بينما يحتاج القطاع لـ600 شاحنة إغاثة يوميا

إسرائيل تسمح بدخول كميات محدودة من المساعدات الإنسانية إلى غزة

إسرائيل تسمح بدخول كميات محدودة من المساعدات الإنسانية إلى غزة
  • 199
ق. د ق. د

بعد 78 يوما من الحصار وسياسة التجويع الممنهج بحقّ سكان قطاع غزة، قرّرت حكومة الاحتلال، أمس، السماح بإدخال كميات محدودة من المساعدات الإنسانية تخصّ الأطفال الرضع إلى قطاع غزة وذلك بعد ضغوط دولية وانتقادات أوروبية حادة.

أعلنت حكومة الاحتلال عن السماح بدخول مساعدات إنسانية تخصّ الأطفال الرضع في إشارة إلى حليب الأطفال الذي منعه هذا الكيان الصهيوني الغاشم على مدار 78 يوما عن الرضع الذي لا حول ولا قوة لهم في جريمة بشعة من المفروض أن تشكل محل متابعة قضائية في العدالة الدولية.

ويبدو أن حكومة الاحتلال التي لا تزال تقتل الفلسطينيين بالصواريخ الفتاكة وتمطر القطاع من شماله إلى جنوبه بالقنابل المحظورة دوليا، تريد تجميل صورتها أمام أعين العالم بعد الانتقادات الحادة التي وجهتها لها المجموعة الدولية ومنظماتها الإنسانية والحقوقية، فضلا عن توسع دائرة الدول الأوروبية الرافضة لسياسة التجويع التي تنتهجه في غزة ومساعي فرض سيطرتها على هذا الجزء المحتل من الأرض الفلسطينية. 

واضطرت حكومة بنيامين نتنياهو مرغمة لا مخيرة لإدخال شاحنات إغاثة تحمل مساعدات أساسية تخص فئة الأطفال الرضع بعدما أودت المجاعة،  وفق ما أعلنته وزارة الصحة في غزة، عن وفاة 57 طفلا بسبب سوء التغذية منذ بدء تشديد الحصار الصهيوني في الثاني مارس الماضي.

وبينما ذكر المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، في بيان له، أن أكثر من 65 ألف طفل مهدّدون بالموت بسبب سوء التغذية وانعدام الغذاء الكافي، أعلنت منظمة الصحة العالمية، أن لديها من الإمدادات فقط ما يكفي لمعالجة 500 طفل فقط من سوء التغذية.

وأوضح المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان أن القيود الإسرائيلية المشدّدة ومنع إدخال المساعدات الإنسانية والوقود أديا إلى توقف جميع المخابز وإغلاق  مراكز الطعام التي كانت تمد مئات الآلاف بالطعام. وهو ما أسفر عن نفاد السلع الأساسية وارتفاع كبير للأسعار وصعوبة بالغة في حصول العائلات على الغذاء.

  من جانبها حذّرت الأمم المتحدة أنه في حال لم تصل مساعدات جديدة الى قطاع غزة،  فإن نحو 71 ألف طفل دون سن الخامسة مهدّدون بسوء التغذية الحاد خلال الأشهر 11 المقبلة. وبحسب دراسة أجرتها منظمة "نيوتريشن كلَستر"، فإن ما بين 10 إلى 20% من الحوامل والمرضعات في غزة، وعددهن 4500 امرأة شملتهن الدراسة، يعانين من سوء التغذية.

والسؤال المطروح هل تكفي هذه المساعدة التي سمح الاحتلال تحت الضغط الدولي بدخولها في انتشال سكان غزة الذين يصل تعدادهم إلى مليوني و400 ألف من المجاعة الطاحنة التي يتخبطون فيها، والتي يحتاج القطاع لـ600 شاحنة إغاثة  فورية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأرواح البريئة. 

  وهو ما أكدته منظمة "أوكسفام" الخيرية الدولية، أمس، التي قالت إن القطاع بحاجة إلى دخول 600 شاحنة مساعدات إنسانية يوميا لتلبية الاحتياجات الضرورية  لسكانه، محذّرة من أن غزة تعاني بالفعل من مجاعة حقيقية.  وقال مدير البرامج الإنسانية في المنظمة، وسيم مشتهي، إنّ الاحتلال الصهيوني يغلق المعابر منذ الثاني من مارس الماضي وأن الاحتياجات الإنسانية عالية جدا. وهو ما يتطلب دخول شاحنات المساعدات مع تنوّع المواد الإنسانية بما يشمل الغذاء والدواء والمياه، موضحا أن أغلب سكان غزة لا يستطيعون الحصول على الغذاء.


تفشّي الأمراض وتواصل القمع والتجويع

معتقلات الاحتلال مقابر صحية للأسرى الفلسطينيين

ما تزال الجرائم الممنهجة بحق الأسرى الفلسطينيين في معتقلات الاحتلال تتصاعد دون توقف وسط إفادات متواترة من داخلها، تؤكد استمرار الانتهاكات وغياب أي تغيّر في السياسات القمعية المتبعة والتي زادت حدتها منذ بدء العدوان الصهيوني على قطاع غزة في السابع أكتوبر من العام الماضي.

