هبّة عالمية تشهدها القضية بعد توالي الاعترافات بالدولة الفلسطينية
نصر لفلسطين وانتصار للجزائر

- 125

❊الجزائر توفّق في إعادة تموقع العالم الحرّ في الاتجاه الصحيح
❊طلب الرئيس تبون بعقد جمعية عامة لمنح فلسطين العضوية الكاملة يتجسّد ميدانيا
أضحى حلم الجزائر بالاعتراف الدولي بدولة فلسطين يتحقق يوما بعد يوم، في هبة عالمية لم يسبق لها أن شهدتها القضية المركزية للأمة، والتي حاولت الأطراف الداعمة للكيان الصهيوني طمسها في المحافل الدولية، في الوقت الذي بذلت فيه الجزائر جهودا جبارة من أجل إعادتها إلى الواجهة في جدول أعمال مجلس الأمن.
تشهد القضية الفلسطينية نقطة تحوّل في مسارها منذ اندلاع طوفان الأقصى الذي أحدث تغييرات في منطقة الشرق الوسط، أكدت بما لا يدع مجالا للشك صحة مقاربة الجزائر التي تعتبر أن منح حقوق الشعب الفلسطيني كاملة، مع قيام دولتهم على حدود 1967 يعد الحلّ الوحيد لحلّ النزاع مع الكيان الصهيوني .
فتوالي الاعترافات بدولة فلسطين من قبل عديد الدول الغربية بمناسبة انعقاد اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعاد المسار الشرعي لعدالة القضية، التي تعد الجزائر أول دولة تعترف بإقامة الدولة الفلسطينية في 15 نوفمبر 1988 مع إنشاء علاقات دبلوماسية كاملة معها، ما يعزز المنحى الطبيعي الذي يفترض أن تكون عليه أعقد قضية على مرّ التاريخ. ولم تحد الجزائر عن موقفها إزاء هذه القضية حتى في أصعب الظروف التي مرت بها، متمسّكة بمبادئها الثابتة التي أدرجها بيان أول نوفمبر الداعم لحرية الشعوب واستقلالها، حيث أكد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون في عديد المناسبات على قداسة القضية لدى الشعب الجزائري، فضلا عن كونها أولوية الأولويات في سياستها الخارجية.
وكان الرئيس تبون قد أكد في خطابه الذي القاه خلال أشغال 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، أن الجزائر سعت على الدوام إلى دعم القضية الفلسطينية لتمكين الشعب الفلسطيني الشقيق من حقوقه غير القابلة للتصرّف، في إقامة دولته الـمستقلة على حدود الرابع من جوان 1967 وعاصمتها القدس الشريف، طبقا لقرارات الشرعية الدولية.
ويشدد رئيس الجمهورية على إنهاء الاحتلال باعتباره السبب الجوهري في عدم استقرار منطقة الشرق الأوســط، مهيبا بالضمير الحي للمجتمع الدولي أن يتحمّل الـمسؤولية الأخلاقية والتاريخية من أجل تمكين الشعب الفلسطيني من تقرير مصيره، واسترجاع حقوقه كاملة غير منقوصة. بل أن خطاب الرئيس تبون اتسم بالرؤية الاستشرافية من خلال دعوته مجلس الأمن، إلى إصدار قرار يؤكد بموجبه حماية حلّ الدولتين الذي يحظى بإجماع دولي ووقف الأعمال أحادية الجانب للسلطة القائمة على الاحتلال وعلى رأسها الأنشطة الاستيطانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، مع إلحاحه على ضرورة عقد جمعية عامة استثنائية لمنح دولة فلسطين العضوية الكاملة فيها.
كما عمد رئيس الجمهورية في الحوار الذي أجراه مع صحيفة "لوبينيون "الفرنسية على وضع داعمي الكيان الصهيوني أمام الأمر الواقع، بتأكيده على استعداد الجزائر للاعتراف بإسرائيل في "نفس اليوم الذي تكون هناك دولة فلسطينية"، من منطلق أن ذلك يسير في اتجاه التاريخ، وأنه سبق للرئيسين السابقين الشاذلي بن جديد وعبد العزيز بوتفليقة، أن أكدا بأنه ليس للجزائر أي مشكلة مع إسرائيل وأن همّها الوحيد هو إقامة الدولة الفلسطينية.
ويبدو أن القدر يسير في صالح القضية العادلة بتزامن اندلاع طوفان الأقصى مع شغل الجزائر لمنصب غير دائم في مجلس الأمن، حيث خاضت معارك صعبة من أجل إعلاء الحق الفلسطيني من أجل وقف الإبادة الهمجية التي يقترفها الكيان الصهيوني في غزة، مع تسليط الضوء على الوضع الإنساني الكارثي الذي حرك ضمائر القوى الحية في العالم وساهم بشكل كبير في موجة الاعترافات بدولة فلسطين . فقد واجهت الجزائر في هذا المحفل الأممي الضغوط من أجل دفعها للتنازل عن مواقفها بخصوص وقف إطلاق النار، غير أنها نجحت عن طريق الخطابات المقنعة والمؤثرة لممثلها الدائم عمار بن جامع في تقليص عدد المعارضين، بل أنها فضحت أمام العالم مواقف دول تتمسّك بخرق القانون الدولي الإنساني باستغلال حقها في الفيتو.
ويمكن القول إنّ الجزائر التي لطالما اعتبرت فلسطين بمثابة قضية وطنية نجحت بجدارة خلال عهدتها في تحقيق هدف افتكاك اعترافات لصالح إقامة الدولة الفلسطينية، متيحة بذلك للعالم الحر فرصة التموقع في الاتجاه الصحيح.