اعترف بمسؤولية فرنسا في حق الغجر واعتذر لهم

هولاند يتجاهل جرائم بلاده في الجزائر

هولاند يتجاهل جرائم بلاده في الجزائر
  • 933

اعترف الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، بمسؤولية فرنسا في اعتقال آلاف الغجر خلال الحرب العالمية الثانية، ضمن قرار عنصري اتخذته حكومة فيشي الموالية للنظام الهتلري ضد المنتمين إلى هذه العرقية المتنقل أفرادها بين مختلف الدول الأوروبية.

وقال هولاند خلال زيارة قام بها الى معتقل مونتراي ـ بيلاي ضمن أول زيارة لرئيس فرنسي لهذه المعتقلات منذ حملات الاعتقال الواسعة التي طالت السكان الغجر خلال الحرب العالمية الثانية، أن فرنسا تعترف بالمعاناة التي تعرض لها الرحالة الغجر الذين تم الزج بهم في المعتقلات الفرنسية وقال «إن مسؤوليتها كبيرة في هذه المأساة». وأضاف أن بلدا مثل فرنسا يكون كبيرا عندما يعترف بماضيه التاريخي. 

وظل الغجر الفرنسيون ممن عايشوا تلك المأساة وأبناؤهم ينتظرون بكل شغف اعترافا فرنسيا رسميا بالمعاناة التي كابدوها لعدة سنوات في تلك المعتقلات المشينة والتي سودت صورة فرنسا البلد الذي يدعي الحرية والمساواة والعدالة.

وقال فرناند دولاج رئيس «جمعية فرنسا حرية سفر» التي تدافع عن حقوق الغجر أنه من المهم الحصول على هذا الاعتراف الذي انتظرته آلاف الأسر الغجرية وحتى وإن جاء متأخرا فإنه خير من لا شيء بالنظر إلى مأساتنا التي لا يمكن نسيانها.

وعاش قرابة 7 آلاف غجري حياة بؤس وقهر ومعاناة في معتقل مونتروي ـ بيلاي وسط فرنسا ما بين شهري نوفمبر 1941 وجانفي 1945 لقي المئات منهم حتفهم بسبب ظروف الاعتقال الصعبة. وتؤكد تقديرات أن الغجر الذين تعرضوا لاضطهاد النازية الهتلرية وحكومة فيشي الفرنسية تتراوح ما بين 220 ألفا ونصف مليون شخص.

وجاء هذا الإقرار بعد اعتراف ما أسمته فرنسا الرسمية بمسؤولية فرنسا في مصير «الحركى» الذين انقلبوا على شعبهم في الجزائر وانضموا الى قوات الاستعمار الفرنسي وقبلهم الاعتراف بمعاناة الأقلية الأرمينية.

وإذا كان مثل هذا الاعتراف يحسب لصالح الرئيس الفرنسي بعد أن تحلى بالشجاعة اللازمة لإنصاف هذه الفئة من الشعب الفرنسي وقال إن ذلك يجسد عظمة فرنسا، إلا أنه ومعه كل الرسميين الفرنسيين افتقدوا هذه الشجاعة كلما تعلق الأمر بجرائم فرنسا الاستعمارية المقترفة في حق الجزائريين.

وقد مرت قبل أيام الذكرى الخامسة والخمسين لمجازر 17 أكتوبر 1961 وكأنها لا حدث  بعد أن فضلت السلطات الرسمية إدارة ظهرها لجريمة وقعت على المباشر في قلب العاصمة باريس ومازال نهر السين شاهدا عليها وراح ضحيتها مئات الجزائريين الذين مازال مصيرهم مجهولا إلى حد الآن. 

وحتى إذا سلمنا أن اعتراف المسؤولين الفرنسيين بخطايا بلدهم قبل قرابة ثمانية عقود يدخل في صلب الحملة التمهيدية لانتخابات رئاسية لم يعد يفصلنا عنها سوى عدة أشهر لكسب تعاطف مثل هذه الشرائح والفئات وأبنائهم إلا أنهم افتقدوا تلك الشجاعة والاعتراف للجزائر والجزائريين بالماضي الأسود لفرنسا الاستعمارية طيلة 132 عاما بدءا منذ بدء الحملة الاستعمارية سنة 1830 الى المقاومات الشعبية والثورة التحريرية مرورا بمجازر الثامن ماي 1945. 

وإذا أخذنا بالسياق التاريخي لما عانى منه الغجر واعتراف فرنسا بذلك فإن مجازر الثامن ماي وقعت في نفس السياق الزمني وكان بإمكان الرئيس الفرنسي أن يعترف بمسؤولية بلاده ويعتذر أيضا عليها وستربح فرنسا حينها رهان العظمة التي أشار إليه الرئيس هولاند وهو يعتذر للغجر على محنتهم التي لن ترقى أبدا لما عاناه الشعب الجزائري ضمن أبشع استعمار استيطاني يعرفه العالم اجمع.