بعد انسحاب "فاغنر" من مالي
مقاربة الجزائر تفضح مواقف انقلابيي باماكو

- 193

❊ الطغمة الانقلابية تخسر رهاناتها في ظل التوتر الذي يسود المنطقة
❊ مراهنة سياسيي باماكو على ميليشيات دخيلة تجر الوضع الى التصعيد
❊ الجزائر الملتزمة بدعم دول الجوار تبقى المفتاح الرئيسي لحل الأزمات
❊ حرص جزائري على إبعاد الأجندات الاجنبية وتغليب الحوار والحلول السلمية
أبان مبدأ الجزائر الثابت بخصوص عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول صحة مقاربتها الدبلوماسية، خاصة في ضوء ما يحدث في منطقة الساحل والتهديدات التي أصبحت تطال دول المنطقة، حيث وقع خبر انسحاب مجموعة "فاغنر" الروسية بعد أربع سنوات من العمليات الميدانية كالصاعقة على انقلابيي مالي، الذين خسروا رهانهم في ظل التوتر الذي مازال يسود المنطقة ككل .
فضح انسحاب "فاغنر"، القيادة السياسية الجديدة لباماكو التي حاولت التشكيك في السياسة السلمية للجزائر، رغم أنها تبقى الفاعل رقم واحد في منطقة الساحل، بفضل المبادرات التي قامت بها سواء من الجانب السياسي لرأب الصدع عبر الوساطات التي قادتها باقتدار، أو بتقديم الدعم المادي لتمويل المشاريع الاقتصادية والاجتماعية من أجل تحسين الواقع المعيشي للسكان لصد أي ثغرة أمام المتربصين من أجل تأجيج الوضع في المنطقة.
كما أن مراهنة سياسيي باماكو على "فاغنر" و ميليشيات دخيلة عن المنطقة لم ينجر عنها سوى التصعيد وفتح جبهات جديدة، أثرت بالسلب على الوضع الأمني الذي امتدت مخاطره إلى حدود دول الجوار المعنية بالدرجة الأولى بالإسهام في البحث عن حلول طويلة المدى من أجل تامين المنطقة بعيدا عن الخيار العسكري الذي لم تجن منه بعض الدول على غرار ليبيا سوى الفوضى.
وبما أن الجزائر من الدول الأكثر التزاما بدعم دول الجوار خاصة تلك الواقعة على حدودها الجنوبية، فإنها تبقى باعتراف الشركاء الغربيين المفتاح الرئيسي لحل ازمات المنطقة، ولا يمكن تحييدها عن أي دور من شانه أن يعود بالإيجاب على الوضع الأمني في الساحل وأيضا في ليبيا باعتبار أن المنطقتين تعيشان تقريبا نفس انعكاسات الأحداث .
وتحرص الجزائر على ابعاد الاجندات الاجنبية عن المنطقة مع تشجيع الحوار بين فرقاء الأزمات، انطلاقا من قناعتها بأن أي مصالحة أو حل سياسي لن يتم سوى بين أبناء الوطن الواحد، ما جعلها من الدول الموثوقة والوسيط الامثل الذي يقف على مسافة واحدة مع كافة أطراف النزاع.
كما ان الهزائم المتتالية التي تكبدها الجيش المالي وفشله في السيطرة على إقليم كيدال، يبرز هشاشة رؤية القيادة السياسية في باماكو التي حاولت اقناع "فاغنر" بالبقاء، إلا أن هذه الأخيرة فضلت الانسحاب وسط أنباء عن أزمة عميقة تهز دواليب الحكم في مالي.
وبذلك لن يكون أمام باماكو سوى الاستعانة بعنصر فاعل وآمن معني بتطورات المنطقة على غرار الجزائر التي تعد شريكا اقليميا، و هي التي أكدت في العديد من المناسبات بانها لن تدير ظهرها لدول المنطقة التي تعد امتدادا لأمنها القومي.
وكثيرا ما حظيت رؤية الجزائر في حل أزمة المنطقة بالتقدير، لالتزامها في تقديم الدعم اللوجيستيكي لدول هذا الفضاء فضلا عن توقيعها مطلع السنة الجارية اتفاقا عسكريا مع واشنطن خلال زيارة قائد القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) مايكل لانغلي إلى الجزائر. و يهدف هذا الاتفاق لدعم الأمن والاستقرار في المنطقة، خصوصا في شمال أفريقيا ومنطقة الساحل، من خلال عدة محاور، منها تبادل المعلومات الاستخباراتية لتطوير عمليات تعقب تحركات الجماعات المسلحة والشبكات الإرهابية، وتنظيم تدريبات عسكرية مشتركة لتعزيز التنسيق والجاهزية العملياتية بين الجيشين.
وكان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، قد أعرب عن دعمه للاتفاق، مؤكدا أن توقيعه لا يتعارض مع علاقات الجزائر الاستراتيجية الأخرى، بل يدخل في إطار تنويع الشراكات، بما يخدم مصالح الجزائر وأمنها.