رئيس مكتب الاستشارة الأمريكي لـ«المساء»:

كل شيء تغير في الجزائر وأراهن أن تصبح القوة الاقتصادية الأولى

كل شيء تغير في الجزائر وأراهن أن تصبح القوة الاقتصادية الأولى
  • 2032
حاورته: مليكة خلاف حاورته: مليكة خلاف

أكد المتخصص في الشؤون السياسية والأمنية بشمال إفريقيا ورئيس مكتب استشارة «ناركو» لبرامج الشراكة الأمريكية ومؤسس «نورث أفريكا لاستشارات المخاطر»، جيوف بورتر، أن للجزائر الكثير من الإمكانيات التي تؤهلها لأن تكون قطبا اقتصاديا في القارة الإفريقية، مشيرا في حوار خص به «المساء» إلى أن حضوره المنتدى يعد فرصة للاستماع إلى أعضاء الحكومة والمتعاملين الجزائريين لإنشاء علاقات شراكة مع نظرائهم الأمريكيين، في حين أكد على الصعيد الأمني أن الجزائر نجحت في التصدي للإرهاب وهو الوضع الذي عزز من ثقة شركائها الذين يعتبرونها همزة وصل بين أوروبا وإفريقيا.

المساء: بين القارتين الأمريكية والإفريقية آلاف الأميال، لكن يبدو أن المصالح الاقتصادية تختصر المسافات وهو ما يبرر حضوركم المنتدى الإفريقي للاستثمارات ورجال الأعمال، حدثنا عن دوافع حضورك المنتدى؟

بورتر: المسافة اختصرتها عن طريق الجزائر التي أتواجد بها منذ 2002، صحيح أني لا أقيم في بلدكم بشكل دائم لكن لدينا فرع هنا وأتنقل بشكل دوري إليها قادما من نيويورك، نهتم كثيرا بفرص الشراكة الموجودة في الجزائر. وأرى أن حضوري الملتقى ضروري، لأنه من غير المنطقي ألا نستغل مثل هذه المناسبة، حيث تتجمع فرص الاستثمار في قطاعات متنوعة قد تكون بالأخص غير تقليدية.

المساء: لكن يتبين من حديثك أن الاهتمام يتركز على الجزائر وليس على إفريقيا؟ 

بورتر: الجزائر هي جزء من إفريقيا ولا يختلف اثنان في أنها قوة اقتصادية في القارة على غرار دول مثل جنوب إفريقيا، وإذا ما عرفت كيف تستغل إمكانياتها الاقتصادية ستصبح حتما قطبا كبيرا بدون منازع، وبلاشك فإن للجزائر كلمتها في القارة لعوامل متعددة ومن شأن ذلك أن يسهل لها إقامة شراكات مختلفة مع الدول الإفريقية التي على الرغم من ثرواتها غير المستغلة، إلا أنها تفتقد للدعم في مجال البنى التحتية والهياكل الاقتصادية. وأعتقد أن هذه الفرصة سانحة لبلادكم لتمتين علاقاتها مع هذه الدول وأن تصرف النظر بعض الشيئ عن الضفة الشمالية (اوروبا) لأني أعتقد أن المستقبل في القارة العذراء وبهذا أجيب عن سؤالك بالقول أن الفرص الاقتصادية التي تتوفر عليها الجزائر تتوفر عليها الكثير من الدول الإفريقية التي لم تعرف كيف تختار نهجها الصحيح.

المساء: على ذكر الشراكة الإفريقية نرى تركيزا أمريكيا مكثفا على إفريقيا عبر وسائل إعلام بلادكم على غرار «السي أن أن» التي تخصص حصصا لساعات حول الآفاق المستقبلية لهذه القارة، كيف تفسر ذلك؟

بورتر: صحيح ليس الأمريكان الذين يهتمون بإفريقيا فقط وإلا كيف يمكن تفسير التقارب الصيني والتركي والفرنسي أيضا وغير ذلك مع القارة، مثل هذه الدول بدأت تفكر منذ الآن في البحث عن أسواق غير تقليدية، لكن المسألة تكمن بالأساس في كيفية إرساء شراكات في إطار رابح /رابح، إفريقيا اليوم ترفض أن تكون إفريقيا الأمس التي تستغل ثرواتها بشكل يمكن القول انه «استنزافي» ولهذا أعتقد أنه على دول القارة أن تلتئم في منظمات شبه إقليمية تجابه نظيراتها في القارات الأخرى من العالم.