 نقل مكتب إعلام الأسرى في تقرير، أمس، تحت عنوان "تفشي الأمراض وتواصل القمع والتجويع.. سجون الاحتلال مقابر صحية للأسرى"، شهادات يتم جمعها بشكل دوري من خلال زيارات المحامي، أو عبر إفادات الأسرى المفرج عنهم، تؤكد جميعها أن الانتهاكات الممارسة بحقّ الأسرى لا تزال على نفس الوتيرة والمتغير الوحيد هو مستوى العنف، الذي يتصاعد أو يتراجع بشكل طفيف دون أن يتوقف. وأكد أن الجرائم الثابتة منذ أشهر طويلة تشمل التعذيب والتجويع والحرمان من العلاج والاعتداءات الجنسية.

وسجّل المصدر حالة تدهور صحي كبير بين صفوف الأسرى نتيجة ما يتعرضون له من تعذيب ممنهج ونقص غذائي حاد وحرمان من الدواء، مشيرا إلى أنه تمّ الإبلاغ عن عدد من الأسرى عن إصابتهم بمرض "الجرب" الذي يسبب أعراضا جلدية خطيرة، قد تودي بحياة المصابين خصوصا من يعانون من أمراض مزمنة أو ضعف في جهاز المناعة.

وأصبح معتقل "جانوت" مثالا على الوضع الصحي الكارثي، حيث منع مئات الأسرى من الزيارة بسبب إصابتهم بالجرب في وقت تعاني فيه المؤسّسات من صعوبة بالغة في الوصول إلى الأسرى داخل هذا السجن.

ويؤكد الأسرى المصابون أن معاناتهم مع المرض تمتد لأشهر دون علاج فعلي وأن هناك من أُصيب بالعدوى مرتين بما يعكس فشل أو تجاهل متعمّد في معالجة الجائحة داخل السجون. وتأتي إفاداتهم وسط استمرار نقل الأسرى من قسم إلى آخر ومن سجن إلى سجن بما أدى إلى تفاقم انتشار المرض. ومنذ بداية الشهر الجاري، نُفذت عشرات الزيارات إلى سجون النقب وجلبوع ومجدو وجانوت وشطة والدامون وعوفر. تؤكد الإفادات أن عمليات القمع لا تزال مستمرة، خاصة في سجني جلبوع وشطة، حيث نفذت وحدات القمع اقتحامات عنيفة.

 وتمثل هذه الهجمات العنيفة سياسة ثابتة اتبعتها مصلحة سجون الاحتلال منذ بدء الإبادة وتسبّبت في مئات الإصابات من بينها كسور في الأضلاع والأطراف لا يزال يعاني منها بعض الأسرى حتى بعد الإفراج عنهم، حيث يؤكدون أنهم لا يستطيعون تذكّر عدد المرات التي تعرّضوا فيها للضرب.

وفيما يتعلق بالتجويع، ما تزال الوجبات المقدّمة للأسرى عبارة عن كميات ضئيلة من الطعام لا تسد رمقهم. الأمر الذي ساهم في تدهور أوضاعهم الصحية وفقدان أوزانهم بشكل ملحوظ، كما أظهرت صور المحررين مؤخرا. وكثير من الأسرى المفرج عنهم أفادوا بإصابتهم بأمراض خطيرة نتيجة الجوع الطويل بما ساهم في استشهاد عدد من الأسرى.ويؤكد الأسرى في مختلف السجون أن أصناف الطعام لم تتغير منذ أشهر طويلة ويتم تقديمها بكميات غير كافية بشكل ممنهج، إضافة إلى أن  الاكتظاظ داخل الزنازين فاقم الأوضاع الصحية أيضا، حيث أن تلك المصمّمة لاستيعاب 6 أسرى أصبحت تضم 9 إلى 11 أسيرا بما أجبر العديد منهم على النوم على الأرض دون أي مساحة للحركة.

وحذّر مكتب الأسرى من أن هذه السياسات مجتمعة تنذر بمزيد من الشهداء بين صفوف الأسرى الذين بلغ عددهم منذ السابع من السابع أكتوبر 69 شهيدًا على الأقل بحسب ما هو موثق لدى المؤسّسات المختصة في حصيلة تعكس المرحلة الأكثر دموية في تاريخ الحركة الأسيرة. وحتى بداية ماي الجاري، بلغ عدد الأسرى أكثر من 10 آلاف و100 معتقل في رقم لا يشمل المعتقلين المحتجزين في معسكرات جيش الاحتلال، فيما بلغ عدد الأسيرات 37 والأطفال أكثر من 400 والمعتقلين الإداريين 3577 والمصنّفين كمقاتلين غير شرعيين 1846.