" المساء" تنشر محاور مشروع قانون الوقاية من الظاهرة

صندوق للتكفل بضحايا الاتجار بالبشر

صندوق للتكفل بضحايا الاتجار بالبشر
  • القراءات: 1198
شريفة عابد شريفة عابد

❊ آليات لتقفي أثار الشبكات الإجرامية عبر وسائل التواصل الاجتماعي

❊ مقاربة قانونية جديدة لتطهير المجتمع من أي آفة دخيلة

يكفل مشروع القانون الخاص بالوقاية من الاتجار بالبشر ومكافحته، حماية الدولة لضحايا هذه الجرائم الدخيلة على المجتمع، من خلال مرافقتهم في الإجراءات وتيسير إعادة إدماجهم في المجتمع وتعزيز التعاون المؤسساتي والدولي في مجال الوقاية من الاتجار بالأشخاص، كما ينصّ النصّ على استحداث صندوق للتكفل بالضحايا، وضبط آليات متابعتهم وتعقبهم عبر الوسائل التكنولوجية ومنها وسائل التواصل الاجتماعي التي تستغلها بعض الشبكات لممارسة هذه الجريمة.  

وضعت الجزائر مشروع قانون خاص بالوقاية من الاتجار بالبشر ومكافحته كإطار  قانوني جديد يتصدى لهذه الجريمة ويعمل على اجتثاثها من المجتمع الجزائري، خاصة وأن قانون العقوبات لسنة 2009، الذي عالج هذه الجرائم، اقتصر على تجريم ومعاقبة المتورطين، ولم يتضمن أحكاما تتعلق بالوقاية منها وحماية الضحايا، في حين يستحدث مشروع  القانون الجديد صندوقا وطنيا للتكفل بالضحايا. كما يندرج مشروع القانون الذي تحوز "المساء" نسخة منه، في سياق تكييف التشريع الوطني مع القوانين الدولية، باعتبار الاتجار بالبشر من أخطر الجرائم التي أخذت أشكالا جديدة، وهذا على الرغم من التطوّر الكبير المسجل في مجال حقوق الانسان وحماية الحقوق والحريات.

وجاء النص الجديد في 77 مادة موزعة على 8 فصول، تصب  كلها في خانة الوقاية من جريمة الاتجار بالبشر ومكافحتها. وتضبط المصطلحات المتعلقة بالنصّ على غرار  "الاتجار بالبشر" و"حالة استضعاف" و"الاسترقاق" و"الممارسات الشبيهة بالرق". كما ينصّ المشروع على الحماية التي توفرها الدولة للضحايا والتكفل بهم في جميع مراحل الإجراءات وتيسير إعادة إدماجهم في المجتمع، مع تعزيز التعاون المؤسساتي والدولي في مجال الوقاية من الاتجار بالبشر ومكافحته. ونصّ المشروع على وضع صندوق للتكفل بضحايا الاتجار بالبشر. وشدّد على سرية المعلومات وعدم إفشائها  إلا لدى السلطات المعنية في إطار التحقيقات والتكفل بالضحايا.

كما يستنبط المشروع حالات الاتجار بالبشر بمختلف أشكاله من المجتمع والعلاقات الأسرية، حيث ينصّ على معاقبة الشخص الذي يرتكب إحدى الجرائم المنصوص عليها، لاسيما عندما يكون زوجا للضحية أو من أصولها أو فروعها أو أحد الحواشي. كما يتناول أيضا الحالات التي يكون فيها للمعتدي سلطة على الضحية أو إذا كان الفاعل موظفا سهلت له وظيفته ارتكاب الجريمة. وجاء هذا المشروع بالعقوبات المنصوص عليها في قانون العقوبات. كما يحدّد الظروف التي يترتب عليها، بالإضافة بتلك المتعلقة بصفة الضحية، كأن تكون طفلا أو من عديمي الأهلية أو من ذوي الاحتياجات الخاصة.

عدم مساءلة الضحية جزائيا أو مدنيا عن أي جريمة

ينصّ المشروع على أنه لا يجوز مساءلة الضحية جزائيا أو مدنيا عن أي جريمة من الجرائم التي ترتكبها، متى ارتبطت مباشرة بصفته ضحية اتجار بالبشر، ولا يعتد برضا الضحية في الجريمة. كما يعطي المشروع للجهة القضائية إمكانية وضع المدانين بالجرائم الاتجار بالبشر في الحبس، على أن لا تتجاوز مدة سنة، كما ينصّ على إعفاء ضحايا الاتجار بالبشر من العقوبات المقررة عن مخالفة الإجراءات هذا القانون، بعد الإفراج عليهم، تحت المراقبة الطبية و/أو النفسية و/أو المراقبة الالكترونية. ويعفي القانون الضحايا من العقوبات عند مخالفة الإجراءات المتعلقة بشروط دخول الأجانب إلى الجزائر وإقامتهم بها وتنقلهم فيها. كما يتضمن عقوبات ووجوب مصادرة الوسائل المستخدمة في ارتكاب جرائم الاتجار بالبشر والأموال الناتجة عنها، مع مضاعفتها عند العود. ويعطي للجهة القضائية المختصة إمكانية الحكم بالعقوبات التكميلية المنصوص عليها في قانون العقوبات.