المساء: قلت أنك متواجد في الجزائر منذ 2002، ما هو تقييمك للوضع الاقتصادي في البلاد؟

بورتر: قبل أن أعرف الجزائر عن قرب كانت لي صورة مغايرة لاسيما بعد الأوضاع الأمنية الخطيرة التي عاشتها بلادكم خلال العشرية الماضية، لما جئت إلى الجزائر في تلك السنة لاحظت أنها كانت تسير باحتشام نحو إرساء النموذج الاقتصادي الذي يستجيب لخصوصيتها، لكن أتحدى أيا كان أن ينكر التطور الذي حققته بلادكم لا سيما منذ سنة 2004 كما سجلت تطورا كبيرا في القطاعات الحيوية لا سيما في القطاع الخاص وإلا لما تمسكت بتكثيف نشاطاتي في الجزائر، لقد لمست ذلك عن قرب ولا أرى أي مبرر لتردد أي مستثمر أجنبي للمجيئ إلى الجزائر؟

المساء: لكن هناك القاعدة 49/51 التي مازالت تثير التحفظات لدى مستثمري بعض الدول؟

بورتر: أرى أن هذه المسالة أخذت أكثر من حجمها كما لا يمكن التدخل  في الإجراءات التي تسنها الجزائر بخصوص الاستثمار، أعتقد أنه من حق الجزائر الحفاظ على مصالحها الخاصة ومثلما يوجد شركات أجنبية تتحفظ عن هذه القاعدة فهناك شركات أخرى على غرار الأمريكية التي تنشط في الجزائر وفق هذه القاعدة برضاها. وشخصيا أعتقد أن الجزائر تبدي المرونة في مسألة تنظيم الاستثمار الخارجي لاسيما باتجاه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية.

المساء: ما هي القطاعات التي هي محل اهتمام مكتبكم في الجزائر؟

بورتر: في الجزائر نهتم بقطاع البترول وهناك قطاعات خارج المحروقات والسيد حداد أكد أن الجزائر ستكون من الدول التي ستصدر منتوجات  قاعدية فضلا عن تطوير الصناعات التحويلية والكيميائية. نحن نهتم أيضا بقطاع التكنولوجيا لاسيما في مجال الإعلام الآلي، قطاع الصحة والصيدلة والصناعات الصغيرة ولنا في هذا الصدد اتفاقات مع شركات جزائرية مثل كوندور.

المساء: ماذا عن المؤسسات الأمريكية الأخرى؟

بورتر: شخصيا نظمت لقاءات بين المؤسسات الأمريكية ونظيرتها الجزائرية كما التقت المؤسسات الأمريكية بالهيئات العمومية الجزائرية في شتى القطاعات.

المساء: إلى جانب المسائل الاقتصادية أنت تهتم بالشأن الأمني ما هي قراءتك للوضع في منطقة الساحل باعتبار أن ضمان الاستقرار مرهون بتحقيق التنمية الاقتصادية؟

بورتر: حقيقة الوضع في منطقة الساحل مازال يثير بعض القلق كون الشبكات الإرهابية مازالت تنشط وتفاجئنا بين حين وآخر بأعمال إجرامية. وهنا أعتقد أن دور الجزائر يظل محوريا لاسيما من خلال تقاسم تجربتها في مجال مكافحة هذه الآفة، علاوة على تقديم الدعم التقني والتكوين للدول التي تفتقر لآليات مكافحة الإرهاب. وأشاطر هنا تقرير «سيفر بريف» الأمريكي الذي يعتبر الجزائر سدا منيعا أمام التنظيم الإرهابي»داعش» الذي كان يراهن على أن يتغلغل في الجزائر لكنه فشل في ذلك.