حصيلة متواضعة للرياضة الجزائرية في 2017

- 657

حققت الرياضة الجزائرية في عام 2017، حصيلة متواضعة تعكس استمرار تراجعها على الصعيدين القاري والدولي منذ سنوات، سواء في الرياضات الجماعية أو الفردية، مثل الملاكمة وألعاب القوى التي ظلت الشجرة التي «تثمر» على الرياضة الجزائرية لسنوات طويلة، بفضل أبطال عالميين حصدوا الذهب في مختلف البطولات.كما عرفت سنة 2017، تجديد الهيئات الرياضية الوطنية في عملية انتقدها الكثير من ممثلي الحركة الرياضية الذين رفضوا تدخل وزارة الشباب والرياضة، من خلال تطهير شامل مس أكبر الاتحاديات في الجزائر، بما فيها اللجنة الأولمبية الرياضية الجزائرية التي تمر بفترة فراغ، بعد اعتراض العديد من رؤساء الاتحاديات على الظروف التي سمحت بإعادة انتخاب مصطفى براف على رأس «الكوا» لعهدة جديدة من أربع سنوات 2017 / 2020. يرى المتتبعون أن هذه الوضعية وهذا الفتور في العلاقات لا يخدم بأي حال من الأحوال مصلحة الرياضيين الجزائريين، قبل أشهر قليلة من مشاركتهم في مواعيد دولية، أهمها الألعاب الإفريقية للشباب المقررة في الجزائر، وألعاب البحر الأبيض المتوسط بإسبانيا.
الحركة الرياضية تنتقد .. والوصاية تدافع عن استراتيجيتها
استهلت الحركة الرياضة الوطنية نشاطها لعام 2017، بتجديد الهيئات الفيدرالية، وعرفت هذه العملية المطولة التي استغرقت أكثر من ثلاثة أشهر بعد نهاية العهدة الأولمبية 2013/2016، انتخاب 26 رئيسا جديدا وإعادة انتخاب 15 آخر، في الوقت الذي لا زالت اتحادية الكاراتي دو تسير بواسطة مكتب مؤقت، في انتظار تنظيم الجمعية العامة الانتخابية.
كان وزير الشباب والرياضة الهادي ولد علي، قد أكد مرارا وتكرارا بأنه يملك كل الصلاحيات لتقييم نشاط كل الاتحاديات التي تبقى مطالبة بتقديم حصيلاتها للسلطات العمومية، وإلا ستكون المكاتب المنتهية عهدتها غير مسموح لها بالترشح لعهدة أخرى، بسبب سوء التسيير أو غياب النتائج، وهو إجراء طبقته الوصاية حرفيا.
في هذا السياق، مست عملية التطهير للاتحاديات الرياضية، أكبر الهيئات الوطنية، على غرار كرة القدم، ألعاب القوى، الجيدو، الدراجات والملاكمة التي تضم أكبر عدد من الممارسين عبر الوطن، طبقا ـ حسب الوزارة ـ للنصوص المتعلقة بقانون الرياضة رقم 13-05 والمرسوم التنفيذي رقم 14-330 الخاص بتسيير الاتحاديات.
بالنسبة لمسؤولي وزارة الشباب والرياضة، فإن منع مرشحين من الترشح إجراء قانوني عادي، طالما أن الرؤساء المنتخبين كانوا قد تعهدوا في بداية عهدتهم على تحقيق نتائج إيجابية، من خلال إمضائهم لعقود تحقيق الأهداف مع السلطات العمومية، التي لم تدخر أي جهد في سبيل تقديم المساعدة للاتحاديات بهدف تطبيق برامجها، خصوصا تحضير الرياضيين، لكن الإنجازات المحققة في أولمبياد ريو 2016، كانت بعيدة عن كل الآمال.
اعتبر رؤساء اتحاديات الملاكمة والجيدو والسباحة وألعاب القوى والرماية الرياضية والكرة الطائرة ـ على سبيل المثال ـ غير قابلين للترشح للعهدة الأولمبية 2017 /2020، بالإضافة إلى عدد من أعضاء المكاتب الفيدرالية المنتهية عهدتها.
نزاع اللجنة الأولمبية واتحاديات الرياضية
عرفت العلاقة بين الاتحاديات الرياضية الوطنية واللجنة الأولمبية والرياضية الجزائرية سنة 2017، اهتزازات كبيرة وفتورا مقلقا مباشرة عقب انتهاء مسار تجديد الهيئات الفدرالية، بعد اعتراض العديد منها على الظروف التي سمحت بإعادة انتخاب مصطفى براف على رأس اللجنة الأولمبية لعهدة جديدة من أربع سنوات 2017 /2020. معلوم أن براف ترشح لخلافة نفسه، وهو الهدف الذي حققه في الجمعية العامة الانتخابية التي عقدت يوم 27 ماي الفارط، بعد حصوله على مجموع 80 صوتا مقابل 45 لمنافسه ورئيس اتحادية ألعاب القوى عبد الحكيم ديب.
