بفضل روح نوفمبر وإرادة الجزائريين
سلال من سطيف: سننتصر على الأزمة

- 998

دروس الماضي تعلم التواضع وأحلام المستقبل تعلم الطموح»، قال الوزير الأول، عبد المالك سلال، أمام أهل سطيف أول أمس، في تلميح إلى الماضي العريق لهذه المنطقة، مذكرا بتضحيات سكانها وبوقوفهم الشجاع أمام ويلات الاستعمار، ليؤكد على ضرورة استلهام «روح ماي 45» من أجل الحفاظ على استقلال البلاد ومواصلة البناء «رغم الظروف المالية والاضطرابات الإقليمية».
الوزير الأول الذي بدأ كلمته أمام المجتمع المدني لولاية سطيف بتقديم شكره للصحفيين والصحفيات الذين رافقوه في جولاته الميدانية التي قادته لعدد من ولايات الوطن، ذكر بحساسية الوضع الراهن، رافضا في الوقت ذاته كل الأفكار الداعية إلى اليأس، من باب أن الحلول موجودة في أبناء الوطن القادرين على رفع التحدي اليوم مثلما رفعوه بالأمس.
فمن ماضي سطيف -»أرض وفاء والتزام مع المجاهد عبد العزيز بوتفليقة»- كما قال استوحى جزءا كبيرا من خطابه الذي ذكر فيه بأنه في «الأيام الأولى من شهر ماي سنة 1945، لم يكن سكان سطيف وقالمة وخراطة يحضرون للاحتفال بعيد العمال. بل كانوا مهمومين بقوت يومهم بعد أن نهب الاستعمار خيرات البلاد وفرض المجاعة على مناطق كاملة من وطننا لمشاركته في الحرب العالمية الثانية».
ليشير إلى أنه رغم ذلك فإن «أولئك الفقراء المعدومين» ثاروا ليس تعبيرا عن «مطالب شخصية أو مادية» بل من أجل «الجزائر والاستقلال»، ليهبوا حياتهم في «واحدة من أبشع الجرائم في التاريخ».
تاريخ ولحظات بطولية لايجب أن تتحول –كما أضاف- إلى «مجرد دروس متكررة وحصص روتينية»، بل تلقين للأجيال الجديدة عن «الميراث الفظيع للاستعمار».
سلال الذي عبر عن افتخاره لانتمائه إلى «عائلة بسيطة» تمكن بفضل الاستقلال من التدرج في المسؤوليات وأسلاك الدولة، شدد على أن ذلك هو «نموذج المجتمع الجزائري المبني على تساوي الفرص والتمازج بين أبناء الوطن الواحد، الذي لا توجد به طائفة أو طبقة ولا يترقى فيه المواطنون إلا بمعايير الكفاءة والاستحقاق».
هذا النموذج وذلك الماضي، لايمكن السير في نفس نهجهما – كما قال سلال- إلا بالوعي بأهمية الاستحقاق الانتخابي المقبل، والمشاركة بقوة في الانتخابات التشريعية ليوم 4 ماي حفاظا على الجمهورية الجزائرية التي أرادها وحلم بها أبطال جيش وجبهة التحرير الوطني من جيل نوفمبر الخالد». وهو ماظل يؤكد عليه في إطار «حملة تحسيسية» قادها طيلة الأيام الماضية لدعوة المواطنين إلى أداء واجبهم الانتخابي.
ماوراء هذه الانتخابات مستقبل الجزائر التي «بدأت تجني ثمار عملها وتباشر نفسها الثاني»، رغم «الظرف الاقتصادي والتقلبات العالمية السياسية والأمنية وحملات التشكيك واليأس»، حيث تبقى «واقفة متمسكة بمبادئها وحرة في قراراتها... وهي أيضا تحقق تطورا في المجال الاقتصادي والاجتماعي».
نحن نتقدم والجمود يؤدي إلى التراجع
الوزير الأول أكد في السياق أن «برامج السكن متواصلة وشعبنا شاهد على توزيع الوحدات لأصحابها بكل شفافية وعلى تقدم المشاريع في كل التراب الوطني». وكذلك الشأن بالنسبة لتوسيع شبكات المياه والكهرباء والغاز واستمرار التوظيف في قطاعات التربية والصحة وإنجاز وتجهيز الهياكل بهما. هي تصريحات أراد من خلالها تكذيب كل ما قيل عن توقف الاستثمار في هذه المجالات التي تمس معيشة المواطن بصفة مباشرة،و»طمأنة» الرأي العام بشكل واضح.
لكن ذلك تم بعيدا عن إنكار الواقع، حيث أكد أن الأمور لاتسير كلها على مايرام، مشيرا إلى وجود «نقائص يجب تداركها وأهداف لم يتم بلوغها بعد»، واعتبر أن الحفاظ على حركية المجتمع والاقتصاد لابد منها «لأن الجمود يولد حتما التراجع».
وأوضح أن المجالات التي يجب التركيز عليها في المستقبل هي «الحفاظ على الانسجام والتماسك المجتمعي واستكمال بناء الاقتصاد الناشئ وترشيد أداء أجهزة الدولة من جوانب الانفاق والتنظيم والضبط ورفع القدرات الوطنية التكنولوجية والتسييرية»، مع مواصلة «إعادة بناء القاعدة الصناعية الوطنية ودعم الانتاج الوطني لرفع جودته وقدرته التنافسية».
ووعد سلال بتعزيز الاستثمار الفلاحي وتحصين أمننا الغذائي ورفع قدرات التصدير.، مشددا على أن الدولة ستبقى أيضا حريصة على «وفرة السلع والتموين الدائم للسوق الوطنية والأداة الوطنية للانتاج مع ضبط الأسعار وترشيد الانفاق العمومي»، فضلا عن تشجيع المبادرات في المجال السياحي.
هي إجراءات سيقول «المشككون» -كما وصفهم- أنها «أحلام بعيدة أو مستحيلة»، ليأتي الرد عليها بكلمات مجاهد وهو في فراش المرض قال فيها «لقد واجهنا الاستعمار بالإرادة والشجاعة وأنتم منا وأبناؤنا وبإذن الله ستستطيعون بنفس الروح التغلب على الأزمات و تحقيق التنمية».
ودعا الوزير الأول في الأخير الجزائريين للتمسك بـ»الخط الوطني الأصيل والوفاء لوصية الشهداء والمجاهدين».