دفاع الأطراف المدنية يطالب بالملايير التي نهبها بنك الخليفة ويؤكد:

تهمتا خيانة الأمانة والنصب والاحتيال قائمتان في القضية

تهمتا خيانة الأمانة والنصب والاحتيال قائمتان في القضية
  • 1864
البليدة: محمد / ب البليدة: محمد / ب

أكد محامو الأطراف المدنية في مرافعاتهم في قضية بنك الخليفة بعد الطعن ثبوت التهم المنسوبة إلى عبد المومن خليفة وشركائه، ولا سيما تهمتي النصب والاحتيال وخيانة الأمانة، مستندين في طرحهم إلى قيام أركان هذه الجرائم ومنها اعتماد البنك على آليات قانونية ومنها الاتفاقيات والعقود للنصب على زبائنه، فضلا عن ثبوت سوء النية وتكليف مجموعة من أشخاص بمهمة استدراج الزبائن وإغرائهم بنسب فوائد عالية.
وسعى دفاع الأطراف المدنية الممثلة في الهيئات والمؤسسات العمومية التي ضاعت ودائعها لدى بنك الخليفة، خلال مرافعاتهم أمس، أمام هيئة المحكمة التي يرأسها القاضي منور عنتر، إلى إثبات وجود أركان الجرائم المتابع فيها المتهمون في القضية، ولا سيما منهم المسؤول الأول عن بنك الخليفة رفيق عبد المومن خليفة، وشركائه المقرّبين.
وركز غالبية المحامين على الأقوال التي أدلى بها مصفي بنك الخليفة منصف باتسي، الخميس المنصرم، لتأكيد وجود نية سيئة مسبقة لدى صاحب البنك المفلس "الذي استعان بشركائه المقرّيين لاستدراج مسؤولي المؤسسات والهيئات العمومية، ودفعهم إلى إيداع الأموال لدى البنك، مقابل نسب فوائد مغرية"، وهي الأفعال التي تثبت ـ حسبهم ـ قيام جريمتي النصب والاحتيال وخيانة الأمانة طبقا للمادتين 375 و376 من قانون العقوبات.
وذهب بعض ممثلي دفاع الأطراف المدنية إلى أبعد من ذلك في إثبات تهمة النصب والاحتيال ضد المتهمين في القضية، من خلال اعتبار إغراء بنك الخليفة للإطارات المالية التي التحقت به تباعا، نصبا عليها، حيث قال بعضهم "إن هذا الفعل الذي أقبل عليه البنك، تسبب في إحداث نزيف من الإطارات من المؤسسات المصرفية العمومية، أضر بسير هذه الأخيرة وبالاقتصاد الوطني ككل".
وسعى غالبية المتدخلين خلال جلسة المرافعة إلى تبرئة ذمّة مسؤولي المؤسسات العمومية التي تأسسوا في حقها، بالاستناد إلى شرعية عمليات الإيداع التي قاموا بها على مستوى وكالات بنك الخليفة، مبرزين في هذا الصدد وجود اتفاقيات وعقود قانونية ورسمية تؤطر هذه الودائع التي "لم يصنها، بنك الخليفة الذي تمادى في الإهمال وفي خيانة الأمانة التي وضعت فيه"، كما لم يتوان بعض المحامين في تبرئة ذمّة بنك الجزائر الذي اتهمه عبد المومن خليفة "بتعمّد تعريض بنكه للإفلاس"، واتهمه بعض الضحايا بـ"التغاضي عن أعمال غير مشروعة ومخالفات أدت إلى ضياع أموالهم ببنك الخليفة"، من خلال الإشارة إلى أن "بنك الجزائر تعامل مع هذا البنك وفق المعايير المتعامل بها مثل كل الحالات التي تخص اعتماد البنوك والمؤسسات المصرفية، غير أن بنك الخليفة كانت نية أصحابه مبيّتة ونواياه سيئة مسبقا، وتحايلوا على الجميع".
وفي نفس السياق رأى بعض المحامين أن محاولات المتهم الرئيسي عبد المومن خليفة، لإلصاق تهمة تعرض بنكه للإفلاس ببنك الخليفة، لا يمكنها أن تغطي عن الأفعال الإجرامية الخطيرة المنسوبة إليه، "كون الإفلاس الذي لم يكن سببا في ضياع ودائع الجزائريين لدى بنك الخليفة، حالة تحدث حتى لمؤسسات عالمية كبيرة".
