أكدوا على ضرورة مراجعة الضرائب لخفض التكلفة.. مختصون:

هذه هي الخطوات اللازمة لاستيراد سيارات أقل من 3 سنوات

هذه هي الخطوات اللازمة لاستيراد سيارات أقل من 3 سنوات
  • 8022
زولا سومر  زولا سومر

ثمّن مختصون ومتابعون لسوق السيارات قرار رئيس الجمهورية، بفتح المجال أمام المواطنين لاستيراد سيارات أقل من ثلاث سنوات، والترخيص للشركات الأجنبية المصنعة بذلك أيضا بهدف تلبية حاجيات المواطنين وتنشيط الاقتصاد الوطني، غير أن هؤلاء شددوا في المقابل على ضرورة تخفيض الضرائب التي يدفعها المواطن عند الاستيراد للتقليل من تكلفة السيارات، وإجبار الشركات المستوردة بتسويقها بأسعار معقولة نظير استفادتها من مزايا، لإعادة التوازن للسوق التي تعرف عجزا منذ توقيف الاستيراد في 2017.

رحب رئيس النادي الاقتصادي الجزائري سعيد منصور في تصريح لـ"المساء"، أمس، بقرار استيراد سيارات أقل من 3 سنوات، الذي تم اعتماده في قانون عرض على البرلمان قبل  ثلاث سنوات، وخاصة بعد توقيف استيراد السيارات الجديدة وارتفاع أسعار السيارات القديمة ببلادنا. وذكر السيد منصور بأن هذا القرار "جيد"، لكنه يجب أن يكون مرفوقا بإجراءات رقابية صارمة بتفعيل الرقابة العينية لإحباط أي محاولات غش في سنة صنع هذه السيارات، تفاديا لممارسات سابقة أدت إلى توقيف استيراد هذه السيارات منذ سنة 2005. وقال إن الغش في التصريح بالسنة الحقيقية لسير هذه السيارات قد يتسبب في مشاكل كبيرة من الناحية التقنية عند صيانتها واستبدال قطع غيارها، باعتبار أن موديلات هذه القطع تختلف حسب اختلاف نماذج السيارات، المصنعة مثلا قبل عشر سنوات.

وأشار إلى وجود نظام معلومات عالمي يمكن لمصالح التجارة والمناجم والجمارك اعتماده لتحديد السنة الحقيقية لسير هذه السيارات وبلد منشئها لتفادي أي غش وتزوير. وأكد السيد منصور من جهة أخرى أن استيراد السيارات المستعملة سينشط الاقتصاد الوطني، كونها ستسوق بأسعار "تكون مقبولة" بالنظر إلى عمرها وجودتها. وتساهم في تنشيط حركية النقل ورفع المداخيل الجمركية، خاصة وأن الجزائر لها جالية كبيرة في الخارج ستساهم في إنعاش الاقتصاد من خلال هذه العملية بمساعدة عائلاتها بالجزائر لاقتناء هذه السيارات. وطالب المتحدث باسم النادي الاقتصادي الجزائري، السلطات العمومية باتخاذ تدابير في حدود المعقول بتخفيض الضرائب التي يدفعها المواطن عند استيراد هذه السيارات لتشجيعه على هذه العملية التي تحقق أرباحا للخزينة العمومية دون المساس باحتياط الصرف، كون المواطن يستوردها بأمواله الخاصة.

كما ثمّن منصور قرار الترخيص للشركات المصنعة باستيراد السيارات، مضيفا أن دخول مجال الصناعة لا يجب أن يوقف الاستيراد من أجل خلق المنافسة التي تجعل الشركات المصنعة تراعي تحسين الجودة  وتخفض الأسعار، مشدّدا على ضرورة إرفاق منح هذه التراخيص بدفتر شروط يلزم المصنعين على احترام وعودهم بتقديم نسب إنتاج تلتزم بها لمعرفة الكمية التي نستوردها للاستجابة لحاجيات السوق، تفاديا للوقوع في حالة ندرة.

كما يرى الخبير الاقتصادي، أمحمد حميدوش، من جانبه أن السماح للمواطنين باستيراد سيارات مستعملة من الخارج سيحل جزءا  من أزمة سوق السيارات ببلادنا، ولكنه قرار ــ كما قال ــ لا يستجيب لتطلعات الطبقة المتوسطة، بسبب المؤشرات الاقتصادية التي تعرفها سوق السيارات العالمية التي تعيش هي الأخرى أزمة منذ انتشار جائحة كورونا التي أدت إلى ارتفاع أسعارها بسبب تراجع الإنتاج.

وأضاف السيد أحميدوش، أن معدل سعر السيارات المستعملة عرف ارتفاعا من 9 آلاف أورو إلى 15 ألف أورو بأوروبا منذ نحو أسبوعين، وهو ما سيجعل سعرها عند الاستيراد مرتفعا باحتساب النفقات التي تتطلبها العملية من نقل وجمركة وضرائب وتأمين، بالإضافة إلى سعر العملة الصعبة التي يشتريها المواطن من السوق السوداء بـ 210 دينار لكل 1 أورو والتي تجعل سعر هذه السيارات مرتفعة.

