بصمتها بارزة في اتفاق سلام بين حكومة إقليم امهرة ومنظمة فانو الشعبية
دور فاعل للجزائر في تثبيت أسس السلم
- 157
مليكة.خ
عادت الدبلوماسية الجزائرية لتلقي بثقلها على إفريقيا من خلال تفعيل دور الوساطة لحلحلة النزاعات التي مازالت تثقل القارة، في سياق ترسيخ عقيدتها السياسية المرتكزة على تشجيع الحلول السلمية، حيث ساهمت مؤخرا في إنهاء سنوات من التوتر بين حكومة إقليم امهرة ومنظمة أمهرة فانو الشعبية بإثيوبيا عبر إبرام اتفاق سلام دائم، بعد نجاح نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي السفيرة الجزائرية سلمى مليكة حدادي في تقريب وجهات النظر وتثبيت أسس التفاهم بين الجانبين.
برزت بصمة الجزائر جليا في نشاطات المجموعة الإفريقية رغم مرور قرابة 10 أشهر فقط من نيلها منصب نيابة رئاسة مفوضية الاتحاد الإفريقي، فضلا عن فوزها بعضوية مجلس السلم والأمن للاتحاد، لتثري بذلك رصيدها الدبلوماسي الذي يتماشى مع العقيدة الإفريقية التي أنشئت من أجلها الوحدة الإفريقية سابقا والاتحاد الإفريقي حاليا. ويعيد بنا هذا الإنجاز المهم إلى الدور المحوري الذي قامت به الجزائر في إنهاء النزاع الإثيوبي الإرتيري الممتد من سنوات 1998 إلى 2000، من خلال وساطة ناجحة أسفرت عن توقيع اتفاقية الجزائر للسلام عام 2000، التي أنهت حربا حدودية دموية وأرست أسس السلام بين البلدين بالاعتماد على مبادئها في الحل السلمي للنزاعات، ما أثبت فعالية دبلوماسيتها .
كما لعبت الجزائر أدوارا محورية في ملفي مالي والنيجر، حيث أجرت أربع وساطات تاريخية في النيجر وأربع وساطات أخرى في مالي بهدف إعلاء الحلول السلمية. وتعد هذه الأخيرة، الوساطة الأبرز تلك التي أفضت إلى اتفاق السلم والمصالحة الوطنية في عام 2015، فضلا عن دورها المستمر في دعم الحوار بين الفرقاء وتحقيق الاستقرار الإقليمي في منطقة الساحل ومواجهة الأزمات المتجددة.
وركزت الجزائر جهودها كفاعل رئيسي ومحوري في جهود السلام والاستقرار في هذين البلدين، بالاستعانة بخبرتها في الوساطة لتعزيز الحلول السياسية بدلا من العسكرية، كما دعمت حركات التحرر في عديد الدول على غرار ناميبيا، حيث قدمت دعمها السياسي والمادي واللوجستي لحركة تحرير ناميبيا ( سوابو)، عبر استضافة قياداتها والمطالبة بتطبيق قرارات الأمم المتحدة، وتقديم الدعم للاجئين وتوفير الملاذ الآمن لهم. كما شاركت في جهود مجلس الأمن لتصفية الاستعمار بهذا البلد والمطالبة بحق تقرير المصير، مؤكدة موقفها المبدئي ضد الاحتلال وتأييدها لحركات التحرر الإفريقية.
كما دعمت الجزائر زيمبابوي تاريخيا في نضالها ضد الاستعمار، من خلال تقديمها الدعم اللوجستي والتدريب العسكري لمقاتلي حركة التحرير زيمبابوي، خاصةً ضد الحكم العنصري للأقلية البيضاء إلى غاية نيل هذا البلد استقلاله عام 1980. وظهر دعم الجزائر لحركة التحرر بجنوب إفريقيا جليا، حيث كانت ملاذا للمناضلين على غرار الزعيم نيلسون مانديلا وتدريب المقاومين، وساندت النضال ضد نظام الفصل العنصري دوليا عبر الضغط لإقصاء ممثلي جنوب افريقيا من المحافل الأممية.
وحرصت الجزائر على ربط استقلالها باستقلال القارة، مؤكدة أن تحرير إفريقيا واجب مقدس، ما جعل الأفارقة يشيدون بهذا الدعم الثابت، في حين مازالت تواصل جهودها من أجل القضاء على بؤر التوتر المتفشية هنا وهناك ، قصد توفير المناخ المناسب لتكريس المقاربة التنموية التي تعود بالنفع على شعوب القارة. بالنظر إلى هذه المكاسب، فإن انتخاب الجزائر عضو في مجلس السلم والأمن للاتحاد الإفريقي شهر فيفري الماضي، يعد تقديرا لدورها في الوقاية من النزاعات وتسويتها، وبناء سياستها الخارجية على مبادئ ثابتة تشمل الحياد، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول وتبني الحلول السلمية، مع إعلائها دوما لمبدأ حسن الجوار.