جعلا إدارتها الاستعمارية تعيد ترتيب أوراقها

هجومات الشمال القسنطيني ومؤتمر الصومام درس قاس لفرنسا

هجومات الشمال القسنطيني ومؤتمر الصومام درس قاس لفرنسا
  • 829
ع . ك  ع . ك

شكّلت كل من هجومات الشمال القسنطيني، التي قادها القائد زيغود يوسف في 20 أوت 1955 وبعدها مؤتمر الصومام في أوت1956، محطتين حاسمتين في تاريخ الثورة التحريرية، حيث كانتا درسا قاسيا للقوات الاستعمارية، ودليلا على تصميم جيش التحرير الوطني على دحر المستعمر.

أوضح الأستاذ الجامعي وابل عبد العزيز من جامعة خميس مليانة بولاية عين الدفلى، لدى تنشيطه لمحاضرة تاريخية نظمتها مصالح الأمن بالتنسيق مع مديرية المجاهدين و ذوي الحقوق بولاية البليدة أول أمس،، في إطار إحياء اليوم الوطني للمجاهد المصادف لـ20  أوت، أن هجومات الشمال القسنطيني ومؤتمر الصومام، تعد من المحطات الخالدة في الذاكرة التاريخية، لما كان لها من نتائج وخيمة على فرنسا الاستعمارية جعلتها تعيد ترتيب أوراقها.

وذكر في هذا السياق الدكتور وابل، أن المحطتين اللتين خلدتا للمعنى الحقيقي للجهاد، أظهرتا للعالم بأسره وخاصة فرنسا، أن الأمر لا يتعلق بحرب عصابات أو "فلاقة" أو هجومات اعتباطية، بل هو ثورة شعب مصمم على مواصلة الكفاح المسلح إلى غاية النصر. فإلى جانب كونها ساهمت في فك "الحصار المفروض على منطقة الاوراس، فقد أثبتت المحطتين قدرة قيادة الثورة على التخطيط والتنسيق وتنفيذ الهجومات، بنقل الثورة من الريف إلى المدن ومن منتصف الليل إلى منتصف النهار، كما قال الجامعي الذي ذكر أن الهجومات نفذت في منتصف نهار يوم السبت الذي صادف تاريخ نهاية الاسبوع، الذي يغادر فيه العسكريون الثكنات والسوق الأسبوعية، لمدينة سكيكدة، وشكلت جميعها تحديا لفرنسا أجبرتها على إعادة حساباتها.

وكان لهاتين المحطتين، كما أكد، صدى كبير على الصعيد الداخلي من خلال التفاف الشعب، حول الثورة التحريرية، والتحاق عديد الشخصيات بها، وكذا على الصعيد الخارجي وذلك بتدويل القضية الجزائرية في هيئة الامم المتحدة، بعد تحطيم الحصار الإعلامي الذي كان تستعمله فرنسا حتى لا يسمع صوت القضية الجزائرية. للإشارة، تضمن الاحتفال بيوم المجاهد الذي احتضنه متحف المجاهد بأولاد يعيش وحمل هذه السنة شعار "المجاهد ..صنع المجد ووفى العهد"، تكريم الأسرة الثورية وإطارات بالأمن الوطني.

* م. ك


 

عشية إحياء اليوم الوطني للمجاهد.. إطلاق أسماء 3 أبطال على مرافق عسكرية

أعلنت وزارة الدفاع الوطني، أول أمس، عن إطلاق أسماء ثلاثة أبطال على مرافق عسكرية وخدماتية، وذلك عشية إحياء اليوم الوطني للمجاهد تخليداً للذكرى المزدوجة لهجمات الشمال القسنطيني في 20 أوت 1955 ومؤتمر الصومام  في 20 أوت 1956.

جاء في بيان لوزارة الدفاع الوطني، أنّه تطبيقاً لتعليمات القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي بتسمية الوحدات والهياكل العسكرية بأسماء شهداء ومجاهدي ثورة التحرير، أشرف القائد الجهوي للدرك الوطني بالبليدة بالناحية العسكرية الأولى، أول أمس، على تسمية كل من مقر السرية الإقليمية لأمن الطرقات للدرك الوطني بالجزائر، باسم الشهيد البطل "أحمد زيدان"، ومقر السرية الإقليمية لأمن الطرقات للدرك الوطني بالرغاية، باسم الشهيد البطل "بوعلام بورعدة".

وجرت المراسم بحضور إطارات الناحية وأفراد من عائلتي الشهيدين، فيما شهد الحفل تسليم هدايا رمزية لعائلتي الشهيدين تقديراً وعرفاناً بتضحياتهما وتضحيات كل المجاهدين والشهداء.كما أشار وزار الدفاع الوطني إلى أنه تمت تسمية المؤسسة الوزارية 13 للاحتياط العام للمعتمدية بالناحية العسكرية الأولى بعين وسارة، باسم المجاهد المتوفى "الهجرسي محمدي"، حيث أشرف قائد الناحية العسكرية الأولى، أول أمس، على مراسم التسمية، بحضور إطارات الناحية وأفراد من عائلة المجاهد. وجرى بالمناسبة تسليم هدايا رمزية لعائلة المجاهد تقديراً وعرفاناً بتضحياته وتضحيات كل المجاهدين والشهداء.

