناسبة "تاريخية" انطلقت شرارتها سنة 1965، وهي ثورة مفعمة بالنضال والتضحيات، تمكنت بإفشال دسائس ومؤامرات الاحتلال. واعتبر السيد عبادو أن هذه الثورة هي ثورة أجيال تحارب الاحتلال الذي اغتصب أرض فلسطين وفرض سياسة الشتات والتهجير والتشريد.
وأكد أنه على الرغم من شراسة الاحتلال في عدوانه على الشعب الأعزل، تمكنت فلسطين من تحقيق مكاسب كبيرة وهي ماضية في نضالها لتحقيق المزيد من المكاسب. يشار إلى أنه نظم على هامش هذه التظاهرة، معرض للصور ضمت شهداء الثورة وشخصيات قادوا الثورة بالإضافة إلى شريط وثائقي جسد عدة مراحل مرت بها الثورة، منها البيان الأول لحركة فتح، انطلاق الثورة الفلسطينية، الانسحاب من بيروت، مجزرة شتيلا وصبرا والانتفاضة الأولى والثانية وإعلان دولة فلسطين بالجزائر.