المدارس والجامعات والبرلمان تعود للنشاط في يوم واحد
دخول اجتماعي وسياسي على وقع الإصلاحات والانتخابات
- 534
حنان/ح
اليوم هو موعد دخول اجتماعي "جماعي" تعود فيه المدارس والجامعات والبرلمان إلى النشاط من جديد، لتعود معها الحركية التربوية والسياسية لساحة الأحداث، بما تحمله من مستجدات ومتغيّرات ومواعيد حاسمة ستشهدها سنة 2017. وهو ما دفع بالبعض إلى توقع دخول اجتماعي تغذّيه اختلافات في المواقف بخصوص مسائل وطنية حاسمة يتم التحضير لها، فيما يرى البعض الآخر أن التوافق التام بين الجزائريين حول الحفاظ على الاستقرار سيحد من تأثير الخلافات بل وسيحتويها.
على غير العادة سيلتحق الجامعيون بأقسامهم هذه السنة في نفس اليوم مع المتمدرسين على وقع إصلاحات جديدة ستشهدها كل الأطوار الدراسية، ضمن رؤية جديدة للتعليم تعتمد على تحسين النوعية والمرور من الكم إلى الكيف.
فسواء تعلّق الأمر بالمنظومة التربوية أو الجامعية، فإن رهان الجزائر الحالي هو منح مستوى تعليمي نوعي يمكّن من تدارك التأخر الذي عرفته المدرسة والجامعة مقارنة بمثيلاتها في المنطقة.
وهكذا فإن وزيرة التربية الوطنية نورية بن غبريط، تراهن على دخول مدرسي جديد وقوي تميّزه إصلاحات من "الجيل الثاني" تعول عليها من أجل إحداث قفزة في التعليم. أمر لا يبدو سهل التحقيق بالنظر إلى مظاهر "المقاومة" التي تقودها بعض الأطراف. لكن من يلاحظ ماحققته الوزيرة خلال العام المنصرم وسط أمواج من المعارضين بعد تمكنها من ضمان موسم دراسي دون إضرابات، يتأكد من قدرتها على تمرير إصلاحات تسميها الوزيرة "تحسينات" أدخلت على المناهج الجديدة و«لن تحدث تغييرات جذرية في قطاع التربية"، حسبها. رغم ذلك فهي لا تستغرب أن تتواصل "الحملات المغرضة"، حيث لم تتردد في القول مؤخرا "إننا نتوقع المزيد من المعلومات الخاطئة والإشاعات حول العمل المنجز من طرف الوزارة لأن سنة 2017 ستميّزها استحقاقات سياسية وسيسعى البعض إلى جعل المدرسة للأسف وسيلة لبلوغ أهداف شخصية".
وهو ما قالته على خلفية الأخبار التي راجت حول تدريس المواد العلمية باللغة الفرنسية، وكذا إلغاء مادة العلوم الإسلامية من امتحانات البكالوريا، مشدّدة على أن هناك "اقتراحات" تم الإجماع عليها مع الشركاء الاجتماعيين سوف تعرض لاحقا على مجلس الوزراء.
ويتوقع أن تستقبل المؤسسات التربوية عبر الوطن ابتداء من اليوم أزيد من 8.600.000 تلميذ، بطاقة تأطير بيداغوجي تتجاوز 495.000 أستاذ، من بينهم أزيد من 28.000 أستاذ جديد.
كما خصّصت الدولة ميزانية تفوق 15 مليار دج لمواصلة سياسة التضامن مع الفئات المتمدرسة المعوزة.
على مستوى الجامعة، تقرر بدء الدراسة رسميا اليوم، حيث تنطلق في هذا التاريخ الدروس لطلبة الليسانس والماستر، على أن تنطلق الأعمال التطبيقية والأعمال الموجهة في 11 سبتمبر، مع اختلاف في تواريخ الدخول من جامعة إلى أخرى.
