رئيس الجمهورية يجري تعديلا حكوميا جزئيا

سلال يقود حكومة التوجّه الجديد للاقتصاد

سلال يقود حكومة التوجّه الجديد للاقتصاد
  • 832
محمد. ب محمد. ب

أجرى رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة أمس تعديلا حكوميا جزئيا، مس 7 قطاعات وزارية، وعرف دمج وزارتي النقل والأشغال العمومية، مع استحداث وزارة منتدبة مكلفة بالاقتصاد الرقمي وعصرنة الأنظمة المالية. تميز التعديل بخروج 5 وزراء من الحكومة من بينهم وزير السياحة والتهيئة العمرانية عمار غول الذي قضى أزيد من 17 سنة ضمن الحكومات المتعاقبة. ووزير المالية عبد الرحمان بن خالفة الذي لم يستغرق استوزاه أكثر من عام واحد.

قائمة الأسماء التي غادرت الحكومة الخامسة للوزير الأول عبد المالك سلال، شملت أيضا كلا من وزير الطاقة صالح خبري والوزير المكلف بالعلاقات بين الحكومة والبرلمان الطاهر خاوة وكذا وزير الفلاحة والتنمية الريفية والموارد الصيدية سيد أحمد فروخي. وإذا كان الأمر متوقعا بالنسبة لكل من غول وبن خالفة وخاوة وخبري على الأقل تبعا للجدل الكبير الذي دار حول كل واحد منهم، فإن مالم يكن منتظرا هي مغادرة وزير الفلاحة والتنمية الريفية والموارد الصيدية سيد أحمد فروخي، الطاقم الحكومي وهو الذي حظي بدعم صريح من الفلاحين، حيث أعطى نفسا جديدا لهذا القطاع كما يقولون. وهو القطاع الذي يعتبر من المحركات الأساسية التي يعول عليها ضمن النموذج الاقتصادي الجديد القائم على تعدد مصادر الثروة وتنويعها وتحرير الاقتصاد من قطاع المحروقات. سيما وأن تعيين الأمين العام للوزارة عبد السلام شلغوم يعكس الارتياح المسجل بخصوص التطورات الأخيرة التي عرفها قطاع الفلاحة في بلادنا، ولاسيما مع دخوله عالم التصدير. 

في المقابل إدراج اسم عمار غول لم يثر أي تساؤل بالنسبة للكثير من الملاحظين بل بالعكس كان اسم غول من الأسماء التي ترددت كثيرا في التعديل الجزئي الماضي الذي أجراه الرئيس منتصف ماي 2015. كما لم يستغرب كثيرون تنحية عبد الرحمان بن خالفة من تشكيلة الحكومة وهو الذي يحسب عليه عدم قدرته على التخلص من صفته كمحلل اقتصادي وقيادة الإصلاح المالي الذي تأخر تجسيده في الميدان. وكان واجه حملة انتقادات قوية وأحيانا لاذعة من قبل العديد من الأطراف، سيما السياسية التي أعابت عليه تعنته في تمرير إجراءات اقتصادية لا تراعي الطابع الاجتماعي للدولة، خاصة عبر قانون المالية لسنة 2016.

بالنسبة لوزير الطاقة صالح خبري الذي استخلف بالرئيس المدير العام لسونلغاز نور الدين بوطرفة، فإن إبعاده عن الحكومة توقعه العديد من المتتبعين للشأن الطاقوي في البلاد، والذي لم يعرف أوضاعا أكثر صعوبة مما عرفها في الفترة الأخيرة بسبب أزمة تراجع أسعار النفط في السوق العالمية. ويعاب على الوزير تعامله السلبي مع هذه الوضعية الحرجة، التي اضطرت بالرئيس بوتفليقة إلى الاعتماد على قادة الدبلوماسية الجزائرية، كرمطان لعمامرة وعبد القادر مساهل في إطار مساعي الجزائر لإقناع الدول المنتجة للنفط بضرورة توحيد الرؤى والمواقف من أجل الحفاظ على استقرار السوق والدفع باتجاه رفع الأسعار وإنهاء الأزمة. 

تنحية وزير العلاقات مع البرلمان الطاهر خاوة الذي استخلف بنائبة رئيس المجلس الشعبي الوطني غنية الدالية، كانت هي الأخرى متوقعة، بالنظر إلى الخلافات الحادة التي جمعت هذا الأخير بقيادات حزبه "الأفلان" وبأمينه العام، حتى أنه يمكن اعتبار إزاحته من قائمة الحكومة استجابة من السلطات العليا في البلاد لمطلب الأغلبية أي قيادة ونواب حزبه الذين نظموا في شهر ماي الماضي حركة احتجاجية من أجل الإطاحة به.

