فيما يتم قريبا تجريب منتوج بيولوجي لمكافحة الجراد
مديرية حماية النباتات تسعى لتقليص استعمال المبيدات

- 724

تعمل المديرية العامة لحماية النباتات على تقليص استعمال المبيدات التي ثبت تأثيرها السلبي على النباتات وذلك بالتحكم في المكافحة البيولوجية ضد الآفات الفلاحية، باعتبار أن ذلك يعد أفضل سلاح ضد الحشرات المتلفة للمحاصيل الفلاحية، فيما يعتزم المعهد الوطني لحماية النباتات عن قريب تجريب منتوج بيولوجي لمكافحة الجراد بعدة مناطق من الجزائر، حيث يتعلق الأمر بفطر يستهدف الجراد المهاجر والمغربي وكذا الجندب، من خلال تخطي غشاءه لينمو بعدها داخل جسم الحشرة قبل القضاء عليها.
وأعرب المدير العام المساعد للمعهد الوطني لحماية النباتات حميد بن سعد لوكالة الأنباء الجزائرية أمس، عن ارتياحه لمستوى الوعي لدى الفلاحين الجزائريين بشأن أهمية تقليص استعمال هذه المبيدات، مضيفا أن الجزائر لم تخض بعد في البحث العلمي الدقيق، غير أن إطارات المعهد على دراية تامة بالممارسات الجديدة بفضل دورات التكوين بالخارج في إطار التعاون مع مراكز البحث لاسيما الأوروبية».
وعلى سبيل المثال، ذكر السيد بن سعد المكافحة البيولوجية والبيوتكنولوجية ضد حفارة الطماطم وهي فراشة تلحق خسائر فادحة، تصل إلى 100 بالمائة في بعض البيوت البلاستيكية.
ولمواجهة هذه الآفة، أوضح المسؤول أنه «تم استيراد حشرات للقضاء على هذه الفراشة، يطلق عليها اسم «نيزيديوكوريس»، حيث أدخلت داخل مراكز تربية قصد تكاثرها ومن ثم إطلاقها في محاصيل الطماطم، الأمر الذي سمح بتقليص تكاثر هذه الحفارة.
وأوضح المسؤول أن تقنيي وباحثي المعهد قاموا بتنصيب مصائد «الفيرومون» في الأماكن الإستراتيجية، قصد التقاط الذكر بشكل كبير، ما سمح بتقليص تكاثر هذه الحشرة المتلفة بشكل ملحوظ.
من جهة أخرى، كشف المسؤول أن المعهد الوطني لحماية النباتات يحوز 3 مراكز خاصة بتربية هذه الحشرات النافعة.
وبعد أن أشار إلى فعالية المكافحة البيولوجية، أكد السيد بن سعد أن اللجوء إلى المبيدات في عمليات مكافحة الآفات الفلاحية غالبا ما يكون مفروض بفعل الاجتياح أو تفاقم هذه العدوى الفلاحية.
وأشار الخبير إلى أنه يفضل اتخاذ تدابير أولية من خلال حملات الوقاية المتمثلة في تعليم الممارسات الجيدة للفلاحين وتحفيزهم على الاحترام الصارم لتقنيات المكافحة، قصد المحافظة على الصحة البشرية والبيئة.
وبخصوص المبيد الذي يستهدف الجراد، أكد السيد بن سعد أنه أثبت نجاعته في بعض البلدان المعرضة لاجتياح الجراد من خلال كبح نمو اليرقة، مؤكدا على ضرورة إجراء تجارب محلية قبل تسويقه لتحديد نجاعته، من حيث الظروف المناخية والإيكولوجية للبلاد (درجات الحرارة والرطوبة).
ونبه نفس المسؤول إلى أن «هذا المبيد البيولوجي لا يمكن أن يحل محل المكافحة الكيميائية في حالة اجتياح». وأوضح أنه فعال فقط في مكافحة اليرقة، مضيفا أن «التصديق على هذا المنتوج البيولوجي سيسمح لنا بتطبيقه على مختلف أصناف الجراد في إطار المكافحة الوقائية».
من جهته، أكد مدير مكافحة الجراد محمد لازار أنه يوصى بهذا المنتوج في مناطق نشاطات تربية النحل والحظائر الوطنية والفضاءات المحمية، حيث يمنع استعمال المبيدات التقليدية لمكافحة الجراد، من منطلق أن الوقاية خير من العلاج في مجال مكافحة اجتياح الجراد بالنظر إلى أهمية الرهان البيئي.