ويراهن وزير التعليم العالي والبحث العلمي الطاهر حجار، هو الآخر على إصلاحات ستشمل عدة جوانب في الجامعة، لتحسين أدائها والرفع من المستوى التعليمي. وهي الإصلاحات التي تم الشروع فيها هذه السنة عير تخفيض عدد الرغبات في البطاقات الإلكترونية المخصصة لهذا الغرض من عشرة إلى ست رغبات، بهدف تركيز الطالب على الفروع والتخصصات التي يرغب فيها فعلا، بحثا عن الوصول إلى نظام يضمن للطالب التسجيل في الاختصاص الذي يريده بدون الحاجة إلى بطاقة رغبات.
وكان الوزير قد أعلن أن الدخول الجامعي الجديد سيشهد بداية تطبيق توصيات الندوة الوطنية للجامعات المنعقدة في جانفي الفارط. مشيرا إلى أن أهمها تقليص عدد أنواع الليسانس والماستر البالغة حاليا 5000 نوع، حيث تحدث عن خفضها إلى 174 ليسانس تشمل كل التخصصات العالمية المعروفة. وهذا من أجل جعل شهاداتنا معترف بها في الداخل والخارج. كما أكد التوجه نحو توحيد نظام التعليم، الذي يعيش حاليا ازدواجية بين النظامين القديم والجديد، وذلك لوضع حد للبلبلة التي تسبب فيها هذا الوضع.
وشدّد السيد حجار، على ضرورة إعادة النظر في تكوين الأساتذة المكونين، وأعلن أنه ابتداء من الدخول الجامعي الجديد سيكون لكل الطلبة من السنة الأولى إلى الدكتوراه بدون استثناء الحق في استخدام النظام الوطني للتوثيق عن بعد الذي يضم ملايين الوثائق والكتب والفيديوهات "من أجل مردود أفضل لتحصيل الطلبة".
إلا أن السيد حجار، اعترف بأن إرادة الدولة في الارتقاء بمنظومة التعليم العالي وضمان الجودة، تجهلها غالبية الأطراف الفاعلة للأسرة الجامعية"، وتحدث عن "وجود مقاومة حتى من قبل الذين يقومون بتنفيذ هذا المسعى". وبدوره استبق الأمور وهو العالم بخبايا قطاع التعليم العالي، وأرسى تقاليد للحوار مع الشريك الاجتماعي تتم بشكل دوري، سمحت بصيرورة عادية للموسم الجامعي الماضي.
من جانب آخر، وبافتتاح آخر دورة للبرلمان الحالي قبل تشريعيات 2017، فإن الدخول السياسي وعكس الدخول الاجتماعي سيشهد دون شك حالة "غليان" سيكون مسرحها البرلمان بغرفتيه، خاصة بالنظر إلى أهمية القوانين المعروضة للنقاش في الدورة الخريفية.
فالنواب أمام امتحان عسير خلال هذه الفترة لأنهم سيقررون في مسائل تمس المواطن بصفة مباشرة وهو المدعو إلى اختيار ممثليه في الهيئة التشريعية خلال الربيع المقبل. ولعل من أهمها قانون المالية 2017 الذي يرتقب أن يتضمّن إجراءات تقشفية أخرى غير تلك التي تضمّنها قانون 2016، إضافة إلى قانون التقاعد. دون إهمال الأسئلة الموجهة للوزراء والتي يرتقب أن تشمل قضايا شائكة.
وستتوجه الأنظار إلى هذه الدورة ليس فقط لأنها الأخيرة، ولكن لأنها ستبرز بالتأكيد الخلافات التي يشهدها أولا حزب الأغلبية الذي يشهد صراعات داخلية، وثانيا الخلاف بين حزب جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي الطامح إلى تغيير كفّة الموازين في الانتخابات المقبلة، فضلا عن الصراعات داخل البيت السياسي للأحزاب الإسلامية.