متابعة شبكات الاتجار بالبشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي

جاء النصّ كذلك، بتدابير إجرائية لمتابعة المتورطين في جرائم الاتجار بالبشر عبر وسائل التواصل الإجتماعي ومختلف الوسائل التكنولوجية، حيث يعطي الحق للجهة القضائية المختصة عند التحقيق، في أن تستعين بمقدمي الخدمات أو أي شخص آخر بتسليمها أي معلومات أو معطيات ذات الصلة، تكون مخزنة باستعمال وسائل تكنولوجيات الإعلام والاتصال، تحت طائلة العقوبات المنصوص عليها في التشريع الساري المفعول. كما تطالب الجهات القضائية بالتدخل الفوري لسحب أو تخزين المحتويات التي يتيحون الاطلاع عليها أو جعل الدخول إليها غير ممكن. وتأمر بوضع ترتيبات تقنية تسمح بسحب أو تخزين هذه المحتويات أو لجعل الدخول إليها غير ممكن.

وبعد إخطار وكيل الجمهورية، يمكن لوكيل الجمهورية أو قاضي التحقيق أن يأذن، لضابط الشرطة القضائية متى توفرت دواعي ارتكاب جريمة منصوص عليها في هذا القانون، بتحديد الموقع الجغرافي للضحية أو للشخص المشتبه فيه أو المتهم أو وسيلة ارتكاب الجريمة أو أي شيء آخر له صلة بالجريمة، باستعمال أي وسيلة من وسائل تكنولوجيات الإعلام أو الاتصال أو بوضع ترتيبات تقنية معدة خصيصا لهذا الغرض.

ويمكن لضابط الشرطة القضائية المختص، الاستعانة بشهادات المواطنين في جرائم الاتجار بالبشر، من خلال قيامهم  بالإعلان  للجمهور قصد تلقي معلومات أو شهادات من شأنها المساعدة في التحريات الجارية، مع مراعاة السرية المتعلقة بهوية الضحايا والشهود والمبلغين. ويمكنه أيضا بناء على إذن مكتوب من وكيل الجمهورية المختص إقليميا، أن يطلب من أي عنوان أو لسان أو سند إعلامي نشر إشعارات أو أوصاف و/ أو صور تخص أشخاصا يجري البحث عنهم أو متابعتهم في إحدى الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون.

حق الجمعيات في التأسس كأطراف مدنية

ومكّن المشرع  الجمعيات الوطنية المعتمدة والهيئات الوطنية الناشطة في مجال حقوق الإنسان وحماية الطفل والمرأة والأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة، من التأسس كأطراف مدنية ضد شبكات الاتجار بالبشر، للحد من هذه الجرائم وتطهير المجتمع منها. وجاء النص بعقوبات مشدّدة على المتورطين في هذه الجرائم، تصل إلى السجن المؤبد في حالة العود والاعتداء على الفئات المستضعفة.

التعاون الدولي في إطار احترام السيادة الوطنية

وتناول النصّ التعاون الدولي في إطار المعاملة بالمثل لمعالجة هذه الجرائم، حيث ينصّ على التعاون القضائي. ويأخذ المشروع بعين الاعتبار طبيعة جرائم الاتجار بالبشر التي قد تكون عابرة للحدود وأهمية التعاون لمكافحتها. كما ينصّ على رفض طلب التعاون القضائي الدولي إذا كان من شأنه المساس بالسيادة الوطنية أو النظام العام أو كرامة الأشخاص وعلى إمكانية أن تكون الاستجابة لطلب التعاون مقيدة بشرط المحافظة على سرية المعلومات المبلغة وعدم استعمالها في غير ما هو موضح في الطلب أو بضرورة توفر لدى الدولة الطالبة تشريع يتعلق بحماية المعطيات ذات الطابع الشخصي. وبموجب النصّ الجديد سيتم إلغاء مواد قانون العقوبات المتعلقة بجرائم الاتجار بالأشخاص،  قصد تفادي التحريم المزدوج لهذه الأفعال.