* م .ك

 


 

كتاب خيدر أوهاب الأخير حول أحداث 20 أوت 1955 بسكيكدة.. استحضار ذكرى استشهاد 14 مجاهدا في دار "بومنجل ديبون"

 

سلط الكاتب خيدر أوهاب في كتابه الأخير الذي حمل عنوان "سكيكدة شظايا من الذاكرة" الضوء على محطة تاريخية هامة، شهدتها مدينة سكيكدة مساء 20 أوت 1955، تمثلت في اشتباك 14 مجاهدا مع عساكر العدو الفرنسي واستشهادهم في دار "بومنجل ديبون’’ الكائن بوسط مدينة سكيكدة، على بعد أقل من 300 متر فقط من الجهة الشمالية الغربية من سجن المدينة أثناء الفترة الاستعمارية.

كتب أوهاب في مؤلفه التاريخي الصادر مؤخرا في نسخته باللغة العربية، أنه حسب الشهادات والمعلومات التي تحصل عليها حول هذا الاشتباك، فقد وقع هذا الأخير في ظهيرة يوم 20 أوت 1955 إثر مرور العشرات من المجاهدين القادمين آنذاك، من بني مالك ومنطقة "باب الأوراس" بأعالي مدينة سكيكدة ليكملوا طريقهم مرورا بشارع ‘’الرافين’’ أو شارع الوهد، متجهين إلى سجن المدينة، في مهمة لمهاجمة الحراس الذين كانوا على أسطح السجن وإطلاق سراح المعتقلين الجزائريين.وحسب الكاتب، فإن الخطة لم تسر كما اتفق عليه، حيث أنه بمجرد وصول المجاهدين أمام مدخل السجن، تعرضوا لإطلاق نار كثيف من طرف الحراس فردوا بدورهم في بداية الأمر ولكن سرعان ما تراجعوا وعادوا أدراجهم نحو شارع "الوهد".ويسترسل خيدر أوهاب في حديثه، أنه حسب شهادة أدلت بها زكية ديبون ساهل، وهي ابنة أحد مالكي المنزل الذي يتردد عليه المجاهدون، والتي لم تتجاوز خلال سنة 1955 سن 17 سنة بالقول، أنها تتذكر جيدا ذلك الاشتباك الذي عاشت لحظاته وكانت لا تزال تتذكر وجوه الشهداء الذين رأتهم يقاتلون حتى استشهدوا جميعا.

واستنادا لذات المتحدثة، فإنه في حوالي الساعة الواحدة زوالا، كان المجاهدون قد عادوا إلى دار "بومنجل ديبون"، حيث فور دخولهم المنزل سرعان ما انقسموا إلى مجموعتين بعضهم بقي في الطابق الأرضي في حين تمركز الآخرون في الطابق الأول في أماكن محددة كما لو كانوا يستعدون للرد على هجوم،  حيث كانوا على علم بأن العسكر الفرنسي لن يتأخر في المجيء وهو ما وقع بالفعل بعد أن أقدمت إحدى الجارات الأوروبيات بالإبلاغ عنهم حيث داهموا المنزل وحاصروه مدججين بالأسلحة الثقيلة.وقد أبدى المجاهدون بسالة واستماتة في المقاومة، ولم يتوقفوا عن تبادل النيران مع عسكر المستعمر لمدة ليست بالقليلة ليستشهدوا جميعا بحلول المساء.ونقل الكاتب خيدر اوهاب عن السيدة زكية قولها "إن ما وقع في هذا المنزل ما هو إلا جزء من تاريخ المدينة ويجب ألا ينسى"،  واعتبر الكاتب أن كل الشهادات التي تطرق لها في كتابه، والتي تروي تفاصيل عدد من هذه الهجوميات لا تمثل سوى جزء بسيط من التاريخ الثوري لسكيكدة المجاهدة .

في ذات السياق، تطرق خيدر اوهاب في كتابه إلى ما بعد هجومات 20 أوت 1956 وما نتج عنها من انتقام بشع تمثل في التقتيل الجماعي لسكان سكيكدة العزل منها، ما ذكره الكاتب بما حدث في ملعب كيطولي والذي يحمل اليوم تسمية ملعب 8 ماي 1945 ويقع بقلب مدينة سكيكدة، واصفا إياه "بقاعة انتظار الموت" على اعتبار أن مساحته الكبيرة آنذاك وقربه من الثكنات ومراكز الشرطة شجعت القوات الاستعمارية على جعله مكانا لتجميع وحشد الجزائريين الذين اعتقلوا في 21 أوت 1955.من بين المعتقلين الذين أدلوا بشهاداتهم للكاتب، السيد صالح سيد، الذي كان آنذاك يبلغ 17 سنة من العمر، ووجد نفسه في قلب الحدث بعد خروجه من العمل في منتصف النهار رفقة أصدقائه الذين استشهدوا، قبل أن يجد نفسه يركض مع جمع غفير من الناس، في حالة من الذعر إلى أن ألقي القبض عليه و اقتيد مباشرة إلى ملعب "كيطولي" حيث أمضى 8 أيام دون أكل أو شرب وكان ينام رفقة جميع المعتقلين على الأرض، وفي كل مرة كان المستعمر يعدم البعض منهم رميا بالرصاص.

ويقول الكاتب أوهاب أن "هذه.. ليست إلا شهادة من بين شهادات كثيرة عن التقتيل الذي طال عدة أماكن من سكيكدة، على غرار مشتة الزفزاف وملعب 20 أوت 1955.. وهي أماكن لا تزال إلى اليوم شاهدة على بطش المستعمر، والانتقام البشع الذي أقدم عليه المستعمر بعد هذه الهجومات".

* ع . ط - وأج