وأشار إلى أن عملية استيراد سيارة أقل من 3 سنوات يتطلب ادخار ما يقارب 400 مليون سنتيم  وهو ما يقارب سعر استيراد سيارة جديدة التي تتطلب ما قيمته 380 مليون سنتيم، والتي تبلغ نفقات استيرادها نحو 100 مليون سنتيم بالإضافة إلى انتظار مدة تصل إلى 6 إلى 9 أشهر بسبب الطلب الكبير الذي تعرفه الشركات المصنعة، والذي أدى إلى ارتفاع السعر نتيجة تراجع العرض والانتاج عند هذه الشركات منذ جائحة كورونا، خاصة وأن جل قطع غيارها وتجهيزاتها الالكترونية المركبة في السيارات تستورد من الصين التي غلقت عدد كبير من مصانعها ومدنها منذ انتشار الجائحة، ما أدى إلى ركود الإنتاج العالمي للسيارات ويجعل من الصعب جدا حل أزمة السيارات ببلادنا في الوقت الراهن في ظل استمرار الأزمة التي تشهدها السوق العالمية. وتوقف محدثنا عند امكانية استيراد هذه السيارات من دول أخرى تعرف انتعاشا لسوق السيارات بأسعار منخفضة عن تلك المطبقة بأوروبا كدبي وليبيا، غير أنه أشار إلى غلاء تكاليف النقل من دبي نظرا لبعد المسافة، بالإضافة إلى إمكانية تسجيل بعض المشاكل بالنسبة لتلك التي يمكن استيرادها من ليبيا.

إعادة السعر المرجعي للجمركة لمحاربة التهرّب الضريبي

وفي هذا السياق دعا الخبير، احميدوش، السلطات العمومية إلى اتخاذ إجراءات لمحاربة التزوير في فواتير السيارات وتهريب العملة وخسارة الخزينة فيما يخص الجمركة والضرائب المباشرة وغير المباشرة، بالرجوع إلى التدابير التي سبق وأن عملت بها إدارة الجمارك في السبعينيات، والمتمثلة في تحديد سعر الجمركة والضرائب بسعر مرجعي تحدده هي، ويتم تحيينه كل ثلاثي أو سداسي من السنة. مؤكدا أن هذه التسعيرة المرجعية للسلع والمواد بما فيها السيارات تكون حلا لمنع التهرّب والغش الجبائي وتهريب العملة من خلال التصريح المغشوش في الفواتير التي يأتي بها صاحب السيارة، والتي تكون بموجب ذلك خاضعة لتسعيرة صارمة لا تقبل التفاوض لا من إداري ولا من طرف من له سلطة جمركية.

أما فيما يتعلق بالترخيص لشركات التصنيع باستيراد سيارات جديدة، فيرى الخبير الاقتصادي أن هذه العملية تبقى مرتبطة بدفتر الشروط الذي سيحدّد كيفية الاستثمار في المجال، مشيرا إلى أن هذا المجال يخضع لمتغيرات متعدّدة يجب أن تضبط بدفتر شروط. مشددا على ضرورة إخضاع هذه الشركات لرقابة وشروط تضمن مصلحة المواطن بإجبارها بتسويق سياراتها بأسعار معقولة خاصة وأنها تستفيد من مزايا جبائية، لتفادي تكرار سيناريو مصانع التركيب التي كانت تستفيد من مزايا ضريبية ولكنها سوّقت سياراتها بأسعار فاقت بكثير أسعار السيارات التي تستورد وحققت أرباحا طائلة، في الوقت الذي لم يستفد الاقتصاد الوطني من أي أرباح.

وأضاف أن أسعار هذه السيارات التي تستورد من طرف الشركات يمكن أن تكون منخفضة بنسبة تصل إلى 30 من المائة مقارنة بتلك التي يستوردها الخواص بطريقة فردية، على اعتبار أن هذه الشركات تشتري العملة الصعبة من البنوك بقيمة منخفضة عن تلك التي يشتري بها المواطن من السوق السوداء. كما يرى الخبير أن تطوير صناعة السيارات ببلادنا يتطلب الاستثمار في مجال قطع الغيار لتشجيع شركات تصنيع وتركيب السيارات على الاستثمار، باعتبار أن 90 من المائة من مكوّنات السيارات عبارة عن قطع غيار، وبالتالي التقليل من فاتورة استيرادها وتخفيض سعر السيارات عندما تكون مصنوعة محليا.

من جهته رحب رئيس جمعية حماية المستهلك، مصطفي زبدي في اتصال مع "المساء" بقرار السماح للمواطنين باستيراد سيارات أقل من 3 سنوات، مضيفا أن هذا القرار إيجابي لإعادة توازن السوق والأسعار.