تُوقع على أول نجاح رياضي مدرسي قاري

عنابة تُودع ضيوف إفريقيا اليوم

عنابة تُودع ضيوف إفريقيا اليوم
  • 307
سميرة عوام سميرة عوام

يُسدل، اليوم الثلاثاء 5 أوت 2025، الستار على فعاليات الدورة الأولى للألعاب الإفريقية المدرسية، التي احتضنتها ولاية عنابة على مدار أسبوع كامل من التنافس الرياضي والمدرسي والإفريقي الرفيع، وسط أجواء بهيجة، تنظيم محكم، ومرافقة متكاملة بشهادة الوفود والمراقبين والضيوف.

عنابة، المدينة المتوسطية، صنعت الحدث وأثبتت من جديد قدرتها على احتضان التظاهرات الكبرى، حيث تحولت منذ 27 جويلية إلى قِبلة إفريقية للشباب الرياضي، واستقبلت أكثر من 2000 مشارك من أزيد من 40 دولة إفريقية، تنافسوا في أكثر من 10 اختصاصات رياضية، على غرار المبارزة، الجيدو، ألعاب القوى، الكانوي كاياك، التايكواندو، الكرة الطائرة، كرة السلة وغيرها، في إطار روح رياضية عالية، وأخلاق مدرسية نبيلة.

منذ حفل الافتتاح البهي، الذي احتضنه ملعب "19 ماي 1956"، أعطت عنابة إشارات قوية عن نيتها في إنجاح هذا الموعد التاريخي، ولم يكن ذلك وليد الصدفة، بل ثمرة ستة أشهر من التحضير المحكم، بقيادة الوالي عبد القادر جلاوي، الذي سخر كل الإمكانات البشرية والمادية لإنجاح أول تجربة إفريقية مدرسية بهذا الحجم. وقد أشادت وفود الدول المشاركة، بالتنظيم المتميز الذي جمع بين الاحترافية والبساطة، وبين الأمان والدفء الإنساني، وهو ما ظهر في نوعية الاستقبال، وظروف الإقامة والإطعام، والمرافقة الصحية والإدارية، والتغطية الإعلامية الشاملة.

كما رافق الجمهور العنابي هذه التظاهرة بحماسة استثنائية، ملأ القاعات والمدرجات، وصفق لجميع الفرق دون تمييز، مانحًا الحدث علامة كاملة في التفاعل والمواكبة، ما أضفى عليه بعدًا اجتماعيًا وثقافيًا وإنسانيًا فريدًا، وجعل من "العرس الإفريقي المدرسي" أكثر من مجرد منافسات رياضية، وتُتوَّج اليوم هذه التظاهرة بحفل اختتام رسمي، يُنتظر أن يكون بمستوى النجاح الذي رافق الحدث منذ لحظة انطلاقه، في محطة ختامية ستجمع الأبطال الصغار، والمدربين، والمنظمين، في صورة جماعية تعبر عن روح الوحدة الإفريقية، والتكامل بين الرياضة والمدرسة.

من جهة أخرى، سجلت الجزائر حضورًا رياضيًا مشرفًا في مختلف المنافسات، خصوصًا في ألعاب القوى، الجيدو، المبارزة والسباحة، إلى جانب التألق الكبير للمنتخبات المدرسية المصرية والتونسية وجنوب الإفريقية، ما أعطى للتظاهرة تنافسًا رياضيًا عالي المستوى، يرقى للمعايير الدولية. وقد تمكن المنظمون من إدماج الزيارات السياحية والأنشطة الثقافية في البرنامج العام، حيث زار التلاميذ المشاركون مواقع أثرية كـ"هيبون" و"بازيليكا القديس أوغسطين"، مما أتاح لهم اكتشاف البُعد الحضاري والتاريخي لمدينة عنابة، وتعزيز البعد التربوي للتظاهرة. ومع إسدال الستار هذا المساء، تسجل عنابة اسمها بأحرف بارزة في سجل الرياضة المدرسية القارية، كمدينة وقفت على التفاصيل، وآمنت بالشباب، واحتضنت القارة بروح رياضية نبيلة... مدينة نجحت في أن تكون عنوانًا للتنظيم، وضيافة راقية، وإفريقيا موحدة تحت راية الرياضة.


جولات سياحية تُنعش إقامة الوفود في عنابة

واصلت الوفود الرياضية المشاركة في الألعاب الأفريقية المدرسية عنابة 2025، برنامج الخرجات والزيارات السياحية، حيث كانت وجهتها هذه المرة، وسط مدينة عنابة، في جولة استكشافية أضفت لمسة إنسانية وسياحية على الطابع التنافسي للأيام الماضية.

تنقلت الوفود الإفريقية، صباح أمس، بين المعالم التاريخية والأسواق الشعبية والساحات العامة، التي تزخر بها مدينة بونة، حيث التقط الرياضيون صورًا تذكارية أمام بعض الرموز الثقافية للمدينة، وتبادلوا لحظات وِدّ مع المواطنين الذين رحبوا بحرارة بالضيوف القادمين من مختلف الدول الإفريقية.