التعديل الحكومي الجزئي الذي أجراه الرئيس بوتفليقة أمس لم يعط حقا للشائعات التي أثيرت حول إعادة تعيين وزير الطاقة والمناجم السابق شكيب خليل، كما لم يسقط التعديل مثلما توقع البعض أسماء ظلت في قلب عواصف إعلامية، ومحل دعوات بإقالتها، من أبرزها وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط ووزير الاتصال السيد حميد قرين ووزير الصناعة والمناجم عبد السلام بوشوارب، الذين حظوا في السابق بدعم حكومي كامل، واكتسبوا اليوم ثقة متجددة من رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، الذي أثبت بأن تقييمه لنساء ورجال الدولة لا يتم سوى بمعيار ما يتحقق على أيديهم وعلى ما يظهرونه من كفاءة وقدرة في تسيير المهام المنوطة بهم.

من خلال هذه القراءة الأولية للتعديل الحكومي الذي أحدث لأول مرة وزارة منتدبة مكلفة بالاقتصاد الرقمي وعصرنة الأنظمة المالية أوكلت للسيد بوضياف معتصم، والتي كان قد أعلن عنها الوزير الأول في زيارته لتيزي وزو في سياق التطمينات التي قدمها للمستثمرين والمتعاملين الاقتصاديين، يتجلى أن الغاية الأساسية المتوخاة من هذا التغيير تكمن في المضي في تجسيد الرؤية المتجددة للاقتصاد الوطني، من خلال الاعتماد على طاقم حكومي منسجم ويؤمن أفراده إيمانا كاملا بالانفتاح عبر تحرير الاقتصاد، من أن توجيه الاستثمار والنمو الاقتصادي إلى الاتجاه الصحيح، بالتركيز على قطاعي الصناعة والفلاحة وتطوير الاقتصاد الرقمي.

فهذه الرؤية التي تجد صداها الكامل في الأفكار التي سبق لوزير الطاقة الجديد نور الدين بوطرفة الإعلان عنها انطلاقا من منصبه السابق كرئيس مدير عام لمجمع سونلغاز، لا سيما عندما يتحدث عن رفع أسعار الكهرباء والغاز، وقد تجد طريقها للتنفيذ والتجسيد في الأسماء الجديدة التي أنيطت بها حقائب وزارية هامة على غرار وزير المالية الجديد حاجي بابا عمي، الذي يعرف بكفاءته العالية وهو ابن القطاع الذي قاد فرعا حساسا، يتضمن مجالي تسيير الميزانية والاستشراف.

التعديل الحكومي الذي يأتي بعد أقل من أسبوع عن اجتماع الثلاثية في دورتها الـ19 وتبنيها لقرارات هامة ترتبط في معظمها بتسيير المرحلة الاقتصادية والاجتماعية المقبلة، التي تم ضبطها بنموذج يمتد من 2016 إلى 2019، لدعم عناصر مقاومة الجزائر للأزمة المترتبة عن الظروف الخارجية، يؤكد الاهتمام الكبير الذي توليه السلطات العليا في البلاد لإنجاح هذا النموذج على أرض الواقع. وتعويلها على رجالات الميدان الحقيقيين القادرين على تحقيق الأهداف المتوخاة من هذا النموذج والمتمثلة أساسا في تشجيع وتكثيف الاستثمار المدر للثروة ولمناصب الشغل والحفاظ على المكتسبات الاجتماعية التي تحققت للجزائر على مر سنين من التطور وتدعمت مؤخرا بإصلاحات عميقة حمل ثمارها الدستور الجديد. 

للاشارة فقد تم بموجب التعديل الحكومي الجزئي إلحاق وزارة الأشغال العمومية بوزارة النقل التي احتفظ بها الوزير بوجمعة طلعي، هذا الأخير أي السيد بوجمعة طلعي أحدث منذ تعيينه على رأس قطاع النقل ديناميكية قوية حركت الذهنيات قبل دواليب وقوانين النقل نفسها. وهو وزير يتميز مع ذلك بالهدوء. فيما تم إسناد وزارة السياحة لوزير الموارد المائية سابقا عبد الوهاب نوري، وتم تعيين بوعلام بسايح وزيرا للدولة مستشارا خاصا لدى رئيس الجمهورية وممثلا شخصيا لرئيس الدولة. 