وفضلا عن الشق المتضمن إثبات التهم المنسوبة للمتهمين في قضية بنك الخليفة، شملت مرافعات دفاع الأطراف المدنية، تأكيد قيمة الودائع وقسم الفوائد التي نهبها البنك من المؤسسات والهيئات العمومية التي تأسست في حقها، حيث كشفت القيم التي تم تأكيدها حجم الفضيحة التي تسبب فيها البنك المنهار، وخطورة الجرائم التي اقترفها مسؤولو هذا البنك.
ففي هذا الإطار تضمنت المبالغ التي التهمها بنك الخليفة، والتي لم تسترجع لحد الآن من قبل المؤسسات العمومية 717 مليون دينار مستحقة من ديوان الترقية والتسيير العقاري للشلف، 954 مليون دينار مستحقة من ديوان الترقية والتسيير العقاري لبومرداس، 572 مليون دينار مستحقة من مؤسسة الجزائرية للمياه، 250 مليون دينار مستحقة من ديوان الترقية والتسيير العقاري لعين الدفلى، 600 مليون دينار من مؤسسة ميناء وهران، أزيد من 142 مليون دينار مستحقة لديوان الترقية والتسيير العقاري للبويرة، أزيد من 742 مليون دينار لديوان الترقية والتسيير العقاري لسطيف، فضلا عن 183 مليار سنتيم مستحقة من مؤسسة إنتاج الإسمنت للشلف، و80 مليون دينار من مؤسسة المراقبة التقنية لنفس الولاية، وأزيد من 244 مليون دينار أودعتها تعاضدية عمال الأمن الوطني بالبنك المفلس.
من جهته طالب دفاع الصندوق الوطني للتأمينات الاجتماعية للعمال الأجراء، باسترجاع الأموال المستحقة لدى بنك الخليفة والتي قدرها بـ10 ملايير دينار التي تم وضعها بالبنك كودائع على مدى، زائد ما يفوق 2 مليار دينار من الفوائد المستحقة، فيما يقدر المبلغ المستحق لدى البنك من الصندوق الوطني للتقاعد بأزيد من 6 ملايير دينار.
وأشار محامي هذا الصندوق إلى أن موظفي الصندوق المتابعين في القضية في إشارة إلى مدير العمليات المالية "سليمان . ك" ومدير وكالة أم البواقي "توفيق . ج" لم يتجاهلا القانون وإنما قاما بخرق القانون، كما أكد عدم قانونية قرار إيداع أموال الصندوق لدى بنك الخليفة.
ولا تمثل هذه الأرقام سوى جزء صغير جدا من القيم الإجمالية التي تعاقب على عرضها ممثلو الأطراف المدنية أمس، أمام هيئة محكمة الجنايات بالبليدة، تأكيدا للقيم التي سبق للأطراف المدنية الممثلة للهيئات العمومية أن كشفت عنها خلال السماع إليها من قبل المحكمة الأسبوع المنصرم، والتي لخصها مصفي بنك الخليفة في رقم "خيالي" قدر بـ119 مليار دينار، تبقى منه اليوم 104 مليار دينار مستحقة لدى البنك المنهار.
وتعكس هذه الأرقام الضخمة حسب دفاع الأطراف المدنية خطورة "الخطة المدبّرة من قبل مسؤولي بنك الخليفة للاحتيال على الشعب وعلى الدولة، وضخامة الضرر الذي ألحقوه بالاقتصاد الوطني وبصورة الجزائر"، ومن هذا المنطلق اعتبر بعض المحامين أن "مسؤولي بنك الخليفة خدعوا أنفسهم قبل خداع الزبائن على اعتبار أنهم أيضا جزائريون"، مبرزين خطورة تورط المتهمين في جريمة التزوير في المحررات المصرفية"، ليخلص معظم المتدخلين إلى ضرورة ردع مثل هذه الجرائم "حتى لا تتحول إلى موضة أيضا لتقوية خطر الفساد الذي ينخر المجتمع".

