دعوة رئيس الجمهورية المسؤولين للابتعاد عن الفلكلور الإعلامي
ثقة المواطن تكسب بالتكفّل بانشغالاته

- 198

تندرج انتقادات رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون للطاقم الحكومي خلال اجتماع مجلس الوزراء، أول أمس، والتي دعا من خلالها للتركيز على الميدان بعيدا عن "الفلكلور الإعلامي"، في سياق تذكيره بالمهام الموكلة للمسؤولين من أجل العمل على الاستجابة لانشغالات المواطنين بفعالية، من منطلق أن الوعود تقاس بمدى تجسيدها ميدانيا، كون المواطن يعي احتياجاته ولا يؤمن إلا بالملموس.
ليست هذه المرة الأولى التي يدعو فيها الرئيس تبون المسؤولين للتخلّي عن البهرجة والخطابات الرنانة على حساب الإنجازات الميدانية، حيث سبق له أن أصدر توصيات إلى الوزراء والمسؤولين في عدة اجتماعات لمجلس الوزراء منذ عهدته الأولى، للكفّ عن الاستعراض المبالغ فيه على غرار ما كان خلال النظام البائد.
وإذ يركّز رئيس الجمهورية على إرساء ثقافة جديدة يتوخّى منها تقوية رابط الثقة بين المواطن ومؤسّسات دولته بالعمل والإنجاز، فإنه لا يكف على تحذير المسؤولين من إطلاق وعود غير مؤسّسة للمواطنين، وتقديم آجال غير معقولة وطرح آليات غير مفهومة، فضلا عن استخدام تعبيرات سياسية تربط كل منجز أو نشاط برئيس الجمهورية وتؤشر إلى التملّق السياسي وإطلاق الوعود الكاذبة.
كما سبق وأن طالب الوزراء والمسؤولين بعدم التنقل في زياراتهم الميدانية في مواكب رسمية، وذلك لمحاربة التبذير وعدم تعطيل مصالح المواطنين بعيدا عن مظاهر "الزردة والبهرجة" التي ترافق تنقلاتهم، فضلا عن دعوتهم لتكثيف الزيارات الميدانية إلى المناطق التي تكثر فيها معاناة المواطن، حيث يفترض أن تكون هذه الزيارات عنوانا لحلّ المشاكل وليس للفخفخة.
بل حرص رئيس الجمهورية على ضرورة أن يبدي المسؤولون احترامهم للمواطنين في كل خطوة أو معاملة، من منطلق أن رضا الشعب هو المقياس الأوحد لحسن الأداء، لبناء جزائر مهابة وقوية، خاصة بعد تسجيل تصرّفات لمسؤولين أثارت الاستياء على مستوى الرأي العام، كاتهام مباشر بـالكذب، وجّهه وزير الصناعة الصيدلانية السابق إلى مديرة شركة للدواء. كما نذكّر في هذا الصدد بأن إقالة وزير فلاحة سابق، سببها تصريحاته غير المحسوبة التي تمسّ بمشاعر المواطن، خلال إجابته بانفعال على سؤال صحفي حول ارتفاع سعر البطاطا بالقول "هل ما زلنا نتحدث عن البطاطا واللحم؟"، "إذا اشتريتها بهذا الثمن بدّل الحومة".
الأمر ذاته طال ولاة لم يجسّدوا التزاماتهم ميدانيا، خاصة وأن الرئيس تبون منحهم كامل الصلاحيات من أجل تحقيق الأهداف المسطرة في آجال محدّدة، لكن تمّ محاسبتهم لكونهم أطلقوا وعودا لم تجسّد ميدانيا وروّجت فقط في إطار "فلكلور إعلامي"، أبقى الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في ولاياتهم على حالها.
ويسعى الرئيس تبون من خلال توجيهاته للمسؤولين لوضع قطيعة مع الأساليب الماضية التي ميّزت النظام البائد، والتي كانت أبرزها تقديس الأشخاص وظهور أساليب التملق المبالغ فيه، ما يؤثر بالسلب على البرامج الموجّهة للمواطن خاصة فيما يتعلق بعدم احترام آجال إنجازها وإخفاء النقائص التي تعتريها مقابل كسب ودّ ورضا جهات معينة حتى وأن كان ذلك على حساب المنفعة العامة.