آلة القمع المخزنية تواصل وحشيتها ضد المتظاهرين السلميين
مسيرات مليونية بالمغرب لإنهاء الفساد واسترجاع الحقوق المهضومة

- 309

هدد "جيل زاد" النظام المغربي بتنظيم مسيرة ميلونية اليوم، تهز عرش المملكة المغربية، مؤكدا تمسك المحتجين بالنزول إلى الشارع، لحمل نظام المخزن على الاستجابة لمطالبه بإصلاح النظام الصحي والتعليمي، ومحاربة الفساد المستشري في مفاصل المملكة، في وقت فضحت الاحتجاجات الشعبية التي تعرفها العديد من المدن المغربية والقمع الوحشي الذي تمارسه قوات الأمن المخزنية ضد متظاهرين سلميين ثاروا ضد الفساد والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية، الوجه الحقيقي للمخزن الذي سقط قناعه، وأصبح عاريا أمام المجتمع الدولي، بعد أن طالب الأمين العام للأمم المتحدة بفتح تحقيق في مقتل 3 شبان من المحتجين، وهو النظام الذي يدعي احترامه لحقوق الإنسان، حيث لم يتردد منذ اليوم الاول من اندلاع شرارة الغضب الشعبي في استعمال العنف وإطلاق الرصاص الحي ضد المحتجين، الأمر الذي أثار استياء منظمة الامم المتحدة والمجموعة الدولية.
أثارت مشاهد العنف التي نقلتها وسائل الإعلام الدولية لقوات الأمن المغربية ضد المتظاهرين العزل حالة من الذهول داخليا وخارجيا، حيث كشفت سوء تعامل المخزن مع الاحتجاجات الشعبية والتي تعكس لا محالة الأسلوب الهمجي الذي يعتمده ضد شعبه كعقيدة راسخة في نظام لا يفقه سوى لغة العنف والتعذيب والتقتيل.
فقد كانت ثورة "جيل زاد"، كافية لإسقاط قناع هذا النظام الذي يحاول إظهار نفسه كحام لحقوق الإنسان وواجهة للتعايش بين الأجناس، من خلال التطبيع مع الكيان الصهيوني وقبوله الرضوخ لمطالبه وانتزاع سكنات مواطنيه لصالح الصهاينة، في الوقت الذي لا يتردد في ممارسة "الحقرة" ضد مواطنيه وحرمانهم من أبسط حقوقهم الاجتماعية. بل إن غضب الشباب وضع المخزن في وضع حرج خاصة وأن تركيزه انصب على صرف الأموال الطائلة لاحتضان منافسات رياضية قارية ودولية، قصد إظهار نفسه في صورة تخفي الواقع الاجتماعي المر للشعب المغربي.
والواقع أن سجل التعدي على حقوق الإنسان ليس جديدا على مملكة الحشيش، التي اعتقدت أن إلهاء الشعب المغربي بأفيون المخدرات والقنب الهندي وتنفيذ سياسة القمع والتهديد ضد المعارضين سيمنعه من المطالبة بحقوقه ويكمّم أفواه الأحرار، لكن "جيل زاد"، كسر طابو الخوف الذي صنعه البلاط الملكي لعقود من الزمن ضد كل من يتجرأ على كسر الحدود التي رسمها المخزن والتي شكلت بمثابة هوة عميقة غذت الكراهية والحقد بين أوساط الشعب المغربي المغلوب على أمره.
وظهر ذلك جليا من خلال عدم تورع الآلة القمعية المخزنية للجوء إلى العنف المفرط، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى، فيما تتحدث شهادات محلية عن اعتقالات عشوائية طالت ناشطين وصحفيين وحتى مواطنين عاديين، لمجرد تواجدهم في محيط المظاهرات. فالسلطة المخزنية لم تجد حرجا في الدخول في قبضة حديدية مع المتظاهرين بعدما عجزت عن احتواء الغضب الشعبي بالحوار والاستجابة للمطالب، كما أن لجوءها إلى الرصاص الحي يكشف عن مأزق سياسي عميق، يعبر عن خوف النظام من اتساع رقعة الاحتجاج وتحوّلها إلى حركة عصيان مدني يصعب السيطرة عليها. فضلا عن ذلك فإن التطوّرات الأخيرة لم تقف عند حدود الشارع، بل امتدت إلى قاعات البرلمان والمنابر السياسية، حيث بدأت أصوات برلمانية وسياسية وشعبية ترتفع للمطالبة بإسقاط الحكم الملكي والزحف نحو القصور الملكية ومقر البرلمان، بعدما تبين أن المخزن لا يتردد في إراقة دماء المغاربة من أجل البقاء في السلطة، غير أن الحراك الجديد لـ"جيل زاد" يضع هذا النظام على أعتاب تحوّلات عميقة قد تغير وجهه السياسي برمته.