كما أوضح أن الوقاية تسمح في الوقت المناسب بالمعالجة في مساحات صغيرة ومحددة، الأمر الذي يحد من انتشار الحشرات الضارة من دون اللجوء إلى الاستعمال الكبير للمواد الكيميائية عن طريق معالجة جميع المحاصيل مع جميع الأضرار البيئية والاقتصادية التي قد تنجم عن ذلك.
وتطرق الدكتور لازار إلى عمليات الوقاية في مكافحة الجراد التي بدأت تعطي ثمارها في السنوات الأخيرة، قائلا إن «هناك مساحات صغيرة تمت معالجتها بالمبيدات تتراوح بين 3000 إلى 4000 هكتار في السنوات الأخيرة، مقابل 5 ملايين هكتار تمت معالجتها سنة 2005».
وأشار إلى أن تسيير مكافحة الجراد استلزم 30 مليار دينار دون احتساب الأثر السلبي للمبيدات المستعملة ضد اجتياح الجراد آنذاك، في حين أن تكلفة حملات الوقاية لم تتجاوز 1 في المائة من هذا المبلغ.
من جانبها، أبرزت مديرة مكافحة الآفات الفلاحية بالمعهد بشرى بوداود، دور المكافحة البيولوجية في المحافظة على النظام البيئي، مشيرة إلى مشروع للمعهد مع مديرية الغابات لتطوير الضواري المعروفة باسم جرذ الحقول.
استعمال مبيدات القوارض يضر بالنظام البيئي
وأوضحت المتحدثة أن الأمر يتعلق بإطلاق الجوارح الليلية في المناطق البعيدة، حيث لا يوجد نشاط فلاحي، كون هذا القارض يتكاثر خارج المناطق الفلاحية ليغزوا المزروعات منذ بداية الخريف.
وأكدت من جانب آخر، أن استعمال مبيدات القوارض يضر بالنظام البيئي ويؤدي غالبا إلى تسميم مفترسي الجرذان مثل البوم. وأشارت إلى أن تكاثر هذه الآفات سجل انخفاضا معتبرا، مذكرة بأن 35 ألف هكتار تم تخريبه خلال موسم 2017 /2018، مقارنة بموسم 2004 /2005 الذي قام خلاله هذا القارض بتخريب ما يزيد عن 500 ألف هكتار من محاصيل الخضر عبر 29 ولاية، ما تسبب في خسارة تقدر بـ30 في المائة من الإنتاج.
وأوضحت الخبيرة في الأوبئة الفلاحية، أن أول اجتياح لهذا القارض يرجع إلى سنوات التسعينيات حيث اجتاح أكثر من 200 ألف هكتار عبر 20 ولاية، لاسيما في الولايات المعروفة بزراعة الحبوب في الهضاب العليا.
وأضافت أن الكثير من المزارعين كانوا قد هجروا أراضيهم بسبب الوضع الأمني، إبان العشرية السوداء وطوال هذه المرحلة لم يتم الاعتناء بالتربة، مما يفسر تفاقم هذه الآفة التي وجدت البيئة المواتية للتكاثر بكل أريحية.
ويعيش هذا القارض الضار تحت الأرض، حيث يحفر من 10 إلى 30 جحرا في الهكتار وأحيانا أكثر، «علما أن كل جحر يحتوي على قارض يزن ما بين 520 و500 غرام ويستهلك ما يعادل 10 في المائة من وزنه يوميا لمدة ثلاثة أشهر «ما يؤدي إلى خسائر معتبرة».
وتضاف إلى هذه الخسائر الاحتياطات التي يخزنها هذا القارض تحسبا لفصل الشتاء (ما بين 20 و30 كلغ) لإطعام صغاره.
من جهة أخرى، تطرقت نفس المسؤولة إلى دور تكنولوجيات الإعلام والاتصال الجديدة في مكافحة الآفات الفلاحية، خلال هذه السنوات الأخيرة، حيث قالت «حاليا نمتلك قاعدة بيانات رقمية آنية حول تحديد مواقع لمراقبتها والمراحل ذات الخطر العالي، ما يسمح لنا بالتدخل في الوقت المناسب ضد انتشار أعداء الفلاحة والحد بصفة محسوسة من التخريب الذي يتسبب فيه».
وفيما يتعلق بمكافحة جرذ الحقول، أشارت المتحدثة إلى أن المعهد يمتلك شبكة مراقبة ومكافحة الآفات الفلاحية، تتكون من مفتشين في الصحة النباتية، إضافة إلى المزارعين المشاركين في مكافحة هذا الوباء، والذين يبلغون عندما يلاحظون نشاط القارض.