يعتمد على رؤية تجعل المادة عنصرا محوريا في بناء شخصية التلميذ

منهاج جديد للتربية البدنية في الطور الابتدائي

منهاج جديد للتربية البدنية في الطور الابتدائي
  • 145
إيمان بلعمري إيمان بلعمري

أدرج المجلس الوطني للبرامج في المنهاج الجديد لمادة التربية البدنية والرياضية الموجه لتلاميذ الطور الابتدائي، رؤية تربوية تجعل هذه المادة عنصرا محوريا في بناء شخصية التلميذ، لتجاوز النّظرة التقليدية التي تختزلها في النّشاط الحركي أو الترفيهي فقط، وذلك ضمن الإصلاحات التي تهدف إلى تنمية قدرات التلاميذ، وتحضير النّخب الرياضية لتمثيل الجزائر في المحافل والمنافسات الدولية.

تقرر هذا الموسم رفع الحجم الساعي لمادة التربية البدنية في الطور الابتدائي، مقابل تخفيف البرنامج الدراسي في إطار إصلاحات الوزارة تنفيذا لمخطط عمل الحكومة، الهادف إلى تحسين جودة التعليم وتلبية احتياجات التلاميذ المختلفة، وخلق بيئة تعليمية محفّزة ومتنوّعة تسمح بتعزيز النّمو الشامل والمتوازن للتلاميذ، وتجعلهم مستعدين لمراحل التعليم اللاحقة وذلك من خلال التركيز على التعلّمات الأساسية، التي تشمل المهارات اللغوية والرياضياتية القاعدية، وكذا المهارات اليدوية والبدنية والفنّية التي يحتاجها التلاميذ للتفاعل مع العالم من حولهم ومواصلة تعلماتهم في الأطوار التعليمية اللاحقة.

وتسعى الوزارة من خلال المنهاج الجديد إلى جعل مادة التربية البدنية والرياضية فضاء تربويا متكاملا، يهدف إلى تحقيق التوازن الجسدي والعقلي والوجداني من خلال أنشطة تعليمية منظمة تعتمد على اللعب والتفاعل، وتسهم في ترسيخ القيم والسلوكيات الإيجابية لدى النّاشئة، وهي بذلك ليست مجرد تدريب رياضي، بل وسيلة تربوية قائمة على الحركة كأداة للتعبير والتعلّم. في هذا الإطار أوصت وزارة التربية، بتدريس المادة في الطور الابتدائي من طرف أساتذة مختصين بما يضمن تقديمها في قالب تعليمي هادف بعيدا عن التلقين، وبالتشجيع على المبادرة والاكتشاف والعمل الجماعي.

ويرتكز المنهاج على 5 أبعاد رئيسية تشكل الغايات التربوية الكبرى للمادة، إذ من الجانب الوظيفي تسعى الوزارة إلى تطوير القدرات الجسدية وتنمية الأجهزة الحيوية للطفل بما يضمن له حيوية وتوازنا بدنيا، أما من النّاحية النفعية فهي تكسبه القدرة على التحكّم في جهده وطاقته، وتساعده على بلوغ أهدافه بثقة واستقرار نفسي مما ينعكس إيجابيا على تحصيله الدراسي، أما من جانب البعد النّفسي فتسعى الوزارة إلى وضع التلميذ في مواقف تنافسية بنّاءة يتعلّم عبرها مقاومة الضغط والتحكّم في الانفعالات وقبول الهزيمة بروح رياضية، كما تسهم هذه المواقف في بناء شخصية قوية قادرة على التحدّي واحترام القواعد، أما البعد الرياضي فيجعل المدرسة مشتلة لاكتشاف المواهب منذ الصغر، حيث تتيح الممارسة المنظمة للأنشطة الحركية الفرصة لإبراز القدرات الفردية، وتوجيه الأطفال الموهوبين نحو النّوادي الرياضية المختصة بما يسهم في إعداد جيل من الرياضيين المتميّزين مستقبلا.

ولا تقل الجوانب القيمية والاجتماعية أهمية إذ تكرس المادة مبادئ التعاون والاحترام والانضباط وتقبل الآخر، كما تؤكد على مبدأ الإدماج من خلال العناية بذوي الاحتياجات الخاصة، وتمكينهم من المشاركة الكاملة في الأنشطة التربوية، باعتبار المدرسة فضاء للجميع دون استثناء. ويساهم هذا المنهاج في دعم المواد الدراسية الأخرى، حيث تساعد التربية البدنية على تنمية التواصل اللغوي، وتثبيت المفاهيم الرياضية مثل الزمن والمسافة والأشكال، فضلا عن ترسيخ قيم العمل الجماعي والمثابرة والانفتاح على الغير. بهذا التصور الجديد تكرس الوزارة، التربية البدنية والرياضية كأداة تربوية شاملة تهدف إلى تكوين متعلم متوازن بدنيا ونفسيا وفكريا، قادر على التفاعل الإيجابي مع محيطه المدرسي والاجتماعي.