بيان رئاسة الجمهورية

أجرى رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، أمس تعديلا جزئيا في حكومة عبد المالك سلال، حسبما أفاد به بيان لرئاسة الجمهورية. فيما يلي النص الكامل للبيان: 

«طبقا لأحكام المادة 93 من الدستور أصدر فخامة رئيس الجمهورية، وزير الدفاع الوطني، السيد عبد العزيز بوتفليقة اليوم وبعد استشارة الوزير الأول مرسوما رئاسيا يقضي بتعيين أعضاء الحكومة التالية أسماؤهم:  

- السيد بابا عمي حاجي، وزيرا للمالية 

- السيد بوطرفة نورالدين، وزيرا للطاقة 

- السيد نوري عبد الوهاب، وزيرا للتهيئة العمرانية والسياحة والصناعات التقليدية 

- السيد شلغوم عبد السلام، وزيرا للفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري 

- السيد طلعي بوجمعة، وزيرا للأشغال العمومية والنقل 

- السيد وعلي عبد القادر، وزيرا للموارد المائية والبيئة 

- السيدة الدالية غنية، وزيرة للعلاقات مع البرلمان 

- السيد بوضياف معتصم، وزيرا منتدبا لدى وزير المالية مكلفا بالاقتصاد الرقمي وعصرنة  الأنظمة المالية". وأ 


تسقيف الأجر المصرح به في حدود 27 مليون سنتيم:

إخضاع النوادي الرياضية للضمان الاجتماعي

أقرت الحكومة بموجب نص قانوني جديد وقّعه الوزير الأول عبد المالك سلال الشهر الماضي، إخضاع النوادي الرياضية المحترفة لمنظومة الضمان الاجتماعي، وإجبارها على دفع الاشتراكات التي تم تحديد نسبتها بـ 34,5 بالمائة على أساس مبلغ أجرة لا يقل عن 27 مليون سنتيم، على أن يستفيد الرياضي المحترف وكذا فئات المؤطرين المعنيين من كافة أداءات الضمان الاجتماعي، كالتعويض على الأدوية والمرض وحوادث العمل وغيرها..  

طبقا للمرسوم التنفيذي 152-16 الذي نُشر في العدد 32 للجريدة الرسمية والمتعلق بتحديد أساس ونسبة اشتراك وأداءات الضمان الاجتماعي التي يستفيد منها التأطير  التقني الرياضي ورياضيو النادي الرياضي المحترف، فإن فئات المؤمَّن لهم اجتماعيا المعنيين بهذا النص، تشمل إلى جانب رياضيي النوادي المحترفة، كلا من المديرين التقنيين الرياضيين والمدربين وكذا المحضرين البدنيين.

وتحدد المادة الثانية من المرسوم أساس ونسبة اشتراك الضمان الاجتماعي المطبقين على  التأطير التقني الرياضي ورياضيّي النادي الرياضي المحترف، حيث يشمل الأساس، مبلغ  الأجرة الخاضعة لاشتراك الضمان الاجتماعي، وفقا للتشريع المعمول به بدون أن  يقل هذا المبلغ عن الأجر الوطني الأدنى المضمون وفي حدود 15 مرة هذا الأجر، بينما تقدر نسبة الاشتراك بـ 34,50 بالمائة موزعة وفق جدول توزيع الاشتراكات المحدد في القانون.

ويحمّل النص الجديد للنادي الرياضي المحترف المعني، مسؤولية والتزام التصريح والاقتطاع ودفع اشتراكات الضمان الاجتماعي، وذلك بصفته المستخدم، وفقا للتشريع  والتنظيم المعمول بهما في هذا المجال، فيما يترتب عن دفع اشتراكات الضمان الاجتماعي استفادة المؤطرين والتقنيين الرياضيين ورياضيي النادي الرياضي المحترف من كل  أداءات الضمان الاجتماعي والخدمات التي يتيحها للمؤمَّن لهم اجتماعيا وذوي حقوقهم.

وإذ يحيل النص مهام تحديد كيفيات تقييم ودفع اشتراكات الضمان الاجتماعي المنصوص عليها في هذا المرسوم إلى قرار مشترك، يُفترض أن يصدر عن وزارتي العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي والرياضة، فإن أحكامه تدخل حيز التطبيق على النوادي الرياضية  المحترفة ابتداء من تاريخ التكليف في الضمان الاجتماعي، فيما تبقى الأداءات المستحقة  لتعويض حوادث العمل والأمراض المهنية التي وقعت قبل نشر المرسوم في الجريدة  الرسمية، مسيرَّة بموجب عقود التأمينات المكتتبة من  قبل النوادي الرياضية المحترفة، طبقا للتشريع والتنظيم المعمول بهما في هذا المجال.