دفاعه يطالب عبد المومن خليفة بالتعويض عن الضرر المعنوي ويؤكد: بنك الجزائر قام بدوره الرقابي على أكمل وجه

أكد الأستاذ خالد عاشور، الموكل من قبل بنك الجزائر للدفاع عن حقه في قضية بنك الخليفة بعد النقض، بأن البنك المركزي لم يقصّر في دوره الرقابي على بنك الخليفة منذ إنشائه في 1998، إلى إعلان سحب الثقة منه في ماي 2003، مطالبا بضرورة إرغام عبد المومن خليفة على التعويض المعنوي بالدينار الرمزي، نظير تسبّبه في تشويه سمعة بنك الجزائر.
وأوضح المحامي في مرافعته أمس، أمام هيئة محكمة الجنايات بالبليدة، إلى أن "بنك الجزائر تأسس كطرف مدني، ضد عبد المومن خليفة فقط وليس ضد كل المتهمين"، مشيرا إلى أن هذا المتهم "ارتكب جرم التزوير في محررات رسمية، متمثلة في العقد التأسيسي للبنك، ثم في استعمال ذلك العقد المزوّر في المحررات المصرفية للحصول على الاعتماد"، واعتبر المحامي بالتالي بأن المتهم "قام بتغليط بنك الجزائر الذي يعتبر الهيئة الرسمية التي قدمت له الاعتماد"، مقدرا في هذا الصدد بأن "الانتقادات والاتهامات الموجهة لبنك الجزائر حول تقصيره في المراقبة، مبالغ فيها باعتبار أن اعتماد بنك الخليفة أساسه مزوّر، حيث وقع عمدا إخفاء الحقيقة بتواطؤ من موثق معتمد..".
أما المسألة الثانية التي أثارها المحامي فتتعلق بتهمة التزوير والاستعمال المزور للمحررات المصرفية، والتي تعتبر مخالفة بحكم المادة 119 من قانون العقوبات، وعاد الأستاذ في هذا الصدد إلى المناقشات "التي لم يحاول فيها دفاع المتهم عبد المومن خليفة، إنكار التهمة المنسوبة لموكلهم وإنما كان يحاول أن يبرر المخالفات التي ترتبط بهاتين التهمتين"، على حد تعبيره.
واعتبر الأستاذ عاشور، أن "ما ينبغي أن نطرحه كسؤال هو هل قام عبد المومن خليفة بتزوير المحررات القضائية ووثائق مصرفية باحتيال تجاه بنك الجزائر"، ليجيب بالتأكيد على أنه يمتلك ملفا كاملا يثبت أن نتائج التفتيشات التي قام بها بنك الجزائر على مستوى بنك الخليفة، تكشف إخفاء هذا الاخير لحقائق منذ إنشائه في 1998، وخاصة خلال الفترة الممتدة بين 1999 و2002"، ليتساءل أمام هيئة المحكمة "كيف يمكن لبنك الجزائر أن يقوم بمهمته كاملة مادام لا يطلع على المعطيات الحقيقية؟".
وإذ أشار إلى أن "المفتشين الذين كانوا يتنقلون إلى بنك الخليفة لم يكن بوسعهم الاطلاع على كل الحقائق.." أكد المحامي بأن "المراقبة الفعّالة تكون من الداخل"، وهو ما يفسر ـ حسبه ـ أن المتصرف الإداري لما عين وقف على حقائق لم تكن لتكتشف لولا التحاقه بالمنصب، "حيث كانت الخلاصة، بالنسبة له أنه كانت هناك أشياء كثيرة لم تلحق إلى بنك الجزائر".
كما ذكر المتحدث بأن "إيداعات المؤسسات العمومية لم يخبّر بها بنك الجزائر، وتم فقط التصريح بودائع المؤسسات الخاصة وفي ذلك ـ حسبه ـ نية من قبل مسؤولي بنك الخليفة لإخفاء تلك الأموال التي نهبت ولم تسترجع لحد الآن".
وانتقل المحامي خالد عاشور، إلى مسألة إخطار بنك الجزائر لمسؤولي بنك الخليفة، بضرورة تصحيح المخالفات التي كانت حاصلة، من خلال رسائل المتابعة الخمسة التي وجهها لهم من جانفي 2001 إلى نوفمبر 2002، "غير أن بنك الخليفة لم يجب على أي من هذه المراسلات". قبل أن ينتقل إلى مسألة انتقاد البعض لبنك الجزائر بحجة أنه لم يتخذ أي إجراء عقابي ضد بنك الخليفة، قائلا "لقد جاءت الإجابة عن هذه الانتقادات على لسان ممثلي بنك الجزائر الذين أكدوا بأن هذه الهيئة لا يمكنها أن تتدخل بشكل مباشر في عمل البنوك ولاسيما منها البنوك الخاصة".
أما أهم عامل لتبرير عدم تدخل بنك الجزائر فأرجعه المحامي إلى "الظروف التي ميّزت تلك المرحلة الزمنية التي صادفت إعادة الجدولة وضغوط صندوق النقد الدولي على الجزائر"، ليضيف بأن "الدولة الجزائرية قامت بمجهودات كبيرة، لتحرير الاقتصاد لكنها كانت أيضا تطالب وتصر على واجب احترام القوانين، وهو الواجب الذي أخل به بنك الخليفة"
كما أشار المحامي إلى أن بنك الخليفة كان يقوم بإجراء تحويلات بالعملة الصعبة في إطار عمليات الاستيراد دون ترخيص، مذكّرا بشهادة مدير وكالة بنك الخليفة لوهران، "والذي اعترف بأن هذه الوكالة عملت لمدة 8 أشهر في مجال التجارة الخارجية دون ترخيص".
وفيما استغرب عدم تصريح عبد المومن خليفة، بالفروع التابعة للمجمع والتي "لم يتم التصريح بهم لدى بنك الجزائر"، تساءل عن الأساس الذي ارتكز عليه المتهم في طلب إعادة تمويل بنكه "في حين أن البنك تجاوز النسبة الدنيا للإفلاس بكثير"، مضيفا بأن اللجنة المصرفية قامت بدورها القانوني في إقرار سحب الاعتماد من هذا البنك الذي وصل إلى وضعية عدم القدرة على الدفع، واتبعت في ذلك كافة الإجراءات القانونية بما فيها تبليغ المساهمين
ليخلص دفاع بنك الجزائر في مرافعته إلى أنه "لا يمكن أن نقول أن بنك الجزائر أو اللجنة المصرفية قصرا في دورهما، بما فيه دور إبلاغ النيابة العامة حول ما كان يحدث من مخالفات للقانون في بنك الخليفة"، مشيرا إلى أنه بالرغم من ذلك فإن سمعة بنك الجزائر اهتزت "ولذلك نطالب اليوم المتهم بالتعويض له عن الضرر المعنوي الذي سببه له".