وبرز الخلاف بشكل جلي بعد انتخاب براف لعهدة أولمبية جديدة، عندما قام حوالي 40 من رؤساء الاتحاديات بتشكيل تكتل، قدموا من خلاله طعنا بخصوص عدم نزاهة عملية الانتخاب، منتقدين الظروف التي جرت فيها أشغال الجمعية العامة الانتخابية التي نصبت براف مجددا على رأس «الكوا»، علما أن نفس الأشخاص سارعوا إلى تقديم التهاني الحارة للاعب الدولي السابق في كرة السلة، عقب تجديد الثقة في شخصه.
وكأول رد فعل لهم، قام رؤساء اتحاديات كل من السباحة، رفع الأثقال، تنس الطاولة، البادمنتون، كرة السلة والدراجات، المنتخبين في المكتب التنفيذي للجنة الأولمبية إلى إعلان استقالتهم من مناصبهم، ليتبعهم الرئيس السابق لاتحادية الملاكمة، نبيل سعدي، الذي تأسف عن حالة اللااستقرار التي تمر بها الهيئة.
في هذا المسار، تقدم أربعة من رؤساء الاتحاديات الوطنية بطلب لقاء خاص مع رئيس اللجنة الدولية الأولمبية، الألماني توماس باخ، من أجل وضعه في الصورة بخصوص ما وصفوه بالمهزلة الانتخابية.
اللجنة الأولمبية الدولية تقف في صف براف.. والنزاع يزداد حدة
لم تدخل اللجنة الدولية الأولمبية في متاهة هذه الصراعات ورفضت كل الاحترازات المقدمة، معترفة في المقابل، بشرعية الجمعية العامة الانتخابية التي أسفرت عن فوز مصطفى براف، ودعت بالمناسبة كل الفاعلين في الحركة الرياضية الجزائرية إلى التحلي بالهدوء والرزانة من أجل توفير الظروف الملائمة للرياضيين الجزائريين، وفق ما تنص عليه لوائح الميثاق الأولمبي.
هذا الموقف الصريح للجنة الدولية الأولمبية لم يغير شيئا من الفتور والتكهرب الذي ساد العلاقة بين الأطراف الفاعلة في الحركة الرياضية الجزائرية، بل توسعت الهوة أكثر وتأزمت القضية مع مرور الأيام.
فبعد فشلهم في إقناع اللجنة الدولية، قام نفس المحتجين بتقديم طعن على مستوى المحكمة المكلفة بتسوية النزاعات الرياضية ببن عكنون (الجزائر)، التي أقرت هي الأخرى بشرعية إعادة انتخاب مصطفى براف الذي جدد في العديد من المناسبات دعوته لكل الفاعلين، لوضع مصلحة الرياضة الجزائرية فوق كل اعتبار، وأبدى رغبته في الاجتماع بوزير الشباب والرياضة الهادي ولد علي، لإعادة الأمور إلى نصابها وتوضيح كل الأمور المبهمة وإذابة الجليد الذي زادت صلابته مع مرور الأيام.
من جانبه، اعتبر الوزير ولد علي، أن الخلاف القائم بين الاتحاديات الرياضية الوطنية واللجنة الأولمبية مسألة داخلية، مؤكدا أن وزارته ليس لها أي دخل في هذه التوترات، رغم أن القائم الأول على القطاع التقى برؤساء الاتحاديات المحتجين ووعدهم برفع شكاويهم إلى الحكومة، كما تعهد بالعمل رفقة كل أعضاء الوزارة من أجل الحد من الأزمة وضمان عودة الهدوء إلى الحركة الرياضية الوطنية. وأكثر من هذا، دعا الوزير في إحدى خرجاته، مصطفى براف إلى التعقل وترك منصبه بهدف تجنيب الرياضة الوطنية وضعية الانسداد التي تعرفها، والتي تعرضها لمستقبل مجهول.
اليد الجزائرية تحفظ ماء وجه الرياضات الجماعية
نجحت كرة اليد بفضل تنظيمها لمونديال أقل من 21 سنة بالجزائر ونتائجها المحققة في هذا المونديال، في حفظ ماء وجه الرياضة الوطنية التي كانت جل نتائجها مخيبة للآمال في المنافسات العالمية.
ففي الوقت الذي وقعت أغلب الرياضات الجماعية (كرة السلة، الكرة الطائرة) على سنة عززت فيها بالتتويجات، جاء الإنجاز المتميز الذي حققته اليد الجزائرية، واكتسابها لفريق مستقبلي، حيث حقق السباعي الجزائري الهدف الذي سطره قبل بداية المونديال، بتأهله إلى الدور الثاني بـ6 نقاط.