وقد عبر عدد من المشاركين عن إعجابهم الشديد بجمال المدينة ودفء أهلها، مشيدين بأجواء الضيافة والتنظيم، كما اعتبر البعض منهم أن هذه الجولة من أجمل اللحظات التي ستظل راسخة في الذاكرة، خاصة أنها سمحت لهم بالتعرف عن قرب على التراث العمراني والثقافي الجزائري.

من جهتهم، أكد المنظمون أن هذه المبادرات السياحية جزء لا يتجزأ من روح الألعاب، إذ تسعى إلى تقوية الروابط بين الشعوب عبر الثقافة والاحتكاك المباشر، فضلًا عن إبراز المؤهلات السياحية التي تميز عنابة وتؤهلها لاحتضان المزيد من الفعاليات مستقبلاً. ذكر أن برنامج الخرجات السياحية سيتواصل خلال الأيام القادمة، ليشمل مواقع أثرية وشواطئ ومناطق طبيعية أخرى من الولاية، في إطار دمج الرياضة بالسياحة والثقافة في نسخة عنابة الاستثنائية.


سباق المشي 5000 متر إناث

تتويج تونس وبرونزية مشرفة للجزائر

خطت العداءات خطواتهن الأولى على مضمار ألعاب القوى، وسط تصفيقات الجمهور الذي تابع بشغف، فعاليات سباق المشي لمسافة 5000 متر ـ إناث، ضمن الألعاب الإفريقية المدرسية، التي تحتضنها مدينة عنابة الجزائرية، في نسختها الأولى لعام 2025.

وفي سباق اتسم بالإصرار والصمود، وجهت العداءة التونسية المسايح فاطمة رسالة واضحة عن جاهزيتها، حيث فرضت ريتما عاليا منذ الدقائق الأولى، محافظة على ثباتها وهدوئها في كل مرحلة من مراحل السباق، لتنهيه في المرتبة الأولى، متوجة بالميدالية الذهبية بكل استحقاق، ومقدمة عرضًا رياضيًا ناضجًا يُحسب لها ولجهازها الفني.

أما زميلتها سليمي ريم، فقد خاضت السباق بتركيز واضح، وظلت محافظة على موقعها في كوكبة الصدارة، مستخدمة مهاراتها الفنية العالية في الحفاظ على التوازن والخطوات المنظمة، لتنال المرتبة الثانية عن جدارة، وتمنح تونس ثنائية قوية في هذا الاختصاص، تثبت عبرها مدى تقدم المدرسة الرياضية التونسية في رياضة المشي.

وبينما كان السباق يتجه نحو ختام مثير، استطاعت العداءة الجزائرية بوسعيدي خلود، أن تفرض اسمها في الواجهة، بعدما أظهرت عزيمة كبيرة خلال اللفات الأخيرة، وقامت بجهد واضح للحفاظ على مركزها، في ظل ضغط كبير من المنافسات الأخريات، لتحصل على الميدالية البرونزية، وسط تشجيعات الجمهور الجزائري الذي لم يتوقف عن الهتاف باسمها.

ورغم هيمنة تونس على المراتب الأولى، إلا أن الأداء الجزائري كان محط إشادة من المتابعين، حيث تميز بالروح القتالية والانضباط، وهو ما ينبئ بمواهب واعدة قابلة للتطور أكثر في قادم المحافل.

وقد شهد السباق تنظيمًا محكمًا ومتابعة دقيقة من الحكام، خاصة أن رياضة المشي تتطلب التزامًا صارمًا بالقوانين التقنية، سواء من حيث وضع القدم أو زاوية الركبة أو نمط الحركة، وهو ما التزمت به العداءات إلى حد كبير، ما أعطى للمنافسة مصداقية وجمالية رياضية راقية.

هذا السباق، ورغم بساطته على الورق، إلا أنه حمل في طياته معاني أعمق: عن الإرادة النسوية الإفريقية في اقتحام مختلف فروع الرياضة، وعن الحلم المشترك بين شابات القارة في تمثيل أوطانهن بأفضل صورة. كما يعكس هذا الإنجاز تطور الرياضة المدرسية في دول شمال إفريقيا، والتي باتت توفر أطرًا علمية وفنية لتكوين أبطال المستقبل.

الجدير بالذكر، أن هذه النتائج تأتي في إطار نهضة رياضية تعرفها الألعاب الإفريقية المدرسية، التي تسعى إلى تنمية الحس التنافسي، وتعزيز قيم الروح الرياضية، وفتح آفاق الاحتكاك والتعارف بين شباب وشابات القارة. هكذا دوى النشيد التونسي في عنابة، وارتفعت الأعلام، وصفق الجميع للرياضة النسوية الإفريقية، وهي تخطو بثقة نحو المستقبل.