الظاهرة تزداد يوما بعد يوم بسبب الأزمة..
صهاريج الماء تغزو الأسطح والشرفات بالعاصمة

- 637

بات تثبيت الصهاريج بكل أحجامها وأشكالها فوق الأسطح وبالشرفات ظاهرة تزداد يوميا في مختلف الأحياء السكنية الشعبية والجديدة منها ببلديات ولاية الجزائر، حيث ارتبط الأمر حسب الكثير من المواطنين، بالتغييرات التي مست مؤخرا برنامج توزيع المياه بالولاية والتي فرضت سلوكيات جديدة لدى العاصميين.
تحوّلت عملية اقتناء الصهاريج، مباشرة بعد قرار شركة المياه والتطهير لولاية الجزائر "سيال"، تطبيق برنامج استعجالي لتوزيع المياه بفعل شح الموارد المائية، إلى "تجارة مربحة" بالنسبة لباعة الجملة والتجزئة، ليجد المواطن نفسه بعد ذلك، باحثا عن أفضل مكان بشقته لتثبيت صهريج يوفر عليه عناء انتظار مياه الحنفيات التي "شحت" في عز فصل الصيف. ولاحظت وكالة الأنباء عبر عدد من بلديات العاصمة، الانتشار "الملحوظ" للصهاريج وحتى البراميل ذات سعة 100 لتر بشرفات العمارات، لجأ إليها المواطنون مؤخرا للتقليل من معاناتهم مع أزمة شح مياه الحنفيات، وهو ما انعكس بصفة سلبية على الصورة الجمالية للمنظر العام لعديد العمارات.
وتتجسد هذه الصورة "المشوّهة" بكل تفاصيلها، بعمارات الحي المحاذي لمقام الشهيد ببلدية المدنية، فالتجمع السكني المعروف بحي "الكونفور"، والذي لا طالما تميز بانتشار الهوائيات المقعرة بشكل ملفت للانتباه عبر الشرفات والأسطح، عادت صورته خلال الأيام القليلة الماضية، لتزداد تشوّها، بدخول عنصر جديد فرضته أزمة المياه، ممثلا في الصهاريج الخضراء والزرقاء والحديدية أيضا. المنازل والفيلات والعمارات بحي العناصر ببلدية القبة، لا تفتقر أيضا لذات الصهاريج، التي غالبا ما تكون حديدية بالمنازل الفردية، قبل أن تتدرج الألوان عبر عمارات الحي، ولو بدرجة أقل عما يلحظ بحي ‘’الكونفور’’ بالمدنية، والتي تحتفظ بنصيبها من هذه الظاهرة الجديدة التي تزداد بشكل تدريجي أيضا بحي السعادة بذات المنطقة من العاصمة.
عين النعجة، بأحيائها القديمة والجديدة، إلى جانب ضواحيها المتمثلة في مناطق التوسع العمراني التي تفرض نمطا سكنيا اعتمد فيه المواطنون على الجمالية الهندسية لمنازلهم الحديثة، على غرار ما يلاحظ بحي الصفصافة (جنوب غرب البلدية)، الذي لم يخل من انتشار للصهاريج من كل الأنواع والأحجام والألوان، وهو ما أساء إلى الصورة الجمالية العامة لتلك الأحياء. بعين النعجة دائما، وبحي "عدل" والذي يمكن لقاطنيه أن يلمحوا الخزان المائي لشركة "سيال" عاليا في الأفق، وجد قاطنو الطوابق الأخيرة أنفسهم مجبرين على اقتناء كل ما يمكن أن يخزنوا به هذه المادة الحيوية، وهو ما يلحظ بالعين المجردة من خلال شرفات تلك الطوابق التي يطل فيها لون البراميل الأزرق ليجسد معاناة قاطني تلك الشقق مع هذه الأزمة.
ذات المشهد استنسخ بالعمارات السكنية الجديدة لحي المالحة، وقاطنو الطوابق الأخيرة هم أكثر من يعاني من تداعيات التذبذب الحاصل في توزيع المياه، ومنهم من تحدث لوكالة الأنباء، ليؤكد أن مشكلتهم كانت حتى قبل أن تتفاقم مؤخرا هذه الأزمة، وتظهر للعلن وتصبح حديث العامة والخاصة، فالضغط الضعيف للمياه حرمهم من الاستمتاع بحياتهم بشكل طبيعي منذ حصولهم على سكناتهم. وتسمح جولة بمحاذاة المحور الدوراني لحي المالحة برؤية شاملة للعمارات الجديدة بالمنطقة والتي باتت أسطحها بمثابة فضاء لانتشار الصهاريج، لاسيما الحديدية منها، والتي يحاول من خلالها السكان مواجهة تداعيات الانقطاعات المتكررة للمياه بالحي. الظاهرة سجلت أيضا على مستوى عديد الأحياء السكنية الجديدة ببلدية بئر التوتة، على غرار "الأحياء الخضراء" التابعة لديوان الترقية والتسيير العقاري لحسين داي، والتي لا تخلو فيها الشرفات والأسطح من البراميل والصهاريج.
غير بعيد عن بلدية بئر التوتة، يعرف التجمع السكني "حمود لعروسي" ببلدية الخرايسية وتحديدا بالمكان المسمى "حوش القازوز" انقطاعا فادحا في مياه الشرب، التي لم تزر حنفيات بعض السكنات منذ أزيد من أسبوعين بحسب تصريحات القاطنين بالمكان، وهو ما دفع بالكثير منهم إلى اقتناء الصهاريج وتثبيتها بمساكنهم لمواجهة هذا الوضع الذي أصبح، على حد تعبيرهم، "لا يطاق". وبخصوص ظاهرة تثبيت الصهاريج بعمارات الأحياء السكنية، لاسيما بالشرفات، أوضح البروفيسور عبد الكريم شلغوم، مدير نادي المخاطر الكبرى، في تصريح لوكالة الأنباء، أن الأمر "ممنوع قانونا"، كما هو الحال أيضا بالنسبة لإحداث تغييرات بالشقق السكنية، كتوسعة غرفة على حساب أخرى، لأن القيام بتلك الأشغال يعني تغييرا كليا في شكل الشقق والحسابات التي بنيت عليها، مضيفا أن إحداث أي تغيير يحتاج لحسابات وخبرة هندسية، حفاظا على سلامة قاطني تلك البنايات. وأضاف المتحدث أن تثبيت صهريج بسعة 1500 لتر أو 3000 لتر يعني إضافة وزن يقدر بطن إلى 3 أطنان للشقة، والذي سيتضاعف بعشر مرات في حال وقوع هزة أرضية ويسهم بشكل كبير في احتمالية حدوث انهيارات كلية بالمباني.