استحضار الذكرى 142 لمقاومة الشيخ بوعمامة

مقاوم واجه الاحتلال بقوة إيمانه وكرهه للاستعمار

مقاوم واجه الاحتلال بقوة إيمانه وكرهه للاستعمار
  • 915
م .ي م .ي

تستحضر ولاية النعامة الذكرى 142 للمقاومة الشعبية للشيخ بوعمامة، التي تشكل عنوانا ومحطة من الملاحم البطولية في مسيرة الكفاح ضد الاحتلال الفرنسي يتداولها الجزائريون جيلا بعد جيل عرفانا بتضحيات الشهداء من أجل الحرية والاستقلال.

قاد محمد بن العربي بن الشيخ بن الحرمة بن إبراهيم بن التاج المعروف بالشيخ بوعمامة "1833 ـ 1908" مقاومة شعبية ضد المستعمر الفرنسي دامت أكثر من 20 سنة بجنوب ــ غرب البلاد خاض خلالها عدة معارك ومواجهات عسكرية كانت بدايتها في سنة 1881. وذكر أساتذة وباحثون جامعيون أن هذه المقاومة تواصلت إلى غاية سنة 1904 رغم تعبئة الجيش الفرنسي لكل وسائله الحربية وتفوقه في العدة و العدد وقمعه الوحشي للسكان.

وشكلت معركة "تاغوت" ببلدية صفيصيفة الحالية قمة هذه المعارك والتي سمحت في 27 أفريل 1881 بالحاق هزيمة نكراء بالجيش الفرنسي رغم استشهاد عدد من رجال الشيخ بوعمامة منهم قائد "المعاليف" من قبيلة الرزاينة. وكذا معركة عين تازينة" بمنطقة الشلالة بولاية البيّض التي وقعت يوم 19 ماي 1881، ومعركة "مولاق" التي تكبد فيها جيش العدو خسائر قدرتها تقارير عسكرية فرنسية بمقتل 300 جندي وغنم فيها المقاومون إبلا محملة بالمؤن.

ومهدت هاتان المحطتان المفصليتان لأحداث أخرى بارزة في الذاكرة الوطنية ساهمت في صد مخططات جيوش الاحتلال الفرنسي التوسعية الهادفة إلى الاستيلاء على منطقة الصحراء ومنها اندلاع مواجهات قوية نصب خلالها رجال المقاومة كمائن وشنوا هجمات على قوات المستعمر الفرنسي في "تاغيت" و«جنان الدار" و«المنقار" و«خلف الله" و«شط تقري" و«فندي" ومعارك مسيرة نحو منطقة التل لتعطيل أشغال مد خطوط السكة الحديدية نحو الجنوب.وكان للمقاومة صدى شعبيا وإعلاميا حيث تناولتها الصحافة منها مكتبا "التايمز" و "البرهان" المصريان، فضلا عن كتب فرنسيين، عسكريين منهم ومدنيين الذين تحدثوا عن "انتصارات باهرة" لمن لقبوه بـ«عبد القادر الجزائري الثاني" المتصوف الذي رفض الرضوخ للسياسة الجائرة للمستعمر الفرنسي.

وشكلت سرعة تنقل الشيخ بوعمامة وتنقله عبر المسالك الصحراوية وعلمه بتحركات العدو إلى جانب خطط التمويه وحكمته، عوامل ساعدته على البقاء سيد الموقف خلال تلك المقاومة الشعبية.

و ركز المؤرخون على الجانب الروحي في شخصية الشيخ بوعمامة، وصموده في مواجهة العدو كونه من أحفاد الولي الصالح الشيخ عبد القادر بن محمد المعروف بسيدي الشيخ، وهو من بني عمومة الشيخ سليمان بن حمزة زعيم الإنتفاضة المسماة في تاريخ الجزائر المعاصر بـ"ثورة أولاد سدي الشيخ".

وذكر الباحث مبخوث بودواية، أن بوعمامة كان رجل دين متشبع بالوطنية ما جعله يتمتع بشعبية كبيرة أهلته لقيادة مقاومة استمدت دعما معنويا من "الطريقة الشيخية الإيمانية" التي انبثقت عن الزاوية التي أسسها بمنطقة مغرار التحتاني سنة 1875 ودعت لحمل السلاح ضد الغزو الفرنسي.

وشب الشيخ بوعمامة على رفض الاستعمار وكان لمعايشته أحداث ثورتي الأمير عبد القادر وأولاد سيدي الشيخ، الأثر الكبير في تنظيمه للقبائل لمواجهة العدو الفرنسي وصد مخططاته التوسعية للاستيلاء على جنوب البلاد.

وذاع صيت مقاومة الشيخ بوعمامة، الذي حظي بولاء وتأييد أغلب القبائل بالجنوب الوهراني مثل "الطرافي" و«الأحرار" و«الشراقة" و«أولاد زياد" و«الشعانبة" ما جعل الاحتلال يركز كل اهتمامه على إخمادها وتعزيز قواته بقيادة الجنرال "سوسييه" بفيالق للمشاة والمدفعية، كما أوضحت الأستاذة بلمبروك فتيحة، من جامعة سيدي بلعباس.وتناولت عدة مؤلفات أقوالا مأثورة للشيخ بوعمامة منها كتاب "مقاومة الشيخ بوعمامة في الكتابات الجزائرية خلال العهد الإستعماري" لمؤلفه عبد القادر خليفي وكتاب "ثورات الجزائر في القرنين التاسع عشر والعشرين" للباحث يحي بوعزيز. وتوجد بمتحف قلعة الشيخ بوعمامة بقصر مغرار التحتاني جنوب ولاية النعامة، وثائق ومخطوطات "نادرة" ذات قيمة تاريخية عالية مثلما أشار إليه رئيس الجمعية الثقافية لمتحف الشيخ بوعمامة هواري عثماني.