أبان اللاعبون الجزائريون بقيادة حارس المرمى واكتشاف الدورة عند «الخضر»، خليفة غضبان، خلال مباراتهم عن قدرتهم على الوقوف الند للند أمام الفرق الأحسن منهم مستوى.
كما أشاد الاتحاد الدولي بالتنظيم، حيث أكد الرجل الثاني للهيئة الدولية للعبة، الإسباني ميغال روكا، أن دورة الجزائر كانت أحسن بكثير من دورة البرازيل، موضحا أن اللجنة المشرفة على تسيير مونديال الجزائر وجدت كل التسهيلات من طرف الحكومة الجزائرية، بالتنسيق مع الاتحاد الجزائري الذي أكد بشأنه أن الوسائل التي سخرها لإنجاح هذا المونديال، قد تضع الجزائر في حسابات الاتحادية الدولية، مع النظر في إمكانية احتضانها لأحد مونديالات الأكابر مستقبلا. كما أكد أن مستوى البطولة العالمية في نسخة الجزائر، شهد تحسنا كبيرا مقارنة بالطبعات المنصرمة.
كرة السلة الجزائرية في المرتبة 86 عالميا
دونت سنة 2017 تراجعا ملاحظا للكرة البرتقالية، حيث تمركزت الجزائر في المرتبة 86 في الترتيب العالمي الجديد للرجال برصيد 29.3 نقطة، وخسر الخماسي الجزائري الذي غاب عن البطولة الإفريقية الأخيرة التي جرت وقائعها بتونس في شهر سبتمبر المنصرم، 18 مركزا في الترتيب الجديد.
سنة الركود للملاكمة
ستبقى سنة 2017 بالنسبة للملاكمة عالقة في الأذهان، ليس بإنجازاتها الرائعة، بل بالركود الذي عرفته الاتحادية، والذي انعكس سلبا على مشاركاتها الدولية التي تعد على الأصابع، حيث لم تتأخر التغييرات الواسعة التي طرأت على الاتحادية عن ظهور عواقبها داخل مكتبها التنفيذي بقيادة مسؤولها الأول عبد المجيد نحاسيةو الذي أوقف من مهامه من طرف الوزارة بسبب طريقة تسييره، ليتم عقد جمعية عامة انتخابية جديدة عين على إثرها عبد السلام دراع رئيسا جديدا.
أم الرياضات الخيبة الأكبر... ومخلوفي الغائب الأبرز عن المونديال
خلال سنة 2017، لم تكن المشاركة الجزائري في مونديال ألعاب القوى في مستوى التطلعات، في ظل غياب صاحب الميدالية الفضية في أولمبياد ريود دي جانيرو في سباق 1500 م، بسبب إصابة قديمة على مستوى الساق، وعليه أبدى رئيس اللجنة الأولمبية والرياضية الجزائرية، مصطفى بيراف، عدم رضاه عن مشاركة العدائين الجزائريين الثمانية خلال النسخة الـ16، حيث قال: «المشاركة الجزائرية في مونديال لندن لم تكن في مستوى تطلعاتنا، حيث لم يتمكن العداؤون الثمانية من تحقيق نتائج إيجابية خلال مختلف التخصصات التي شاركوا فيها».
وأضاف: «المشكل لا يتمثل في العدائين، بل في عملية التكفل بهم ونقص التحضير اللازم لهذا الموعد العالمي».
رياضة فئة الاحتياجات الخاصة 2017.. سنة أخرى مشرفة
تركت رياضة فئة الاحتياجات الخاصة، على غرار السنوات الماضية، بصمات واضحة خلال سنة 2017، حيث استطاعت خلالها هذه الشريحة تحقيق نتائج رياضية جيدة ومنح الجزائر العديد من التشريفات بفضل رياضيين ورياضيات كان لهم الفضل في الإبقاء على سمعتهم على المستوى الدولي، وفي العديد من الرياضات.
تنقضي سنة 2017 لرياضة فئة الاحتياجات الخاصة بارتياح كبير لدى مسؤوليها، الذين يحيون مختلف الشرائح المساهمة في هذه النتائج المريحة جدا، أهمها الحصيلة الإيجابية للمشاركة الجزائرية في مونديال لندن، حيث تعد المرة الأولى التي تتقدم فيها الجزائر إلى المركز السابع من مجموع 95 بلدا مشاركا، عقب إحرازها 19 ميدالية، منها 9 ذهبية، 4 فضية و6 بروزية.
من جهته، حفظ المنتخب الوطني النسوي لكرة السلة على الكراسي، على تاجه الإفريقي بعد مشاركته في البطولة القارية التي جرت بجنوب إفريقيا، وعليه كسبت سيدات الجزائر ورقة المشاركة في مونديال هامبورغ بألمانيا من 16 إلى 26 أوت 2018، وسيكون دون شك فرصة للمنتخب الوطني للاحتكاك مع أقوى المنتخبات العالمية.