مستندا إلى المادة 119 مكرر من قانون العقوبات: ممثل الحق العام يطلب تشديد العقوبة على 4 متهمين


قدم ممثل الحق العام في محاكمة قضية بنك الخليفة بعد النقض، لهيئة محكمة الجنايات بالبليدة، عارضة تتضمن أسئلة احتياطية تخص 4 متهمين في القضية، مطالبا من خلالها تشديد العقوبة عليهم لاعتبارهم أصحاب مسؤوليات مباشرة في بنك الخليفة.
وذكر ممثل الحق العام محمد زرق الرأس، في افتتاح جلسة أمس، من المحاكمة بأن المتهمين "بلعيد.ك" الذي كان يشغل منصب مدير وكالة البليدة، و"اعمر. م" الذي كان على رأس الشراقة و"فيصل.ز" مدير وكالة المذابح بحسين داي، فضلا عن المدعو "مولود. ت" مدير المحاسبة بالصندوق الرئيسي، متابعين أيضا بتهمة التزوير في المحررات المصرفية، ما يستدعي طرح أسئلة احتياطية عليهم تخص مضاعفة العقوبة باعتبارهم متهمين بإهمال المهام المنوطة بهم.
وأوضح النائب العام في سياق متصل بأنه بالنسبة للمتهم "مولود.ت" فإن النيابة العامة تقدمت باستجوابه باعتباره كان يشغل منصب مدير المحاسبة بالبنك محل المتابعة، طبقا للمادة 119 مكرر من قانون العقوبات، التي تتحدث عن "تضييع الوثائق والمحررات المصرفية وإهمالها"، حيث تنص على عقوبة محددة بالنسبة لأي مخالف عادي، فيما تشدد ذات المادة في فقرتها الثانية العقوبة في حال كان المخالف له صفة البنكي..
ومن جهته ذكر القاضي منور عنتر، إلى أن الأسئلة الاحتياطية يتم طرحها في الجلسة التي تسبق مرافعات الأطراف المدنية، فيما يمكن التعقيب عليها خلال مرافعات هؤلاء ومرافعات ممثلي الدفاع، فيما أعلن القاضي في سياق ذي صلة رفض هيئة المحكمة بعد المحاكمة من دون حضور القضاة الشعبيين، عارضة الأسئلة الاحتياطية التي تقدم بها دفاع بنك الجزائر، وذلك بمبرر انعدام الصفة. مع الإشارة إلى أن دفاع بنك الجزائر طلب في عارضته التي تقدم بها إلى هيئة المحكمة، بالاستناد إلى المادة 196 من قانون النقد والقرض لإدانة المتابعين بتهمة التزوير في المحررات المصرفية في حال عدم تثبيت التهمة بالارتكاز على قانون العقوبات. وتجدر الإشارة إلى أن قرار قبول أو رفض الأسئلة الاحتياطية يعود لرئيس هيئة المحكمة وحده والذي يمكنه أن يعرض العارضة المقدمة بخصوصها إلى المداولة لقبولها أو رفضها من حيث الشكل.