يتزامن صدور المرسوم التنفيذي المحدد لنسبة وأساس دفع اشتراكات اللاعبين المحترفين والمؤطرين التقنيين الرياضيين، مع نشر الرابطة الجزائرية المحترفة لكرة القدم قبل أيام قليلة من نموذج النظام الداخلي الجديد للأندية عبر موقعها الرسمي. ويتضمن سلسلة من المواد التي تحدد واجبات وحقوق كل طرف، وتكمل العقد الاحترافي الذي يربط اللاعب بالنادي المستخدم، وهي الوثيقة التي سيشرع العمل بها إلزاما بداية من الموسم 2016-2017.

ويتعين على كل الأندية بداية من الموسم القادم، التقيد ببنود وأحكام هذا النظام في صياغة العقود المبرمة مع اللاعبين المحترفين، لاسيما تلك التي تتعلق بدفع مستحقات الضمان الاجتماعي والتصريح في هذا النظام، فيما يتوقع أن تدفع مخلفات اشتراكات الضمان الاجتماعي للسنوات الخمس الأخيرة، في شكل مبلغ جزائي تسدده الاتحادية الجزائرية لكرة القدم وكذا الرابطة المحترفة، طبقا لما أعلن عنه رئيس الرابطة محفوظ قرباج في السابق، والذي هدد في مرات متكررة رؤساء أندية الرابطتين الأولى والثانية، باستعمال قوة القانون من أجل وضع حد للأعمال المشبوهة التي تعكّر صفو رياضة كرة القدم الجزائرية، في إشارة منه إلى التهرب عن دفع الضرائب والامتناع عن دفع مستحقات الضمان الاجتماعي. وتوصّل في سياق المساعي المبذولة لدخول عالم الاحتراف الحقيقي، إلى اتفاق مع وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي على تحديد سقف التصريح بأجور اللاعبين لدى مصالح الضمان بـ 27 مليون سنتيم، على أن لا يعفي هذا السقف اللاعبين المحترفين من دفع الضرائب، وفقا للأجر الحقيقي الذي يتقاضونه.

ويتوخى من هذا الاتفاق الذي عملت الحكومة على تأطيره بالمرسوم التنفيذي الصادر أمس، تقليص حجم الغش الممارس من قبل العديد من الأندية الرياضية، التي تدفع ملايين الدينارات للاعبين، ولا تصرح بهم لدى الضمان الاجتماعي أو تقدم تصريحات كاذبة وبعيدة عن حقيقة الأجر الذي يتقضاه بعض اللاعبين المحترفين، حيث سبق لمدير الضمان الاجتماعي بوزارة العمل، أن كشف في يوم دراسي انعقد العام الماضي، أن بعض الأندية تقدّم 500 مليون سنيتم للاعب وتصرح بـ 12 مليون سنتيم فقط. 

من جانب آخر، يسمح هذا التأطير القانوني الجديد للرياضيين المحترفين بالاستفادة من أداءات الضمان الاجتماعي بشكل كامل، بما فيها خدمة التقاعد والتعويض عن حوادث العمل، وهي خدمات افتقدها رياضيون وطنيون بارزون في السابق (شهرتهم تغني عن ذكر أسمائهم)، انتهى بهم الأمر إلى مآس نفسية ووضعيات اجتماعية صعبة، استدعت في بعضها تنظيم حملات تضامنية معها.

كما يهدف هذا الإجراء القانوني إلى تكريس أحد أوجه الاحتراف الحقيقي في مجال كرة القدم الجزائرية، من خلال فرض التطبيق الصارم للقانون، وتحميل الأندية الرياضية المحترفة واجبها ضمن هذا المسار الاحترافي الذي دخلته الجزائر منذ 5 سنوات، "بدون أن تسجل أي تغييرات في الجوانب المتعلقة بالممارسة الرياضية المحترفة، فيما عدا التصريحات الاستفزازية لبعض رؤساء الأندية حول الأجور الخيالية التي تُمنح للاعبين، في وقت تعجز الكثير من الأندية الأخرى عن دفع مستحقات لاعبيها".